في خضم المواجهة المفتوحة بالسودان وفشل كل محاولات وقف إطلاق النار، أعاد قائد الجيش الجنرال عبدالفتاح البرهان نشر وحدات من شرطة الاحتياطي المركزي في مناطق جنوبي الخرطوم لأول مرة، معلناً البدء تدريجياً بفتح الشوارع وتأمين منطقة السوق المركزية والممتلكات العامة والخاصة وضبط الأمن المنفلت، في خطوة اعتبرها حليفه السابق زعيم قوات الدعم السريع الجنرال محمد حمدان دقلو (حميدتي) محاولة لتوسيع الحرب الدائرة بينهما منذ أسبوعين.
وتعرف قوات الاحتياطي المركزي باسم «أبوطيرة» نسبة إلى الطائر الذي يزين شعارها المميز، وهي قوة قتالية شاركت في قمع الحركات المسلحة في دارفور وبعض مناطق كردفان.
وفي ظل فشل الهدنات الخمس في وقف إطلاق النار، طالبت السعودية البرهان وحميدتي بالتهدئة ووقف كل أشكال التصعيد.
وجدد وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان خلال استقباله مبعوث البرهان الخاص دفع الله علي دعوة الرياض لتغليب المصلحة الوطنية والحفاظ على مقدرات ومكتسبات السودان وشعبه الشقيق.
وبدوره، قال وزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف إن هناك مقترحاً لعقد اجتماع لوزراء خارجية جنوب السودان وكينيا وجيبوتي مع مبعوثين من طرفي النزاع خارج السودان.
وبينما رأى يوسف أن إخفاق الهدنات يرجع إلى غياب التواصل بين طرفي النزاع، مشدداً على ضرورة إيجاد تواصل حقيقي، أعرب عن قلقه من اتساع دائرة النزاع، مؤكداً أن انهيار الدولة السودانية ستكون له نتائج كارثية على القارة الإفريقية.
وأشار إلى أن زيارة رؤساء جنوب السودان وجيبوتي وكينيا إلى الخرطوم ما زالت احتمالاً قائماً، لكن في انتظار تحسن الوضع الأمني هناك.
وفي مصر، أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي، في مؤتمر صحافي مع رئيس وزراء اليابان فوميو كيشيدا، ضرورة الوقف الفوري والدائم والشامل لإطلاق النار في السودان.
داخلياً، حذر المكون المدني ممثلاً برئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك و«الجبهة المدنية» و«العملية السياسية» من خطورة تفاقم النزاع وتحوله إلى أحد أسوأ الحروب الأهلية. وقال حمدوك، خلال ندوة نظمها قطب الاتصالات الملياردير البريطاني ــ السوداني «مو» إبراهيم في نيروبي: «إذا كان السودان سيصل إلى نقطة حرب أهلية حقيقية فإن سورية واليمن وليبيا ستكون مجرد مبارزات صغيرة، وذلك سيشكل كابوساً للعالم وتداعيات كبيرة».
في تفاصيل الخبر:
غداة تأكيد المبعوث الأممي للسودان فولكر بيرتس على أن طرفي الصراع في السودان رشحا مبعوثين لإجراء مفاوضات عسكرية وسياسية محتملة في جدة أو في جوبا، طالبت السعودية قائد الجيش الجنرال عبدالفتاح البرهان وزعيم قوات الدعم السريع الجنرال محمد حمدان دقلو (حميدتي) بالتهدئة ووقف كل أشكال التصعيد.
واستقبل وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، في الرياض أمس، المبعوث الخاص لقائد الجيش السوداني ورئيس مجلس السيادة الانتقالي، السفير دفع الله الحاج علي، وجدد خلال اللقاء دعوة الرياض للتهدئة وتغليب المصلحة الوطنية ووقف كل أشكال التصعيد العسكري، بما يحافظ على مقدرات ومكتسبات السودان وشعبه الشقيق.
ومع استمرار المعارك الضارية في السودان للأسبوع الثالث مخلّفة أكثر من 500 قتيل وآلاف الجرحى، قال وزير خارجية جيبوتي، محمود علي يوسف، إن هناك مقترحاً لعقد اجتماع لوزراء خارجية جنوب السودان وكينيا وجيبوتي مع مبعوثين من طرفي النزاع خارج السودان.
ورأى يوسف أن إخفاق الهدنة يرجع إلى غياب التواصل بين طرفي النزاع، مشددا على ضرورة إيجاد تواصل حقيقي. وأعرب عن قلقه من اتساع دائرة النزاع، مؤكدا أن انهيار الدولة السودانية ستكون له نتائج كارثية على القارة الإفريقية.
