السودان: نصف مليون نازح ولاجئ... والنظام الصحي ينهار
• البرهان ينقل رسالة للسيسي... والرئيس الكيني يتهمه وحميدتي برفض الاستماع إلى نداءات العالم
رغم الهدنة، التي يتم تمديدها بانتظام من دون الالتزام بها، تواصلت المعارك العنيفة بين قوات الجنرالين المتصارعين على السلطة في السودان، مما تسبب في نزوح ولجوء نحو نصف مليون في الداخل والخارج، وانهيار الوضع الصحي بشكل شبه كامل.
وسط مخاوف من فرار أكثر من 800 ألف شخص إلى الدول المجاورة؛ مثل مصر وتشاد وإثيوبيا وإفريقيا الوسطى، أعلنت الأمم المتحدة، أمس، أن المعارك الدائرة في السودان منذ منتصف أبريل بين الجيش وقوات الدعم السريع أجبرت أكثر من 334 ألف شخص على النزوح، وأكثر من 100 ألف آخرين على اللجوء إلى الدول المجاورة، وحذرت من أن برامجها المخصصة لتلبية الاحتياجات الإنسانية المتفاقمة لم تؤمّن حتى اليوم سوى 14 بالمئة من التمويلات اللازمة لعملياتها لهذا العام، وبالتالي فهي ما زالت بحاجة إلى 1.5 مليار دولار.
وخلال مؤتمر صحافي في جنيف، دعا المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، ينس لاركيه، المجتمع الدولي إلى مدّ يد المساعدة لوكالات الإغاثة الإنسانية، مؤكداً أنّه «من دون ذلك، لا يمكنهم العمل»، ومشيراً إلى أن الوكالات الإنسانية كانت تعاني أساساً نقصا في الأموال اللازمة لتمويل عملياتها في السودان حتى قبل اندلاع المعارك.
من جهته، أعلن متحدث باسم المنظمة الدولية للهجرة أن المعارك أجبرت أكثر من 334 ألف شخص على النزوح داخل السودان.
وقال المتحدث إن «عدد الذين نزحوا خلال الأسبوعين الماضيين يتجاوز عدد الذين نزحوا في كل عمليات النزوح المرتبطة بالنزاع بالسودان في 2022».
وتخشى الأمم المتحدة فرار أكثر من 800 ألف شخص إلى الدول المجاورة للسودان، مثل مصر وتشاد وإثيوبيا وإفريقيا الوسطى.
وخلال المؤتمر الصحافي نفسه، قالت المتحدثة باسم مفوضية اللاجئين، أولغا سارادو، إن «هذه الحالة الطارئة لا تزال في بداياتها، ونحن نحاول وضع أرقام لإعطاء فكرة عن حجم هذه الحالة الطارئة». وأوضحت أن المفوضية تقوم حالياً بتسجيل اللاجئين، وينبغي أن تكون لديها صورة أفضل عن الوضع في الأسابيع المقبلة.
لكن في الانتظار، «نقدّر بأكثر من 100 ألف شخص» عدد الذين فرّوا من السودان إلى الدول المجاورة، وفق سارادو. وأضافت: «من الصعب للغاية التنبّؤ بما سيحدث. الأمر رهن بما سيحدث في السودان».
ومع استمرار الأجانب في المغادرة، أعلن الجيش الروسي إجلاء أكثر من 200 شخص من السودان الى موسكو، ومن بينهم دبلوماسيون وطواقم عسكرية وأقاربهم ومواطنون آخرون ومن «دول صديقة» وجمهوريات سوفياتية سابقة.
انهيار صحي
وما زاد الوضع تفاقماً هو أن أعمال العنف والنهب لم توفّر المستشفيات ولا المنظمات الإنسانية التي اضطر العديد منها إلى تعليق أعماله في السودان.
وأعربت نقابة الأطباء عن قلقها إزاء «الانهيار الكامل للنظام الصحي في الجنينة»، عاصمة غرب دارفور، مضيفة أن نهب المراكز الصحية ومخيمات النازحين أدى إلى «إجلاء عاجل» للفرق الإنسانية.
