ظريفة علييفا طبيبة العيون التي أنارت حياة الأذربيجانيين
مسيرة حياة حافلة بالجهد والعطاء والإبداع، ومساهمات لا تعد ولا تحصى، تلك التي عاشتها وقدمتها الراحلة ظريفة علييفا، والتي قدمت إسهامات عظيمة في مجال طب العيون، كان لها عظيم الأثر في تطور وتقدم هذا القطاع الطبي الحيوي في بلادها.
ظريفة عزيز محمد كريم علييفا، ابنة طبيب معروف ورجل دولة وشريكة حياة الرئيس الراحل زعيم الأمة حيدر علييف، وأم فخامة الرئيس الحالي إلهام علييف، ولدت يوم 28 أبريل من عام 1923 في قرية شاهتختي التابعة لمحافظة شرور في جمهورية أذربيجان السوفياتية، والتحقت بجامعة الطب عام 1942 وتخرجت فيها عام 1947، بعد ذلك بدأت تنخرط في معهد طب العيون، ففي ذلك الوقت كان مرض الحثار (تراخوما) منتشراً انتشاراً واسعاً في أغلبية ربوع أذربيجان.
شاركت الراحلة ظريفة عزيز محمد كريم علييفا عن قرب في مكافحة هذا المرض المتفشي وعلاج المرضى، ولأنها كانت بحاجة إلى مزيد من المهارات، قامت بتدريب متقدم لتلبية احتياجات المرضى، وفي عام 1947 توجهت إلى معهد تحسين أداء الأطباء في موسكو، وبعد العودة إلى البلاد بذلت الراحلة مجهودات جبارة في القضاء على مرض الحثار.
وفي عام 1949 دخلت الخدمة في معهد الدراسات لأمراض العيون في العاصمة باكو، كونها باحثة علمية، وتضمنت بواكير دراساتها الطبية أمراض العيون المعدية وخاصة تلك التي تنجم عن عمليات الإنتاج في مختلف مصانع السلع الكيماوية والإلكترونيات، وفي العام ذاته التحقت بالدراسات العليا لكي تعمق معارفها النظرية في مجال الطب.
كان لإسهامات الراحلة في مجال طب العيون إسهام منقطع النظير، حيث أجرت بحوثا كثيرة في مرض الحثار (تراخوما) واستعمال المضادات في علاجها وآثار العملية الإنتاجية في بعض المصانع، خاصة في صناعة الإلكترونيات والكيماويات على عيون العاملين وطرق الوقاية منها وعلاجها، ونتيجةً للدراسات التي أجرتها في مجال علاج مرض الحثار توفقت في إعداد أطروحة الدكتوراه في الموضوع نفسه ودافعت عنها بنجاح.
وفي الفترة بين عامي 1960-1967 نشطت الطبيبة العلامة في معهد طب العيون بباكو ومن عام 1967 عملت محاضرة في أمراض العيون في معهد تدريب الأطباء، تزامن نشاطها مع التركيز على البحوث في مرض الماء الأزرق، وفي 1977 دافعت عن أطروحة علمية تحت عنوان «وضع عيون العاملين في عدد من مؤسسات إنتاج السلع الكيماوية في أذربيجان» ولقيت تقديراً مهماً من الأطباء المشاركين، وفي عام 1983 عًيّنت مديرة للكرسي الذي كانت تعمل فيه.
وانشغلت الطبيبة الفذة منذ عام 1967 بدراسة علم أمراض أعضاء البصر وأجرت تجارب وبحوثاً ميدانية ومخبرية في مصانع باكو وسومقائت بين العاملين، وتوصلت إلى تعرية حقائق عن تأثيرات الإنتاج الكيماوي والإلكتروني على عيون العمال.
تعد الأكاديمية الراحلة صاحبة عدد من البحوث بشأن المسائل الملحة لطب العيون، ولها بحوث علمية في أسس تحليل بؤبؤة العين، و12 مرجعاً وكتاباً علمياً ووسائل مدرسية و150 دراسة طبية وعلمية، ولم تألُ الراحلة جهداً في تنشئة وإعداد الكوادر الكفؤة في مجال الصحة، وكانت الأستاذة ظريفة علييفا عضواً في مجلس الإدارة لجمعية أطباء العيون في الاتحاد السوفياتي وعضواً في لجنة حفظ السلام ومجلس إدارة أطباء العيون في أذربيجان ورئاسة تحرير مجلة «أخبار طب العيون» التي كانت تصدر في موسكو. وابتداءً من عام 1968 باشرت الطبيبة بصورة متفانية دراسة علم أمراض الجهاز العصبي، وفي هذه السنوات أجرت الراحلة تجارب كثيرة في مختبرات هذا النوع من المؤسسات الإنتاجية، وبفضل هذه التجارب تمكنت من اكتشاف أهم الأعراض الضارة الناجمة عن هذه الأنشطة الصناعية والبحوث التي تحمل في طياتها قيمة علمية كبيرة والتي نشرت في مختلف المجلات العلمية والطبية ومنها «أمراض العيون الناجمة عن العمل في مؤسسات صناعة العجلة المطاطية»، و«طب العيون بالنسبة للتسمم المزمن في صناعة اليوديوم»، و«وقاية العيون من الأمراض في صناعة اليوديوم»، و«الخصائص التشريحية والفيزيولوجية للنظام الهدرودينامكية للعين»، و«تغير الأعصاب البصرية في العين بسبب السن»، و«فيزيولوجيا تدمع العين».
وحازت بفضل خدماتها في سبيل الطب جوائز وميداليات وأوسمة كثيرة أبرزها جائزة آفيرباخ لأكاديمية الطب للاتحاد السوفياتي عام 1981، وكذلك تقديراً لاسهاماتها في الطب والعلم اختيرت عام 1983 عضواً للأكاديمية الوطنية للعلوم.
للراحلة مؤلفات طبية ذات قيمة علمية عظيمة تستخدم كوسائل مدرسية في الجامعات وهي: «طب العيون العلاجي» و«أسس تشخيصات البؤبؤة».
رحلت الأستاذة ظريفة علييفا في أبريل من عام 1985 في موسكو ودفنت فيها، وبعد 10 سنوات تم نقل رفاتها عام 1995 إلى باكو ودفن في مقبرة الشرف.
* أميل كريموف سفير أذربيجان لدى الكويت.