وكأنّ الحكومة الأوكرانية لا تواجه مشاكل كافية كي تطلب وزارة الخارجية الأوزبكية من كييف قبل أيام «اتخاذ التدابير المناسبة» لمنع وسائل الإعلام من نشر «اتهامات لا أساس لها» عن تجميع طائرات إيرانية مسيّرة، كتلك التي نشرت الرعب في المجال الجوي الأوكراني حديثاً، في أوزبكستان.
تنجم هذه الأزمة عن مقابلة نشرها الصحافي الأوكراني ديمتري غوردون على يوتيوب، في 26 أكتوبر، مع رجل الأعمال الإسرائيلي المولود في روسيا، ليونيد نيفزلين، فناقش نيفزلين في تلك المقابلة موضوع الطائرات العسكرية الإيرانية المسيّرة، وأعلن أن إسرائيل منعت إيران من تزويد روسيا بها عبر مهاجمة مصنع في سورية، ثم قال إن تلك الطائرات يتم إنتاجها في إيران والعراق، وفي تلك اللحظة، قاطعه غوردون وسأله عن احتمال إطلاق اعتداءات إسرائيلية ضد مصانع في بلدان أخرى، بما في ذلك أوزبكستان، فأجاب نيفزلين: «لا يمكنني قول شيء عن أوزبكستان، فهي دولة حيادية وصديقة. لا أعلم إذا كانت إسرائيل تعرف أن الطائرات المسيّرة يتم تجميعها هناك، أتمنى أنها تعرف، سيكون صدور إنذار من إسرائيل والولايات المتحدة كافياً لردعهم».
ردّت لجنة الدولة الأوزبكية لصناعة الدفاع سريعاً على ذلك الكلام، فأنكرت بشكلٍ قاطع إقدام أوزبسكتان على تجميع الطائرات الإيرانية المسيّرة سابقاً أو حاضراً، فذكرت تلك اللجنة في بيان صحافي: «نود أن نشير إلى أن أوزبكستان لم تتعاون مع إيران يوماً، وهي تعلن أنها لم تنتج أي معدات عسكرية سابقاً ولا تنتجها راهناً». كذلك، عبّرت اللجنة عن مخاوفها من احتمال أن تسيء تلك الأخبار إلى «العلاقات الودّية» مع الدول الخارجية.
عادت وزارة الخارجية الأوزبكية وأصدرت بيانها الخاص لإنكار تجميع الطائرات الإيرانية المسيّرة في أوزبكستان في أي مرحلة من المراحل، فذكرت ما يلي: «نحن نعلن أن جمهورية أوزبكستان لا تتعاون مع جمهورية إيران الإسلامية في المجال العسكري والتقني ولا تجمع المعدات العسكرية الإيرانية على أراضيها»، ثم دعت السلطات الأوكرانية إلى «اتخاذ التدابير المناسبة لمنع وسائل الإعلام الأوكرانية من نشر اتهامات لا أساس لها من الصحة أو أي معلومات غير دقيقة أخرى عن أوزبكستان من شأنها أن تسيء إلى العلاقات الثنائية».
ربما ارتكب غوردون خطأً في كلامه، إذ لا تشير أي تقارير إلى إبرام اتفاق بين أوزبكستان وإيران لإنتاج الطائرات العسكرية المسيّرة (تفضّل طشقند إنتاج معداتها الخاصة)، وفي المقابل، أبرمت طاجيكستان المجاورة هذا النوع من الترتيبات، وأصبحت الطائرات المسيّرة رائجة جداً في عمليات الشراء العسكرية في آسيا الوسطى في هذه الأيام، إذ تتعاون كازاخستان وقيرغيزستان مع الشركات التركية لإنتاج طائرات تركية مسيّرة محلياً، وتبحث إيران بدورها عن شركاء لها في هذا المجال.
