الجفاف والحر يضربان إسبانيا
بلغت ذروتها في قرطبة بـ38.8 درجة مئوية
طرق فصل الصيف بقوة الأبواب في إسبانيا في شهر أبريل مع درجات حرارة استثنائية في هذه الفترة من السنة تأتي بعد جفاف طويلة تهدد المحاصيل الزراعية والغابات وحياة السكان وصحتهم.
وسجلت درجات الحرارة أرقاماً قياسية في هذا الشهر في جميع المناطق الإسبانية محققة ذروتها في محافظة قرطبة الأندلسية مع 38.8 درجة مئوية هي الأعلى في الشهر الرابع من العام في التاريخ لتحطيم الرقم القياسي السابق عند 34.5 درجة مئوية في شهر أبريل من عام 1945.
وتؤكد وكالة الأرصاد الجوية الإسبانية أن درجات الحرارة في شهر أبريل تجاوزت بواقع 15 درجة مئوية المتوسط لشهر مايو، لافتة إلى أنها درجات حرارة تتناسب مع شهر يوليو وليس فصل الربيع.
ويتزامن ارتفاع درجات الحرارة مع ندرة الأمطار وحالة الجفاف الطويلة التي تُعاني منها إسبانيا بعد إغلاق السنة الهيدرولوجية 2021-2022 بصفتها ثالث أكثر سنة جفافاً منذ بدء السجلات التاريخية في عام 1961 مع نسبة أمطار أقل بنحو 23 بالمئة من النسبة العادية وذلك وفق بيانات وكالة الأرصاد الوطنية.
أما في السنة الهيدرولوجية الحالية التي بدأت في الأول من أكتوبر الماضي وحتى 25 أبريل 2023 فإن متوسط نسبة هطول الأمطار بلغ 334 لتراً للمتر المربع (ملم) أي بنسبة 24 بالمئة أقل من المتوقع (455 ملم) مع الأخذ بعين الاعتبار بيانات الفترة 1991-2020.
المياه
ويتزايد القلق بالنظر إلى تراجع احتياطي المياه حيث تكتزن الخزانات في إسبانيا 50.1% من طاقتها مقارنة بمتوسط 68.3 بالمئة في العقد الأخير بينما تعُد «الأندلس» و«كتالونيا» الأكثر تضرراً.
ولفت المتحدث باسم وكالة الأرصاد الجوية الإسبانية روبين ديل كامبو إلى أن إسبانيا دخلت في شهر ديسمبر الماضي موجة جفاف طويلة الأجل بعد 36 شهراً متتالياً من تراجع هطول الأمطار، لافتاً إلى أن الوضع يزداد تأزماً شهراً بعد شهر.
وفي هذا السياق، حذّر وزير الزراعة والثروة السمكية والأغذية لويس بلاناس في مقابلة مع التلفزيون الإسباني الرسمي من «وضع غير مسبوق» بسبب نقص المياه الذي تمر به إسبانيا والذي يهدد الإنتاج الزراعي والحيواني، لافتاً إلى انه هناك مناطق لم تمطر فيها السماء منذ 127 يوماً.
وتُشير الجهة المنسقة لمنظمات المزارعين ومربي الماشية في تقريرها الصادر في شهر أبريل الحالي إلى ان الجفاف يخنق 60 بالمئة من المحاصيل الإسبانية، لافتا إلى أنه تسبب حتى الآن في خسارة أكثر من 3.5 ملايين هكتار من الحبوب البعلية (التي تعتمد على مياه الامطار) فيما أشار على وجه الخصوص بخسارة معظم محصول القمح والشعير في «الأندلس» وخمسة أقاليم إسبانية أخرى.
ولفت البيان إلى أن الزيتون قد يكون الضحية التالية للجفاف ما لم تمطر في شهر مايو، محذراً من توديع المحصول بأكمله إن لم تزهر الأشجار خلال الشهر الحالي في الوقت الذي أكد فيه أن الزراعة المروية تشهد بدورها تهديدات كبيرة بسبب القيود المفروضة على إمدادات المياه ولاسيما مع تواجد 27%من الأراضي الإسبانية في حالة تأهب أو في حالة طوارئ بسبب ندرة المياه.
وتسلط هذه الجهة الضوء أيضاً على آثار الجفاف على تربية المواشي، لافتة إلى ان ندرة الأمطار تسببت في انحسار المراعي ما يجبر المزارعين على شراء الأعلاف التي شهدت بدورها ارتفاعاً كبيراً في الأسعار منذ السنة الماضية.
كذلك يؤثر الجفاف على النحالين حيث يؤكد البيان أن انكماش الغطاء النباتي والأزهار في الجبال لا يوفر الغذاء الكافي للنحل لإنتاج العسل، لافتاً إلى أن هذا قد يكون الموسم الثالث على التوالي بدون محصول للمهنيين في القطاع.
