في زيارة هي الأولى منذ بدء الأزمة السورية في 2011 لرئيس إيراني، قام الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمس بزيارة للعاصمة السورية دمشق، التقى خلالها الرئيس بشار الأسد، وذلك عقب الاتفاق الذي جرى قبل شهرين بين السعودية وايران في بكين، وموجة التقارب العربي خصوصاً السعودي مع سورية.
ووقع رئيسي والأسد مذكرة تفاهم لـ «خطة تعاون استراتيجي شامل وطويل الأمد» بين بلديهما، في مستهل الزيارة، كما شهد الرئيسان توقيع 15 وثيقة للتعاون في مجالات شملت الزراعة والنفط والربط بين البلدين بالسكك الحديدية، والاعتراف بالشهادات البحرية والمناطق الحرة والطيران المدني.
وقال رئيسي، خلال لقاء موسع مع الأسد، إن سورية حققت «الانتصار رغم التهديدات والعقوبات» المفروضة عليها خلال 12 عاماً.
وأضاف الرئيس الإيراني، الذي شكّل دعم بلاده عنصراً حاسماً في ترجيح كفة حكومة الأسد ضد فصائل المعارضة المسلحة، أنّ «سورية حكومة وشعباً اجتازت مصاعب كبيرة وتخطت المشاكل».
من جهته، أشاد الأسد بـ «علاقة مستقرّة وثابتة على مدار 4 عقود بين البلدين الحليفين»، برغم العواصف السياسية والأمنية الشديدة التي ضربت منطقة الشرق الأوسط، وغيّرت مفاهيمها ودمّرت دولاً بأكملها.
واستذكر الأسد مساندة بلده لطهران خلال «الحرب الظالمة» التي فُرِضت عليها من العراق «رغم المغريات»، معتبراً أن إيران لم تتردد في الوقوف إلى جانب سورية بالمال والدماء «عندما شُنّت عليها الحرب منذ 12 عاماً» في إشارة إلى النزاع الأهلي الذي جلب تدخلات دولية وإقليمية واسعة.
وشدد على أنه «يجب أن يكون لإيران وجود فعال في إرساء سلام مستقر وإعادة البناء» بعد انتهاء الأزمة.
وشهدت دمشق إجراءات أمنية مشددة وانتشاراً كثيفاً للقوى الأمنية لتأمين زيارة رئيسي، لكن الحواجز الحديدية والأسمنتية الضخمة التي كانت قد أقيمت حول السفارة الإيرانية منذ سنوات النزاع الأولى أزيلت.
وفي وقت تتزامن زيارة رئيسي لسورية مع إعادة إيران والسعودية بناء العلاقات بينهما بعد سنوات من التوتر، كشف مساعد وزير الخارجية الإيراني مهدي صفري، أن وفداً تجارياً سعودياً سیتوجه إلى إيران للمشاركة في معرض خلال الفترة بين 7 و10 مايو الجاري، مؤكداً أن التعاون الاقتصادي بين القوتين الإقليميتين سيبدأ فور إعادة سفيري البلدين.
في موازاة ذلك، ذكرت منصة «جادة إيران»، أن وفداً من رجال الأعمال الإيرانيين برئاسة وزير الاقتصاد إحسان خاندوزي سيتوجه للرياض الأربعاء المقبل.
إلى ذلك، كشف مصدر إيراني مطلع لـ «الجريدة»، أن منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بدأت إعادة قيود الاتفاق النووي المبرم عام 2015 دون إعلان رسمي بحجة الاكتفاء بما تم تخصيبه بنسب عالية تبلغ 60 في المئة، ولعدم وجود أماكن مجهزة لتخزين تلك المواد، وذلك بعد تلقيها كتاباً رسمياً وصف بـ «السري للغاية» من المجلس الأعلى للأمن القومي.
ورغم التهدئة النووية التي جاءت بعد أيام من زيارة وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان لسلطنة عمان، التي تلعب دوراً تاريخياً في الوساطة بشأن الخلاف الذري بين طهران وواشنطن، أعلن «الحرس الثوري» توقيف ناقلة نفط ترفع علم بنما خلال مرورها بمضيق هرمز، في ثاني حادث من نوعه خلال أسبوع، وبعد تقرير عن قيام طهران بخطوة مماثلة الخميس الماضي انتقاماً من مصادرة واشنطن لشحنة محروقات إيرانية تخضع لعقوباتها.
في سياق متصل، ترددت أنباء عن انفجار وحريق في ناقلة نفط إيرانية عملاقة قرب ماليزيا دون معرفة السبب، ووسط توقعات باحتمال تعرضها لهجوم ضمن «حرب الظل» الدائرة بين طهران وتل أبيب.