الجريدة• في ضيافة المركز الإقليمي لـ «الناتو»
• الجيران: أهم أهدافنا تسهيل الحوار السياسي بين دول الحلف وشركائهم في المنطقة
• نورا إليز بيك: أكبر التحديات الأمنية للحلف روسيا والإرهاب بكل أشكاله
• احتفلتم في بداية هذا العام بمرور 6 سنوات على تدشين المركز الإقليمي لمنظمة حلف شمال الاطلسي (الناتو) لدى الكويت، كيف ترون التعاون بين الكويت والناتو؟ وما آفاق العلاقات بين الكويت والحلف؟
- الجيران: يعتبر تعزيز التعاون والعلاقات مع الحلف هو المهمة الأولى لنا في المركز، وأهم أهداف المركز تسهيل الحوار السياسي بين دول الحلف وشركائهم في منطقة الخليج العربي، وخلق منصة لمناقشة والتباحث حول التحديات الأمنية على المستويين العالمي والإقليمي، والهدف من ذلك هو تنمية الفهم المشترك وتقريب وجهات النظر بين الأطراف ذات الصلة.
وكذلك من أهم أهدافنا إيجاد وتحديد فرص للتعاون العملي من خلال تقديم التعليم والتدريب الفعال ذي الكفاءة العالية من قبل مدربين ومعلمين من دول الحلف، كما نسعى إلى رفع مستوى الوعي عند العامة حول حلف الناتو والشراكة مع مبادرة إسطنبول للتعاون.
أما من ناحية الإنجازات فنحن منذ 2017 حتى اليوم شارك ما يفوق الـ2500 شخص في البرامج التدريبية وفي فعاليات المركز، فقد عقدنا 48 برنامجاً تدريبياً إضافة إلى 40 فعالية تندرج ضمنها ورش العمل والمؤتمرات واجتماعات على مستوى السفراء والمناصب العليا العسكرية والمدنية، يحضرها دائما المدنيون والعسكريون، ولا تقتصر برامجنا وفعالياتنا على الجهات الأمنية أو العسكرية فقط.
كما أن المركز يقيم مؤتمرات وفعاليات وبرامج يشارك فيها أشخاص من دول «مبادرة إسطنبول للتعاون»، وهي إضافة إلى الكويت البحرين وقطر والإمارات، إضافة إلى بقية دول مجلس التعاون الخليجي، ومنذ أواخر العام الماضي، وللمرة الأولى منذ افتتاح المركز، دعونا في فعالياتنا شركاء الحلف الذين لهم تمثيل دبلوماسي لدى الكويت، مثل الأردن والمغرب واليابان وكوريا وتونس والنمسا وأستراليا وسويسرا.
أما فيما يخص البرامج التدريبية والفعاليات فإن أهم أهداف عقد هذه البرامج والفعاليات هي تطوير القدرات الوطنية في المجالات المختصة، وتبادل الخبرات ما بين الدول المبادرة والسعودية وسلطنة عمان مع دول الحلف. والمستفيدون من البرامج ومن فعاليات المركز هم غالبا المؤسسات الحكومية مثل وزارتي الداخلية والدفاع والحرس الوطني وقوة الإطفاء العامة ووزارة الخارجية، كما لدينا تعاون مع هيئة الاتصالات ووزارة الصحة والطيران المدني وغيرها من الجهات الحكومية الأخرى.
- بيك: من أهم الإنجازات التي حققناها في بداية هذه السنة هو عملنا مع بعض الشركاء لمراجعة رؤية المركز، أي أن يكون المركز منتدى إقليميا للشراكة والتعاون بخصوص القضايا الأمنية ما بين الناتو ومنطقة الخليج عن طريق الحوار السياسي والتعليم والتدريب والدبلوماسية العامة.
وشراكتنا مع الكويت مميزة بالفعل، فمثلا أنا ممثلة الحلف الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لذلك يمكنك رؤية ومعرفة مدى أهمية الحلف، ليس فقط للكويت، إذ إن هذا المركز مسؤول عن 4 دول هي: الإمارات والبحرين والكويت وقطر، من خلال مبادرة اسمها «مبادرة اسطنبول للتعاون»، والمركز مفتوح لهذه الدول الأربع، حيث يتم التنسيق معهم فيما يتعلق بالعمل والأنشطة والدورات التي يقيمها المركز، كما لدينا عمان والسعودية، رغم أنهما ليسا شريكين رسميين للحلف، ولكن بإمكانهما المشاركة في أنشطة المركز، فهذا المركز في الكويت بالنسبة لحلف شمال الأطلسي هو مثل الباب للمنطقة It s NATO S home in the region.