وسيكون لذلك تأثيراً كبيراً ومباشراً على أسعار المواد الغذائية مثل اللحوم والخضروات والبقوليات والحبوب التي شهدت ارتفاعاً في العام الماضي بسبب الحرب في أوكرانيا غير أن الأزمة هذا العام ستكون بسبب نقص المنتجات وانخفاض العرض.
ويشهد التضخم في أسعار المواد الغذائية ارتفاعاً كبيراً منذ أشهر عدة وبلغ 16.5% في شهر أبريل الماضي على أساس سنوي مع ارتفاع سعر زيت الزيتون مثلا بنسبة 32% والخبز بنسبة 13% والبيض بنسبة 25% واللحوم 10%.
الحرائق
أما الخطر الآخر الذي يهدد البلاد وثراءها البيولوجي فهو ازدياد خطر اندلاع الحرائق لاسيما عند اتحاد عوامل الجفاف مع الضغط الحراري والرياح لتشكيل العاصفة المثالية لتدمير الغطاء النباتي.
وقد بدأ موسم حرائق 2023 مبكراً إذ دمرت الحرائق أكثر من 57 ألف هكتاراً من الغابات والاحراج منذ 28 فبراير الماضي وفق بيانات وزارة التحول البيئي والديمغرافي وقد سجلت البلاد في مارس الماضي أسوأ بيانات في الشهر الثالث من العام منذ 2008 مع تدمير 48 ألف هكتار.
ويأتي ذلك بعد عام 2022 الذي صنف الأسوأ في القرن من حيث الحرائق التي دمرت نحو 310 ألف هكتاراً من الغابات، علماً أن الأشهر السبعة الأولى من العام الماضي كانت كافية لتحطيم الرقم القياسي السابق في عام 2012 الذي كان الأسوأ حتى تلك اللحظة.
ولعل أهم المخاطر يتجسد في تأثير تلك الظروف على حياة الإنسان نفسه حيث يُشير نظام مراقبة الوفيات التابع لوزارة الصحة الإسبانية إلى أن ما يزيد عند 4700 حالة وفاة في عام 2022 الذي شهد ثلاث موجات حر طويلة كانت مرتبطة بارتفاع درجات الحرارة بين نهاية شهر أبريل وبداية سبتمبر.
ويُشير نظام المراقبة إلى أن 3800 حالة وفاة منها سجلت في شهري مايو وأغسطس من العام الماضي ما يُمثّل ارتفاعاً كبير مقارنة بـ 1447 وفاة لأسباب تعزى إلى ارتفاع درجات الحرارة في عام 2021 أكثر من نصفها في شهر أغسطس وحده.
جنوب القارة العجوز
ولا تُعاني إسبانيا وحدها من آثار تغير المناخ بل جيرانها جنوبي القارة العجوز بينهم البرتغال التي سجلت يوم الخميس الماضي أعلى درجة حرارة في شهر أبريل منذ 78 عاماً مع 36.9 درجة مئوية في مدينة مورا بمحافظة إيفورا بوسط البلاد وفق المعهد الوطني للأرصاد الجوية.
ولمحاولة التكيف مع التغيرات المناخية الجديدة والتقليل من آثارها على المدى القصير لجأت الحكومة الإسبانية إلى تطبيق تخفيض بنسبة 25% من ضريبة الدخل الشخصي لمساعدة 800 ألف مزارع ومربي ماشية هذا العام.
من جهة أخرى، بدأ الحديث عن ضرورة تكييف البيئات الحضرية مع مستقبل أكثر حرارة وذلك بزيادة عدد الأشجار وتقليل مساحات الإسفلت ونشر المظلات في الشوارع.
وبدورها، أعلنت وزارة الصحة تقديم حملة مكافحة الحر بما يتيح لحكومات الأقاليم ذات الحكم المستقل اتخاذ الإجراءات التي تراها ضرورية مثل تكييف ساعات الدراسة والعمل ورفع وتيرة المواصلات العامة مثل مترو الأنفاق وتعزيز الجهود في مراكز العناية الصحية وتوعية السكان.
وتُشير التوقعات إلى ان الفترة بين مايو وأغسطس المقبلين ستجلب معها درجات حرارة أعلى بكثير من المعتاد وسيكون الطقس أكثر سخونة في جميع المناطق الإسبانية.
وإن كانت مختلف الدراسات والهيئات الإقليمية والدولية تحذر من خطرالجفاف لاسيما في أوروبا حيث ترتفع درجة الحرارة أسرع بمرتين من المتوسط العالمي والتي شهدت في العام الماضي أكثر مواسم الصيف حرا على الإطلاق منذ بدء تسجيل البيانات في 1950 فإن هناك حاجة ملحة لتدخل سريع لتجنب أزمة جديدة مختلفة المعالم عن سابقاتها.