في شهر مايو، سافر اللواء الإيراني محمد باقري، وهو رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، إلى دوشانبي لمقابلة الرئيس إمام علي رحمن وكبار المسؤولين العسكريين، فافتتحوا معاً مصنعاً لإنتاج طائرات «أبابيل2» المسيّرة، وتُعتبر طائرة «أبابيل2» نموذجاً رخيصاً نسبياً وأقدم من الطائرات المسيّرة التكتيكية التي تنشط على نطاق 200 كيلومتر، يمكنها أن تقطع نحو ساعة ونصف في الجو. الأهم من ذلك هو أن الطائرات المسيّرة المستعملة لمهاجمة أوكرانيا هي من نوع «شاهد136»، وهو طراز أكثر حداثة من الطائرات التي يُفترض أن ينتجها المصنع الجديد في طاجيكستان، ويُعتبر نموذج «شاهد136» أكثر تطوراً ويتراوح نطاقه بين 1800 و2500 كيلومتر، وأنكرت إيران تزويد روسيا بالطائرات المسيّرة، لكن سيلا من الفيديوهات التي تظهر فيها تلك الطائرات فوق أوكرانيا يشير إلى عكس ذلك.
وحتى لو أخفق غوردون وتكلم عن دولة من آسيا الوسطى بدل دولة أخرى، يبقى الاتهام الأساسي شائباً: لا يتم تجميع الطائرات الإيرانية المسيّرة التي شوهدت وهي تهاجم أوكرانيا في آسيا الوسطى، ولا تعترف أي حكومة أو تقارير إعلامية بهذه المعلومة.
يؤكد إنكار طشقند السريع والقاطع على الأهمية التي تعطيها أوزبكستان للحفاظ على الحياد في هذا الصراع، فقد كانت روسيا وأوزبكستان قد أعلنتا شراكة استراتيجية شاملة في الشهر الماضي، ومنح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره الأوزبكي شوكت ميرزيوييف «وسام ألكسندر نيفسكي» تكريماً لجهوده «لتقوية الصداقة والتعاون بين البلدين»، ومع ذلك سعت طشقند إلى الحفاظ على حيادها قدر الإمكان نظراً إلى الظروف الجيوسياسية المرتبطة بالصراع المستمر في أوكرانيا، ولن يكون التمسك بهذا الموقف سهلاً في أي ظرف.
*كاثرين بوتز
تنجم هذه الأزمة عن مقابلة نشرها الصحافي الأوكراني ديمتري غوردون على يوتيوب، في 26 أكتوبر، مع رجل الأعمال الإسرائيلي المولود في روسيا، ليونيد نيفزلين، فناقش نيفزلين في تلك المقابلة موضوع الطائرات العسكرية الإيرانية المسيّرة، وأعلن أن إسرائيل منعت إيران من تزويد روسيا بها عبر مهاجمة مصنع في سورية، ثم قال إن تلك الطائرات يتم إنتاجها في إيران والعراق، وفي تلك اللحظة، قاطعه غوردون وسأله عن احتمال إطلاق اعتداءات إسرائيلية ضد مصانع في بلدان أخرى، بما في ذلك أوزبكستان، فأجاب نيفزلين: «لا يمكنني قول شيء عن أوزبكستان، فهي دولة حيادية وصديقة. لا أعلم إذا كانت إسرائيل تعرف أن الطائرات المسيّرة يتم تجميعها هناك، أتمنى أنها تعرف، سيكون صدور إنذار من إسرائيل والولايات المتحدة كافياً لردعهم».
ردّت لجنة الدولة الأوزبكية لصناعة الدفاع سريعاً على ذلك الكلام، فأنكرت بشكلٍ قاطع إقدام أوزبسكتان على تجميع الطائرات الإيرانية المسيّرة سابقاً أو حاضراً، فذكرت تلك اللجنة في بيان صحافي: «نود أن نشير إلى أن أوزبكستان لم تتعاون مع إيران يوماً، وهي تعلن أنها لم تنتج أي معدات عسكرية سابقاً ولا تنتجها راهناً». كذلك، عبّرت اللجنة عن مخاوفها من احتمال أن تسيء تلك الأخبار إلى «العلاقات الودّية» مع الدول الخارجية.