من ناحيتها، جددت منظمة الصحة العالمية التحذير من «كارثة» في النظام الصحّي الهش، مشيرة إلى أن 16 بالمئة فقط من المنشآت الصحية تعمل في الخرطوم، لكنّها تعاني نقصا في المستلزمات، وكوادرها الطبية منهكة.
وبعد استيلاء أحد طرفَي الصراع على مختبر بيولوجي صحي في الخرطوم، طمأن المتحدث باسم المنظمة، طارق ياساريفيتش، بأن «الوضع والخطر يعتبران متوسطَي الدرجة، لأنه لا يستطيع القيام بوظيفته الرئيسية، وهي التحليل والتشخيص، بسبب نقص الوقود والعاملين المدربين».
فوضى عارمة
وتسود حالة من الفوضى العارمة العاصمة السودانية منذ اندلعت المعارك في 15 أبريل بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بزعامة نائبه محمد حمدان دقلو (حميدتي).
وأسفرت المعارك في الخرطوم ومناطق أخرى، عن سقوط أكثر من 500 قتيل و5000 جريح، وفق البيانات الرسمية التي يُعتقد أنّها أقلّ بكثير من الواقع.
وأعلنت قوات الدعم استمرار غارات الجيش على مواقعها بالخرطوم، مؤكدة أنها تمكنت من إسقاط طائرة من طراز ميغ، وأنها «ستواصل حسم أي تعدّ على مواقعها».
وخارج الخرطوم، تسود الفوضى في ولاية غرب دارفور، حيث بات مدنيون يشاركون في أعمال العنف بين القبائل المتناحرة، وفق الأمم المتّحدة، التي أحصت سقوط 100 قتيل منذ بدء القتال الأسبوع الماضي في هذه المنطقة التي شهدت في العقد الأول من الألفية الثانية حربا أهلية أوقعت 300 ألف قتيل، وأدّت الى نزوح 2.5 مليون شخص.
مصر وكينيا
وفي مصر، التي تمسك رئيسها عبدالفتاح السيسي بعدم التدخل في شؤون الدول واحترام مبدأ السيادة وتسوية النزاعات بالطرق السلمية، أكد وزير الخارجية سامح شكري، أمس، أهمية التزام جميع الأطراف في السودان بتثبيت الهدنة وعدم خرقها، لإتاحة الفرصة لعمليات الإغاثة الإنسانية وتضميد الجراح، وبدء حوار جاد يستهدف حل الخلافات القائمة.
ونقل شكري، خلال استقباله مبعوث قائد الجيش السوداني، السفير دفع الله الحاج علي، قلق مصر البالغ من استمرار الوضع الحالي في السودان، وحرصها على التعامل مع الأزمة باعتبارها شأناً داخلياً، وضرورة احترام جميع الأطراف الدولية والإقليمية لسيادة السودان، وعدم التدخل في الأزمة بشكل يؤدي إلى تأجيج الصراع وإراقة المزيد من الدماء.
وقال المتحدث باسم «الخارجية»، أحمد أبوزيد، إن المبعوث السوداني نقل رسالة شفهية من البرهان للسيسي حول تطورات الأوضاع والعمليات العسكرية الجارية منذ أكثر من أسبوعين، مقدّماً الشكر لمصر حكومةً وشعباً على استقبالها بكل مودة وترحاب للمواطنين السودانيين الفارّين من نيران الحرب».
بدوره، حذّر الرئيس الكيني، وليام روتو، من أنّ الوضع في السودان بلغ «مستوى كارثياً». وأضاف أن الجنرالين «المتحاربين يرفضان الاستماع إلى نداءات» المجتمع الدولي، مطالباً بـ «إرسال مساعدات؛ سواء تم وقف إطلاق النار أم لا».
وفي اتصال هاتفي مع الرئيس الكيني، كرر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن «دعم الولايات المتحدة للجهود الدبلوماسية المبذولة من أجل إنهاء النزاع، وتأمين وصول المساعدات الانسانية بلا عوائق».