وسجلت درجات الحرارة أرقاماً قياسية في هذا الشهر في جميع المناطق الإسبانية محققة ذروتها في محافظة قرطبة الأندلسية مع 38.8 درجة مئوية هي الأعلى في الشهر الرابع من العام في التاريخ لتحطيم الرقم القياسي السابق عند 34.5 درجة مئوية في شهر أبريل من عام 1945.
وتؤكد وكالة الأرصاد الجوية الإسبانية أن درجات الحرارة في شهر أبريل تجاوزت بواقع 15 درجة مئوية المتوسط لشهر مايو، لافتة إلى أنها درجات حرارة تتناسب مع شهر يوليو وليس فصل الربيع.
ويتزامن ارتفاع درجات الحرارة مع ندرة الأمطار وحالة الجفاف الطويلة التي تُعاني منها إسبانيا بعد إغلاق السنة الهيدرولوجية 2021-2022 بصفتها ثالث أكثر سنة جفافاً منذ بدء السجلات التاريخية في عام 1961 مع نسبة أمطار أقل بنحو 23 بالمئة من النسبة العادية وذلك وفق بيانات وكالة الأرصاد الوطنية.
أما في السنة الهيدرولوجية الحالية التي بدأت في الأول من أكتوبر الماضي وحتى 25 أبريل 2023 فإن متوسط نسبة هطول الأمطار بلغ 334 لتراً للمتر المربع (ملم) أي بنسبة 24 بالمئة أقل من المتوقع (455 ملم) مع الأخذ بعين الاعتبار بيانات الفترة 1991-2020.
المياه
ويتزايد القلق بالنظر إلى تراجع احتياطي المياه حيث تكتزن الخزانات في إسبانيا 50.1% من طاقتها مقارنة بمتوسط 68.3 بالمئة في العقد الأخير بينما تعُد «الأندلس» و«كتالونيا» الأكثر تضرراً.
ولفت المتحدث باسم وكالة الأرصاد الجوية الإسبانية روبين ديل كامبو إلى أن إسبانيا دخلت في شهر ديسمبر الماضي موجة جفاف طويلة الأجل بعد 36 شهراً متتالياً من تراجع هطول الأمطار، لافتاً إلى أن الوضع يزداد تأزماً شهراً بعد شهر.
وفي هذا السياق، حذّر وزير الزراعة والثروة السمكية والأغذية لويس بلاناس في مقابلة مع التلفزيون الإسباني الرسمي من «وضع غير مسبوق» بسبب نقص المياه الذي تمر به إسبانيا والذي يهدد الإنتاج الزراعي والحيواني، لافتاً إلى انه هناك مناطق لم تمطر فيها السماء منذ 127 يوماً.
وتُشير الجهة المنسقة لمنظمات المزارعين ومربي الماشية في تقريرها الصادر في شهر أبريل الحالي إلى ان الجفاف يخنق 60 بالمئة من المحاصيل الإسبانية، لافتا إلى أنه تسبب حتى الآن في خسارة أكثر من 3.5 ملايين هكتار من الحبوب البعلية (التي تعتمد على مياه الامطار) فيما أشار على وجه الخصوص بخسارة معظم محصول القمح والشعير في «الأندلس» وخمسة أقاليم إسبانية أخرى.
ولفت البيان إلى أن الزيتون قد يكون الضحية التالية للجفاف ما لم تمطر في شهر مايو، محذراً من توديع المحصول بأكمله إن لم تزهر الأشجار خلال الشهر الحالي في الوقت الذي أكد فيه أن الزراعة المروية تشهد بدورها تهديدات كبيرة بسبب القيود المفروضة على إمدادات المياه ولاسيما مع تواجد 27%من الأراضي الإسبانية في حالة تأهب أو في حالة طوارئ بسبب ندرة المياه.
وتسلط هذه الجهة الضوء أيضاً على آثار الجفاف على تربية المواشي، لافتة إلى ان ندرة الأمطار تسببت في انحسار المراعي ما يجبر المزارعين على شراء الأعلاف التي شهدت بدورها ارتفاعاً كبيراً في الأسعار منذ السنة الماضية.
كذلك يؤثر الجفاف على النحالين حيث يؤكد البيان أن انكماش الغطاء النباتي والأزهار في الجبال لا يوفر الغذاء الكافي للنحل لإنتاج العسل، لافتاً إلى أن هذا قد يكون الموسم الثالث على التوالي بدون محصول للمهنيين في القطاع.