استضافة الكويت للمقر
• ما أسباب اختيار الكويت لتكون مقرا للناتو رغم أنها ليست ضمن حلف الناتو؟
- الجيران: في البداية أود أن أوضح أن فكرة إنشاء المركز في الكويت هي مبادرة كويتية، حيث كان هناك توجه سياسي وحكومي لاستقطاب المنظمات الدولية ووجودها في الكويت، إضافة إلى بناء وتعزيز التحالفات والشراكات، ولذلك سعينا في جهاز الامن الوطني، الذي كلف بتولي ملف التعاون مع الحلف في سبتمبر 2004، بتوجيهات مباشرة من سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، طيب الله ثراه، بالعمل على تعزيز العلاقة، وفكرة المركز تأتي في هذا السياق.
ونظرا للعلاقة المميزة لدولة الكويت مع الحلف، خصوصا أنها كانت أول دولة انضمت إلى مبادرة إسطنبول للتعاون في ديسمبر 2004، بالإضافة إلى احتضانها العديد من اجتماعات ومؤتمرات الحلف مع دول المبادرة منذ بداية العلاقة، وتم طرح فكرة مبادرة بناء المركز الإقليمي لمنظمة حلف شمال الأطلسي ومبادرة إسطنبول للتعاون في اجتماع خاص لمجلس شمال الأطلسي مع «دول المبادرة» في بروكسل عام 2012، وتم منح الموافقة في قمة الحلف التي أقيمت بمدينة شيكاغو الأميركية في العام نفسه. والجدير بالذكر أن إدارة المركز الإقليمي لمنظمة حلف شمال الأطلسي ومبادرة إسطنبول للتعاون هي إدارة من إدارات جهاز الامن الوطني الكويتي.
- بيك: ثمة اتفاقية بين الكويت والناتو، وبناء عليها تمت اقامة هذا المركز، ليكون مركزاً إقليمياً تابعاً للحلف الذي يقع مقره في بروكسل ببلجيكا، وعدد دول الحلف اليوم أصبح 31، مع انضمام فنلندا اليه، وأي قرار يريد أن يتخذه الحلف يجب أن يتم بموافقة هذه الدول الـ31، وكل سنة يعقد الناتو قمة، وهذا العام ستعقد القمة في ليتوانيا، والعام المقبل في واشنطن، وهذا ما حصل في عام 2012 عندما اجتمع رؤساء دول الحلف ووافقوا على مقترح الكويت بإقامة هذا المركز الإقليمي هنا، وتم افتتاحه عام 2017 رسميا.
والشراكة مع الكويت وقطر والإمارات والبحرين هي شراكة استراتيجية وتعاونية ممتازة، اضافة إلى السعودية وعمان، وهذا مهم بالنسبة لنا، ونشكر الكويت على استضافتها لنا، لأن هذا القرار مميز جدا.
إدارة الأزمات والطوارئ
• ما دور الحلف في مسألة أمن حدود الكويت ومكافحة الإرهاب؟
- الجيران: نحن في المركز نقدم برامج تدريبية للمساهمة في نقل خبرات 30 دولة (قبل انضمام فنلندا أخيراً) مجتمعة في حلف واحد، بهدف تطوير قدرات الجهات الأمنية والعسكرية والمدنية بشكل عام في المجالات ذات الاهتمام والأولوية لدى المركز، ومن أهم مجالات التعاون التي يعمل عليها المركز هي إدارة الأزمات ومكافحة الإرهاب والتخطيط للطوارئ المدنية، إضافة إلى الأمن السيبراني، الذي يندرج ضمنه مكافحة الإرهاب السيبراني والهجمات السيبرانية، فنحن نقيم دورات تدريبية استراتيجية لبناء القدرات من خلال محاضرات وورش عمل وبرامج تدريبية بمستويات مختلفة، يحصل بعدها الأفراد على شهادات معتمدة من الحلف الأطلسي، كاختصاصي في مجال الأمن السيبراني.
- بيك: نعتبر الإرهاب بكل أشكاله ومظاهره من أكبر التهديدات لأمن الحلف، ولذلك نعتبر أن التعاون مع شركائنا مهم جدا بهذا المجال، ونقوم بتوفير دورات تدريبية لشركائنا في هذا المجال.