وبعد اتصال هاتفي مع الجنرالين، أكد رئيس جنوب السودان سلفا كير موافقة البرهان وحميدتي على هدنة لـ 7 أيام تبدأ من غد، وتعيين ممثلين عنهما في لمحادثات سلام في مكان من اختيارهما.
ومن إثيوبيا، طالب رئيس الاتحاد الإفريقي؛ رئيس جزر القمر، غزالي عثماني، بوقف إطلاق النار واستئناف المفاوضات السياسية، مؤكداً أنه سيطلق مبادرة لمعالجة الوضع.
وخلال مؤتمر صحافي في جنيف، دعا المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، ينس لاركيه، المجتمع الدولي إلى مدّ يد المساعدة لوكالات الإغاثة الإنسانية، مؤكداً أنّه «من دون ذلك، لا يمكنهم العمل»، ومشيراً إلى أن الوكالات الإنسانية كانت تعاني أساساً نقصا في الأموال اللازمة لتمويل عملياتها في السودان حتى قبل اندلاع المعارك.
من جهته، أعلن متحدث باسم المنظمة الدولية للهجرة أن المعارك أجبرت أكثر من 334 ألف شخص على النزوح داخل السودان.
وقال المتحدث إن «عدد الذين نزحوا خلال الأسبوعين الماضيين يتجاوز عدد الذين نزحوا في كل عمليات النزوح المرتبطة بالنزاع بالسودان في 2022».
وتخشى الأمم المتحدة فرار أكثر من 800 ألف شخص إلى الدول المجاورة للسودان، مثل مصر وتشاد وإثيوبيا وإفريقيا الوسطى.
وخلال المؤتمر الصحافي نفسه، قالت المتحدثة باسم مفوضية اللاجئين، أولغا سارادو، إن «هذه الحالة الطارئة لا تزال في بداياتها، ونحن نحاول وضع أرقام لإعطاء فكرة عن حجم هذه الحالة الطارئة». وأوضحت أن المفوضية تقوم حالياً بتسجيل اللاجئين، وينبغي أن تكون لديها صورة أفضل عن الوضع في الأسابيع المقبلة.
لكن في الانتظار، «نقدّر بأكثر من 100 ألف شخص» عدد الذين فرّوا من السودان إلى الدول المجاورة، وفق سارادو. وأضافت: «من الصعب للغاية التنبّؤ بما سيحدث. الأمر رهن بما سيحدث في السودان».
ومع استمرار الأجانب في المغادرة، أعلن الجيش الروسي إجلاء أكثر من 200 شخص من السودان الى موسكو، ومن بينهم دبلوماسيون وطواقم عسكرية وأقاربهم ومواطنون آخرون ومن «دول صديقة» وجمهوريات سوفياتية سابقة.
انهيار صحي
وما زاد الوضع تفاقماً هو أن أعمال العنف والنهب لم توفّر المستشفيات ولا المنظمات الإنسانية التي اضطر العديد منها إلى تعليق أعماله في السودان.
وأعربت نقابة الأطباء عن قلقها إزاء «الانهيار الكامل للنظام الصحي في الجنينة»، عاصمة غرب دارفور، مضيفة أن نهب المراكز الصحية ومخيمات النازحين أدى إلى «إجلاء عاجل» للفرق الإنسانية.
من ناحيتها، جددت منظمة الصحة العالمية التحذير من «كارثة» في النظام الصحّي الهش، مشيرة إلى أن 16 بالمئة فقط من المنشآت الصحية تعمل في الخرطوم، لكنّها تعاني نقصا في المستلزمات، وكوادرها الطبية منهكة.
وبعد استيلاء أحد طرفَي الصراع على مختبر بيولوجي صحي في الخرطوم، طمأن المتحدث باسم المنظمة، طارق ياساريفيتش، بأن «الوضع والخطر يعتبران متوسطَي الدرجة، لأنه لا يستطيع القيام بوظيفته الرئيسية، وهي التحليل والتشخيص، بسبب نقص الوقود والعاملين المدربين».