وسيكون لذلك تأثيراً كبيراً ومباشراً على أسعار المواد الغذائية مثل اللحوم والخضروات والبقوليات والحبوب التي شهدت ارتفاعاً في العام الماضي بسبب الحرب في أوكرانيا غير أن الأزمة هذا العام ستكون بسبب نقص المنتجات وانخفاض العرض.
ويشهد التضخم في أسعار المواد الغذائية ارتفاعاً كبيراً منذ أشهر عدة وبلغ 16.5% في شهر أبريل الماضي على أساس سنوي مع ارتفاع سعر زيت الزيتون مثلا بنسبة 32% والخبز بنسبة 13% والبيض بنسبة 25% واللحوم 10%.
الحرائق
أما الخطر الآخر الذي يهدد البلاد وثراءها البيولوجي فهو ازدياد خطر اندلاع الحرائق لاسيما عند اتحاد عوامل الجفاف مع الضغط الحراري والرياح لتشكيل العاصفة المثالية لتدمير الغطاء النباتي.
وقد بدأ موسم حرائق 2023 مبكراً إذ دمرت الحرائق أكثر من 57 ألف هكتاراً من الغابات والاحراج منذ 28 فبراير الماضي وفق بيانات وزارة التحول البيئي والديمغرافي وقد سجلت البلاد في مارس الماضي أسوأ بيانات في الشهر الثالث من العام منذ 2008 مع تدمير 48 ألف هكتار.
ويأتي ذلك بعد عام 2022 الذي صنف الأسوأ في القرن من حيث الحرائق التي دمرت نحو 310 ألف هكتاراً من الغابات، علماً أن الأشهر السبعة الأولى من العام الماضي كانت كافية لتحطيم الرقم القياسي السابق في عام 2012 الذي كان الأسوأ حتى تلك اللحظة.
ولعل أهم المخاطر يتجسد في تأثير تلك الظروف على حياة الإنسان نفسه حيث يُشير نظام مراقبة الوفيات التابع لوزارة الصحة الإسبانية إلى أن ما يزيد عند 4700 حالة وفاة في عام 2022 الذي شهد ثلاث موجات حر طويلة كانت مرتبطة بارتفاع درجات الحرارة بين نهاية شهر أبريل وبداية سبتمبر.
ويُشير نظام المراقبة إلى أن 3800 حالة وفاة منها سجلت في شهري مايو وأغسطس من العام الماضي ما يُمثّل ارتفاعاً كبير مقارنة بـ 1447 وفاة لأسباب تعزى إلى ارتفاع درجات الحرارة في عام 2021 أكثر من نصفها في شهر أغسطس وحده.
جنوب القارة العجوز
ولا تُعاني إسبانيا وحدها من آثار تغير المناخ بل جيرانها جنوبي القارة العجوز بينهم البرتغال التي سجلت يوم الخميس الماضي أعلى درجة حرارة في شهر أبريل منذ 78 عاماً مع 36.9 درجة مئوية في مدينة مورا بمحافظة إيفورا بوسط البلاد وفق المعهد الوطني للأرصاد الجوية.
ولمحاولة التكيف مع التغيرات المناخية الجديدة والتقليل من آثارها على المدى القصير لجأت الحكومة الإسبانية إلى تطبيق تخفيض بنسبة 25% من ضريبة الدخل الشخصي لمساعدة 800 ألف مزارع ومربي ماشية هذا العام.
من جهة أخرى، بدأ الحديث عن ضرورة تكييف البيئات الحضرية مع مستقبل أكثر حرارة وذلك بزيادة عدد الأشجار وتقليل مساحات الإسفلت ونشر المظلات في الشوارع.
وبدورها، أعلنت وزارة الصحة تقديم حملة مكافحة الحر بما يتيح لحكومات الأقاليم ذات الحكم المستقل اتخاذ الإجراءات التي تراها ضرورية مثل تكييف ساعات الدراسة والعمل ورفع وتيرة المواصلات العامة مثل مترو الأنفاق وتعزيز الجهود في مراكز العناية الصحية وتوعية السكان.
وتُشير التوقعات إلى ان الفترة بين مايو وأغسطس المقبلين ستجلب معها درجات حرارة أعلى بكثير من المعتاد وسيكون الطقس أكثر سخونة في جميع المناطق الإسبانية.
وإن كانت مختلف الدراسات والهيئات الإقليمية والدولية تحذر من خطرالجفاف لاسيما في أوروبا حيث ترتفع درجة الحرارة أسرع بمرتين من المتوسط العالمي والتي شهدت في العام الماضي أكثر مواسم الصيف حرا على الإطلاق منذ بدء تسجيل البيانات في 1950 فإن هناك حاجة ملحة لتدخل سريع لتجنب أزمة جديدة مختلفة المعالم عن سابقاتها.