وأشار إلى أن زيارة رؤساء جنوب السودان وجيبوتي وكينيا إلى الخرطوم ما زالت احتمالا قائما، لكن في انتظار تحسّن الوضع الأمني هناك.
وفي مصر، أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي، في مؤتمر صحافي مع رئيس وزراء اليابان فوميو كيشيدا، ضرورة الوقف الفوري والدائم والشامل لإطلاق النار في السودان.
تحذير مدني
الى ذلك، حذر رئيس الوزراء السوداني السابق، عبدالله حمدوك، من خطورة تفاقم النزاع وتحوله إلى أحد أسوأ الحروب الأهلية في العالم، في حال لم يتم وضع حد له.
وقال حمدوك، خلال ندوة نظمها قطب الاتصالات الملياردير البريطاني - السوداني «مو» إبراهيم في نيروبي، «إذا كان السودان سيصل إلى نقطة حرب أهلية حقيقية، فإن سورية واليمن وليبيا ستكون مجرد مبارزات صغيرة، وذلك سيشكل كابوساً للعالم وتداعيات كبيرة».
واعتبر حمدوك أن النزاع الحالي «حرب لا معنى لها بين جيشين، ولا أحد سيخرج منها منتصراً، لهذا السبب يجب أن تتوقف».
بدوره، قال الناطق باسم العملية السياسية خالد عمر، في بيان، إن «المكون المدني ضد الحرب ومع جيش واحد مهني وقومي ينأى عن السياسة، ويتم الوصول إليه بالاتفاق على خطة شاملة للإصلاح الأمني والعسكري تتضمن تنفيذ الترتيبات الأمنية المنصوص عليها في اتفاق جوبا ودمج (الدعم السريع) في القوات المسلحة بجداول زمنية محددة وآليات واضحة».
وأشار إلى أن «بعض مناصري استمرار الحرب يخلطون عن عمد بين الغايات والوسائل»، مؤكداً أن «دعاة الحرب لن يقودوا البلاد إلا لتدميرها لمصلحة مجموعات من النظام البائد، خططت لهذه الحرب وتعمل على إشعالها واستمرارها». وتابع: «أما نحن في القوى المدنية الديموقراطية فنرى أنه يجب الضغط الآن لوقف الحرب ووضع آليات لمراقبة وقف إطلاق النار والعودة إلى مسار الحوار السياسي الذي تتوحد فيه القوى المدنية الديموقراطية وتفرض فيه توازن قوى يحقق وحدة الدولة وسيادتها وصون مؤسساتها والوصول إلى جيش واحد مهني وقومي ضمن خطة شاملة للاصلاح الأمني والعسكري، وترتيبات انتقالية بقيادة مدنية تنتهي بانتخابات ديموقراطية حرة ونزيهة يختار فيها الشعب من يحكمه، وتنتهي عبرها مشروعية استخدام العنف لبلوغ الغايات السياسية».
انعدام الأمن
وحذرت «الجبهة المدنية لإيقاف الحرب واستعادة الديموقراطية» من تزايد المخاطر بانعدام الأمن وانتشار الجريمة من سلب ونهب للمنازل والمواطنين والمحال التجارية والمصانع والبنوك، جراء المعارك الدائرة.
وعبرت الجبهة عن أسفها للأحداث الدامية في مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور بالتزامن مع المعارك في الخرطوم، وقالت إن الهجمات المتكررة من مجموعات مسلحة على المدنيين العزّل أدت إلى سقوط مئات الضحايا وتخريب متعمد للمؤسسات والقطاعات الحيوية، لا سيما المستشفيات.
الجيش والشرطة
ومع تبادل طرفَي النزاع الاتهامات بانتهاك الهدنة الخامسة، التي انتهت الليلة الماضية، أكد الجيش، في بيان، أن قوات الدعم السريع حوّلت مستشفى شرق النيل إلى ثكنة عسكرية مدججة بالسلاح ومركز قيادة للعمليات، مؤكدا أنه دمر تعزيزات للدعم السريع قادمة من الغرب.
ودخلت الشرطة على خط المعارك، أمس الأول، تحت عنوان مواجهة الانفلات الأمني، في خطوة حذر منها حميدتي، مشددا على ضرورة ألا تنحاز الشرطة إلى أي من الطرفين المتقاتلين.
واتهمت وزارة الخارجية السودانية قوات الدعم السريع بتنفيذ اعتداءات سافرة ومتكررة على مقار البعثات والهيئات الدبلوماسية.