وبعد معرفتنا للاحتياجات المطلوبة من قبل دول المبادرة (الكويت، الإمارات، البحرين، قطر)، من خلال اجتماعات تستضيفها الكويت مرة إلى مرتين في السنة، لأن هذا المركز هو أيضا للمنطقة وليس للكويت فقط، لذلك اسمه المركز الاقليمي، وعندما أتلقى هذه الطلبات أتوجه لكل جهات في الحلف، مثل «مركز التميز» والقيادات العليا المشتركة، بحثا عن الأشخاص المختصين لتوفير هذه الدورات المطلوبة من قبل دول المبادرة.
• كيف يتم تبادل المعلومات بين الناتو ودول الأطراف؟
- الجيران: لدينا اتفاقية خاصة بين الكويت والحلف موقعة في عام 2006 لتبادل المعلومات السرية، ومن خلالها في حال احتاج أحد الطرفين أي معلومة يمكن أن يزود الطرف الآخر بها بناء على هذه الاتفاقية.
التركيز على الشباب
• مركزكم يعمل على 3 محاور: الحوار السياسي والدبلوماسية العامة والتدريب العسكري... ماذا أنجزتم العام الماضي؟ وما خطط عملكم لهذا العام؟
- الجيران: فعّلنا في العام الماضي دور الدبلوماسية العامة بشكل أكبر من خلال عقد الفعاليات والتنويع في المجالات الأساسية التي نعمل عليها، فبعدما كانت لدينا مجالات معينة لا نخرج عن إطارها ذات طابع عسكري، قمنا بإدخال مجال المرأة والأمن والسلام إضافة إلى عقد حلقة نقاشية حول التغيير المناخي، والتي تعتبر في وقتنا الحالي من أهم القضايا الإقليمية والعالمية، وهذه الفعاليات حازت تفاعلا ونجاحا مميزا من الدول المشاركة.
وكذلك فعلنا الدور الآخر في استقطاب الكوادر الطلابية، وأيضا المجلس الشبابي للمركز شرح لهم أهمية المركز في الكويت وإشراكهم في فعالياتنا بشكل مستمر، وخاصة بالجانب المدني، ولم يقتصر الأمر إلى هنا بل قام الحلف بالتعاون مع المركز والجامعة الأميركية في الكويت AUK باستضافة مجموعة من طلبة الجامعة في مقر الحلف بالعاصمة البلجيكية بروكسل على مدى يومين.
- بيك: أقمنا فعالية بحثنا خلالها المفهوم الاستراتيجي الجديد للحلف، وحضرها نائب مساعد الأمين العام للحلف الذي زار الكويت، وتحدث عن هذا المفهوم الجديد، وهذه السنة، أدخلنا فعالية تسمى أحاديث الناتو، وهي سلسلة من 4 فعاليات بالسنة، أي مرة كل 3 أشهر، وكل فعالية تخص موضوعا معينا بالتعاون مع جهة معينة.
وأول فعالية كانت في 20 مارس، مع القوات المسلحة الكندية، وكان الموضوع عسكريا بحتا، وكان من أنجح الفعاليات اللي تمت في المركز من 2017، بحضور سفراء دول الحلف والخليج والدول العربية الشريكة، إضافة إلى الملاحق العسكرية والعسكريين، وأيضا كان هناك حضور لأشخاص عسكريين متقاعدين برتبة لواء أو فريق، ومن أهم الأمور التي نريد التركيز عليها هي الشباب والأكاديميين.
ولأن موضوع الشباب هو من أهم الأمور التي يركز عليها «الناتو» في هذا الوقت فقد قررنا أن تكون فعالية أحاديث الحلف المقبلة بالتعاون مع «مجلس الشباب الكويتي»، واتفقنا على عنوان لهذه الفعالية وهو «الشباب والأمن والسلام»، ونحن في طور التنسيق.
و الفكرة من «أحاديث الناتو» هي أن تكون مناقشة مفتوحة غير تقليدية، بمشاركة وحضور ومقدم لهذه الفعالية، ويمكن للحضور طرح أسئلتهم والتفاعل مع المشاركين.
• هل ثمة تعاون في مجال البحوث بين المركز والكويت؟
- الجيران: أقمنا تعاونا بين AUK، بالتعاون مع المركز الجنوبي الاستراتيجي التابع للحلف، والمركز في مجال الأمن البحري وأمن الطاقة، وتم نشر ورقتين بحثيتين في موقع المركز الجنوبي الاستراتيجي، وهذا كان أول تعاون بحثي بين الحلف والكويت، كما توجد مشاريع حالية ومستقبلية مع معهد الكويت للأبحاث العلمية، ونتطلع للتعاون مع مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، والتوسع للتعاون مع المراكز البحثية في دول المبادرة والسعودية وعمان.
