السودان على شفا كارثة إنسانية والمفاوضات رهن توقُّف المعارك

• حرب السودان تتجه إلى نقطة اللاعودة مع تعقُّد الوساطات
• تحضير لمحادثات غير مباشرة قد تُجرى في السعودية بشرط احترام الهدنة ووضع آلية دولية لمراقبتها
• الأمم المتحدة تحذر من تسلُّح القبائل وتمددٍ إقليمي للصراع

نشر في 02-05-2023
آخر تحديث 01-05-2023 | 20:35
عملية إنقاذ للبحرية السعودية من بورتسودان إلى جدة (أ ف ب)
عملية إنقاذ للبحرية السعودية من بورتسودان إلى جدة (أ ف ب)
حذرت الأمم المتحدة من أن الأزمة في السودان تتجه إلى نقطة اللاعودة، في حين أعلنت موافقة طرفي النزاع على إيفاد ممثلين لإجراء مفاوضات قد تُعقَد في السعودية، لكنها أشارت إلى أن انعقادها مشروط بوقف القتال، بعد أن خرق الطرفان 6 هدنات أُعلنت منذ منتصف الشهر الماضي.

بدا أمس أن السودان في سباق بين الوساطات والجهود الدولية التي قد تفضي إلى محادثات سودانية في السعودية، وبين المعارك، لاسيما بعد فشل 6 هدن أُعلنت منذ منتصف أبريل الماضي في وقف المعارك بين قائد الجيش عبدالفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، ما يزيد من مخاطر انضمام قوى إقليمية وقبلية إلى الحرب.

وأكد مبعوث الأمم المتحدة فولكر بيرتس، أمس، موافقة طرفي النزاع على إيفاد ممثلين لإجراء محادثات قد تُعقَد في السعودية، ستركّز في البداية على إرساء وقفٍ لإطلاق النار مستقر وموثوق يشرف عليه مراقبون محليون ودوليون.

في المقابل، قال حميدتي أمس، إنه لا أساس للتفاوض مع البرهان، مشدداً على ضرورة «إلزام» الجيش بوقف القتال وفتح الممرات الإنسانية، في حين ظهر البرهان للمرة الثانية منذ بدء المعارك في شريط مصور خلال اجتماع عسكري، وذلك عقب تلقيه اتصالات من نائب رئيس الإمارات منصور بن زايد، وإيفاده مبعوثاً إلى الرياض.

من جهتها، حذرت الأمم المتحدة أمس من «لحظة انهيار» في السودان مع بلوغ الوضع الإنساني «نقطة اللاعودة» بسبب استمرار القتال.

ومع تواصل أصوات الغارات الجوية والنيران المضادة للطائرات وتصاعد الدخان فوق العاصمة الخرطوم والمدن المجاورة، أعرب منسق الشؤون الإنسانية والإغاثة بالأمم المتحدة مارتن غريفيث، عن مخاوف من تسلح القبائل وتأثير الحرب على المنطقة كلها لأن «نطاق وسرعة ما يحدث غير مسبوقين».

وأكد سفير دولة الكويت لدى مصر ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية غانم الغانم أمس في كلمة ألقاها أمام الدورة غير العادية المستأنفة لمجلس الجامعة على مستوى المندوبين الدائمين بشأن التطورات في السودان «أهمية دعم الجهود كافة لوقف القتال الفوري في ظل الظروف الحالية». وشدد الغانم على «أهمية الدخول في حوار وطني مخلص للوصول إلى ترتيبات سياسية ودستورية وإجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة».

وفي تفاصيل الخبر:

بينما تبادل الجيش السوداني، بقيادة عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع، بقيادة محمد حمدان دقلو، الاتهامات بخرق الهدنة السادسة منذ منتصف أبريل الماضي، والتي تم الاتفاق عليها مساء أمس الأول، أكد مبعوث الأمم المتحدة فولكر بيرتس، أمس، موافقة طرفي النزاع على إيفاد ممثلين لإجراء محادثات قد تعقد في السعودية، لإيجاد حلول للحرب الدائرة بينهما منذ 3 أسابيع.

إلا أن بيرتس شدد خلال تصريحات في بورتسودان على أنه «لا مفاوضات مباشرة بل تحضيرات لإجراء محادثات لا تزال قيد الإنجاز، ستركز في البداية على إرساء وقف لإطلاق النار مستقر وموثوق يشرف عليه مراقبون محليون ودوليون»، مشيراً إلى أن دولا في المنطقة والعالم تتواصل مع الجانبين.

وأضاف: «لا نزال نواجه تحديات جسيمة بشأن إقناع طرفي النزاع بالالتزام بالهدنة، ومن المهم الحصول على التزام منهما بالهدنة»، محذرا من أنه «في ظل استمرار المعارك هناك مخاطر من أن تنحاز قوى مسلحة وقبلية لأحد طرفي النزاع».