عادت وزارة الخارجية الأوزبكية وأصدرت بيانها الخاص لإنكار تجميع الطائرات الإيرانية المسيّرة في أوزبكستان في أي مرحلة من المراحل، فذكرت ما يلي: «نحن نعلن أن جمهورية أوزبكستان لا تتعاون مع جمهورية إيران الإسلامية في المجال العسكري والتقني ولا تجمع المعدات العسكرية الإيرانية على أراضيها»، ثم دعت السلطات الأوكرانية إلى «اتخاذ التدابير المناسبة لمنع وسائل الإعلام الأوكرانية من نشر اتهامات لا أساس لها من الصحة أو أي معلومات غير دقيقة أخرى عن أوزبكستان من شأنها أن تسيء إلى العلاقات الثنائية».
ربما ارتكب غوردون خطأً في كلامه، إذ لا تشير أي تقارير إلى إبرام اتفاق بين أوزبكستان وإيران لإنتاج الطائرات العسكرية المسيّرة (تفضّل طشقند إنتاج معداتها الخاصة)، وفي المقابل، أبرمت طاجيكستان المجاورة هذا النوع من الترتيبات، وأصبحت الطائرات المسيّرة رائجة جداً في عمليات الشراء العسكرية في آسيا الوسطى في هذه الأيام، إذ تتعاون كازاخستان وقيرغيزستان مع الشركات التركية لإنتاج طائرات تركية مسيّرة محلياً، وتبحث إيران بدورها عن شركاء لها في هذا المجال.
في شهر مايو، سافر اللواء الإيراني محمد باقري، وهو رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، إلى دوشانبي لمقابلة الرئيس إمام علي رحمن وكبار المسؤولين العسكريين، فافتتحوا معاً مصنعاً لإنتاج طائرات «أبابيل2» المسيّرة، وتُعتبر طائرة «أبابيل2» نموذجاً رخيصاً نسبياً وأقدم من الطائرات المسيّرة التكتيكية التي تنشط على نطاق 200 كيلومتر، يمكنها أن تقطع نحو ساعة ونصف في الجو. الأهم من ذلك هو أن الطائرات المسيّرة المستعملة لمهاجمة أوكرانيا هي من نوع «شاهد136»، وهو طراز أكثر حداثة من الطائرات التي يُفترض أن ينتجها المصنع الجديد في طاجيكستان، ويُعتبر نموذج «شاهد136» أكثر تطوراً ويتراوح نطاقه بين 1800 و2500 كيلومتر، وأنكرت إيران تزويد روسيا بالطائرات المسيّرة، لكن سيلا من الفيديوهات التي تظهر فيها تلك الطائرات فوق أوكرانيا يشير إلى عكس ذلك.
وحتى لو أخفق غوردون وتكلم عن دولة من آسيا الوسطى بدل دولة أخرى، يبقى الاتهام الأساسي شائباً: لا يتم تجميع الطائرات الإيرانية المسيّرة التي شوهدت وهي تهاجم أوكرانيا في آسيا الوسطى، ولا تعترف أي حكومة أو تقارير إعلامية بهذه المعلومة.
يؤكد إنكار طشقند السريع والقاطع على الأهمية التي تعطيها أوزبكستان للحفاظ على الحياد في هذا الصراع، فقد كانت روسيا وأوزبكستان قد أعلنتا شراكة استراتيجية شاملة في الشهر الماضي، ومنح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره الأوزبكي شوكت ميرزيوييف «وسام ألكسندر نيفسكي» تكريماً لجهوده «لتقوية الصداقة والتعاون بين البلدين»، ومع ذلك سعت طشقند إلى الحفاظ على حيادها قدر الإمكان نظراً إلى الظروف الجيوسياسية المرتبطة بالصراع المستمر في أوكرانيا، ولن يكون التمسك بهذا الموقف سهلاً في أي ظرف.
*كاثرين بوتز