تحديات أمنية
• ما التحديات الأمنية التي تواجه الحلف؟
- بيك: أكبر التحديات الأمنية حاليا للحلف هي روسيا، بسبب الأزمة الأوكرانية، وعلى النحو المبيّن في المفهوم الاستراتيجي الجديد لحلف الناتو، أما التحدي الثاني فهو الإرهاب بكل أشكاله.
ولكي يواجه الحلف هذه التحديات يحاول تعزيز كل أنواع الشراكة حول العالم وليس فقط التركيز على المناطق التي فيها حروب موجودة، لذلك الحوار السياسي لنا هو أمر مهم جدا، وخصوصا التعاون مع بلدان منطقة شمال افريقيا والأوسط، وتحديدا في مجال مكافحة الإرهاب، حيث نوفر دورات تدريبية لشركائنا لكي نتعاون في هذه المجالات.
وهناك مجال ثالث هو التغير المناخي، لأنه تحد يواجه الجميع وليس لمنطقة جغرافية معينة، ونتعاون فيه من خلال توفير خبراتنا، ونتعلم في الوقت نفسه من الكويت ومن دول الخليج، نظرا لأن لديهم خبرة طويلة في كيفية التعامل مع درجات الحرارة المرتفعة والرطوبة والغبار، وكل التغيرات المناخية التي تؤثر على المعدات... إذن هي عملية تبادل الخبرات بين الطرفين.
• هل تتخوفون من تداعيات أمنية وإقليمية بسب التغير المناخي على أمن منطقة الخليج ومناطق الحلف؟
- بيك: التغير المناخي يؤثر على النزاعات، مثل نقص الماء ونقص التربة المثمرة، والتي يمكن الزراعة بها لتوفير الأمن الغذائي.
• الكويت شريك استراتيجي لحلف الناتو منذ عام 2004، فهل سنشهد يوما ما انضمام الكويت إلى صفوف الحلف؟
- بيك: الكويت شريك، ولن تصبح حليفا، لأن معاهدة حلف شمال الأطلسي تفرض أن يكون دول الأعضاء جغرافيا من منطقة أوروبا وأميركا، إذن جغرافيا ليس بإمكان الكويت أو أي دولة من المنطقة العربية أو من إفريقيا أو آسيا أن تصبح حليفا، وإنما شريك، والكويت شريك استراتيجي مهم جدا، والتعاون بين الحلف والكويت قوي وطويل.
• ما دور كندا الحالي في مركزكم؟
- الجيران: يمكن لحلفاء الناتو فقط أن يكونوا سفارات نقطة اتصال الناتو، وبما أن كندا تعتبر حليفا مهما جدا للحلف الأطلسي، فإن السفارة الكندية حاليا هي نقطة اتصال سفارات الحلف في الكويت.
ولكل دولة من الدول الحليفة لـ«الناتو» أن تكون هي نقطة اتصال السفارات، وحاليا هي كندا، وقبلها كانت رومانيا، وكل سنتين يتم اختيار سفارة دولة معينة لتتسلم مهمة «نقطة الاتصال»، ويمكن أن يتم التجديد لنفس السفارة مدة مماثلة، كما حصل مع السفارة الرومانية في الكويت التي بقيت نقطة اتصال لمدة 4 سنوات.
ولكل دولة من دول المبادرة نقطة اتصال سفارات، فمثلا في الكويت كما قلنا السفارة الكندية، وفي قطر، ألمانيا، وفي البحرين بريطانيا، وفي الامارات إسبانيا، والسفارات لا تمثل الحلف، وإنما تساعده وخصوصا في مجال الدبلوماسية العامة والتنسيق.
• هل يمكن أن نشهد انضمام السعودية وعمان إلى مبادرة اسطنبول للتعاون؟
- الجيران: رغم عدم وجود أي مؤشر لاحتمال انضمام هاتين الدولتين إلى المبادرة لكنهما من أكثر الدول المشاركة في البرامج التدريبية، وفي حضور الفعاليات بالمركز، ولهما علاقات ثنائية ممتازة مع غالبية دول الحلف، والانضمام من عدمه يعتبر أولا وأخيرا أمرا سياديا للدول.
• كم عدد أقسام المركز؟
- الجيران: يوجد في المركز قسمان: التنسيق الإداري والشراكة، وأنا فعليا رئيسة قسم الشراكة بالأصالة، والآن أصبحت مديرة مركز الحلف بالندب، فالتنسيق الإداري هو التنسيق بين عملنا في قسم الشراكة وتسهيل الأمور اللوجستية.