هذا ما يردده كثيراً بعض أعضاء المجلس المبطل، فهم يزعمون أنهم يمثلون إرادة أمة، وقالوا هذا الكلام أكثر من مرة، وخصوصاً في ندوة أقيمت في ديوان أحدهم، فمن حقنا أن نتساءل: عن أي أمة تزعمون أنكم تمثلون إرادتها؟ هل تمثلون إرادة الأمة العربية أو الإسلامية أو الكويتية؟ الكويت ليست أمة بل هي شعب من الشعوب العربية الصغيرة، وأنتم أيضا لا تمثلون الشعب الكويتي، بل تمثلون أنفسكم وناخبيكم.
لا يحق لأعضاء مجلس جاء كثير من أعضائه نتيجة انتخابات فرعية إرضاء لقبائل وطوائف وعائلات، أن يدّعي أنه يمثل إرادة أمة، أنتم تختارون العبارات الضحمة، لتكبير أحجامكم الصغيرة، ظناً منكم أن من المسؤولين في الدولة من يخيفه الصوت العالي ويرهبه، من يرهبه الصوت العالي لا يستحق أن يتولى منصبا قياديا، رجل الدولة يجب ألا يقوده الشارع، لأن الشارع مليء بالفوضى والابتزاز السياسي والغوغاء، رجل الدولة تقوده مصلحة الدولة وخطط التنمية، كما فعل الرئيس الفرنسي الذي فرض قانون التقاعد الجديد، دون أن يهزه أكثر من ثلاثة ملايين متظاهر ضد القانون الجديد، لأن خطط التنمية والدراسات أثبتت حاجة الدولة للقانون الجديد.
بعد هذا الإرباك في المشهد السياسي الذي أثاره بعض الأعضاء من المجلس المبطل، أعتقد أن الدولة أصبحت بحاجة ماسة لحكومة قوية عادلة، تحافظ على النظام الديموقراطي وتحميه من الأشرار، لا تتنازل عن حقوقها الدستورية التي منحها الدستور، يجب أن تشارك في اختيار رئيس المجلس، وتختار الرئيس الذي تعتقد أنه يساعدها في تحقيق أهدافها في خطة التنمية، وكذلك في اختيار أعضاء اللجان، فالدستور لم يمنح الحكومة تلك القوة إلا إيمانا من المشرع بأن الدولة بحاجة لمثل تلك الحكومة القوية.
يجب أن يكون للحكومة موقفٌ حازمٌ من الأعضاء الذين يثيرون الفوضى والشغب في جلسات البرلمان، هادفين لتعطيل الجلسات، كما حدث في المجلس المبطل الذي سبقه، يجب أن يحاسبوا حتى لو أدى ذلك إلى حرمانهم من المشاركة في الانتخابات، فالمشاركة السياسية شرف لا يستحقه من يسخر ويستهزئ بالمجلس. إذا توجد قوانين يجب تطبيقها بكل حزم، وإذ لا توجد يجب التسريع بإقرارها لحماية الدولة من العابثين. قسموا الشعب إلى فاسدين وإصلاحيين، هم المصلحون طبعا وما عداهم الفاسدون، فالفساد من القضايا التي تحتاج إلى أدلة وبراهين، ولعل مثل هذه الأمور تثبت حاجة الدولة للحكومة القوية العادلة.