وأشار إلى أهمية تكوين آلية دولية لمراقبة التزام الطرفين بوقف إطلاق النار، الذي توسطت فيه الولايات المتحدة والسعودية، لأنه حتى الآن لا يوجد ما يشير إلى استعداد الطرفين المتحاربين للتفاوض بجدية، وكل منهما يعتقد خطأً أن بإمكانه تحقيق نصر عسكري على الآخر.

وقبل يومين، تحدث بيرتس عن تغير في مواقف الجانبين وانفتاحهما بدرجة أكبر على التفاوض والقبول بشكل ما بالمحادثات، بسبب عدم قدرة أي منهما على الحسم العسكري.

وحذرت الأمم المتحدة من بلوغ الوضع الإنساني «نقطة اللاعودة»، وأعلنت إرسال رئيس الوكالة الإنسانية مارتن غريفيث إلى المنطقة، لمحاولة الوقوف على ظروف ملايين الأشخاص العالقين وسط القتال.

وقال غريفيث إن الأزمة الإنسانية في السودان تتحول إلى «كارثة شاملة»، لافتا إلى أن «السلع الأساسية أصبحت شحيحة في المراكز الحضرية الأشد تضررا، وخصوصاً الخرطوم»، مضيفا أن امتداد الأزمة السودانية إلى دول أخرى مبعث قلق كبير.

ومع تزايد النهب والتدمير وإضرام الحرائق، بما في ذلك داخل مخيمات النازحين، حذرت الأمم المتحدة من أن «القبائل تسعى إلى التسلح» خصوصا في إقليم دارفور، الذي اضطرت منظمة أطباء بلا حدود إلى «وقف كل أعمالها تقريباً فيه».

لا أساس للتفاوض

وجاءت هذه التصريحات بعد زيارة مبعوث البرهان للسعودية ولقائه وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، واتصال الشيخ منصور بن زايد نائب رئيس الإمارات بالبرهان، حيث تم التشديد على ضرورة وقف التصعيد والتهدئة.

ورغم الموقف المتفائل للمبعوث الأممي، قال حميدتي، في اتصال هاتفي مع قناة بلومبرغ الشرق، إنه «لا وجود لأي أسس للتفاوض مع الجيش»، مضيفا: «ليست لدينا مشكلة في التوصل إلى حل بالسودان، لكن الأولوية لوقف إطلاق النار وفتح الممرات الإنسانية، وقوات الجيش لا تلتزم بوقف إطلاق النار».

ظهور ثان للبرهان

وفيما أفاقت الخرطوم مجددا أمس على هدير الطيران الحربي والانفجارات وإطلاق رصاص، بينما سجل قصف مدفعي عنيف على أم درمان، نشر الجيش أمس مقطع فيديو يظهر البرهان في ظهور هو الثاني منذ انفجار المعارك، وذلك خلال ترؤسه اجتماعا مع عدد من قادته العسكريين للإشراف على «سير العمليات» العسكرية من أحد مراكز القيادة.

في المقابل، أكد القائد الثاني لـ «الدعم السريع» عبدالرحيم دقلو، في مقابلة مع «الجزيرة»، أن قواته لا تزال تسيطر على مواقعها في القصر الجمهوري والإذاعة والتلفزيون ومطار الخرطوم، وتواصل التصدي لتعزيزات الجيش القادمة من الولايات.

وشدد دقلو على أن أخاه حميدتي «يدير المعركة السياسية والعسكرية من الميدان والقوات تتلقى منه التعليمات»، مشيرا إلى أن «الدعم السريع» تعتبر قوات الاحتياطي المركزي التابعة للشرطة في الخرطوم «قوة مقاتلة ومعادية».

وغادر آلاف السودانيين والعديد من الرعايا الأجانب الذين أجلتهم حكوماتهم خلال الأسبوع الماضي في سلسلة من عمليات الإجلاء المعقدة جواً وبحراً وبراً، وأنهت بعض الدول الأوروبية، ومنها ألمانيا، عمليات الإجلاء ولحقتها آخر رحلة إجلاء بريطانية أمس.

في غضون ذلك، أعلنت منظمة التعاون الإسلامي عن اجتماع طارئ الأربعاء المقبل لبحث الأوضاع في السودان، بناء على دعوة من السعودية، رئيس القمة الحالية.

وأكد الأمين العام حسين طه أن الاجتماع يعكس الاهتمام بالأحداث الجارية، والحرص على إعادة الأمن والاستقرار، مجددا مناشدته وقف إطلاق النار الدائم واستئناف العملية السياسية.

back to top