فوضى عارمة
وتسود حالة من الفوضى العارمة العاصمة السودانية منذ اندلعت المعارك في 15 أبريل بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بزعامة نائبه محمد حمدان دقلو (حميدتي).
وأسفرت المعارك في الخرطوم ومناطق أخرى، عن سقوط أكثر من 500 قتيل و5000 جريح، وفق البيانات الرسمية التي يُعتقد أنّها أقلّ بكثير من الواقع.
وأعلنت قوات الدعم استمرار غارات الجيش على مواقعها بالخرطوم، مؤكدة أنها تمكنت من إسقاط طائرة من طراز ميغ، وأنها «ستواصل حسم أي تعدّ على مواقعها».
وخارج الخرطوم، تسود الفوضى في ولاية غرب دارفور، حيث بات مدنيون يشاركون في أعمال العنف بين القبائل المتناحرة، وفق الأمم المتّحدة، التي أحصت سقوط 100 قتيل منذ بدء القتال الأسبوع الماضي في هذه المنطقة التي شهدت في العقد الأول من الألفية الثانية حربا أهلية أوقعت 300 ألف قتيل، وأدّت الى نزوح 2.5 مليون شخص.
مصر وكينيا
وفي مصر، التي تمسك رئيسها عبدالفتاح السيسي بعدم التدخل في شؤون الدول واحترام مبدأ السيادة وتسوية النزاعات بالطرق السلمية، أكد وزير الخارجية سامح شكري، أمس، أهمية التزام جميع الأطراف في السودان بتثبيت الهدنة وعدم خرقها، لإتاحة الفرصة لعمليات الإغاثة الإنسانية وتضميد الجراح، وبدء حوار جاد يستهدف حل الخلافات القائمة.
ونقل شكري، خلال استقباله مبعوث قائد الجيش السوداني، السفير دفع الله الحاج علي، قلق مصر البالغ من استمرار الوضع الحالي في السودان، وحرصها على التعامل مع الأزمة باعتبارها شأناً داخلياً، وضرورة احترام جميع الأطراف الدولية والإقليمية لسيادة السودان، وعدم التدخل في الأزمة بشكل يؤدي إلى تأجيج الصراع وإراقة المزيد من الدماء.
وقال المتحدث باسم «الخارجية»، أحمد أبوزيد، إن المبعوث السوداني نقل رسالة شفهية من البرهان للسيسي حول تطورات الأوضاع والعمليات العسكرية الجارية منذ أكثر من أسبوعين، مقدّماً الشكر لمصر حكومةً وشعباً على استقبالها بكل مودة وترحاب للمواطنين السودانيين الفارّين من نيران الحرب».
بدوره، حذّر الرئيس الكيني، وليام روتو، من أنّ الوضع في السودان بلغ «مستوى كارثياً». وأضاف أن الجنرالين «المتحاربين يرفضان الاستماع إلى نداءات» المجتمع الدولي، مطالباً بـ «إرسال مساعدات؛ سواء تم وقف إطلاق النار أم لا».
وفي اتصال هاتفي مع الرئيس الكيني، كرر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن «دعم الولايات المتحدة للجهود الدبلوماسية المبذولة من أجل إنهاء النزاع، وتأمين وصول المساعدات الانسانية بلا عوائق».
وبعد اتصال هاتفي مع الجنرالين، أكد رئيس جنوب السودان سلفا كير موافقة البرهان وحميدتي على هدنة لـ 7 أيام تبدأ من غد، وتعيين ممثلين عنهما في لمحادثات سلام في مكان من اختيارهما.
ومن إثيوبيا، طالب رئيس الاتحاد الإفريقي؛ رئيس جزر القمر، غزالي عثماني، بوقف إطلاق النار واستئناف المفاوضات السياسية، مؤكداً أنه سيطلق مبادرة لمعالجة الوضع.