افتتحت كلية القانون الكويتية العالمية، أمس، مؤتمرها السنوي الدولي التاسع، الذي أقيم برعاية وزير التربية وزير التعليم العالي، د. حمد العدواني، الذي أناب عنه للحضور الأمين العام لمجلس الجامعات الخاصة بالتكليف، د. عادل البدر.

ويأتي المؤتمر بعنوان «قضايا قانونية مستجدة... مراجعة علمية للتحديات العملية التي تواجه الدولة المعاصرة»، واستمرت جلساته على مدى يومين.

Ad

وشهد اليوم الأول للمؤتمر 13 جلسة، استُهلت بجلسة رئيسية عامة، تحت عنوان «مراجعة نظم الانتخابات وقوانينها وآليات عمل السلطات العامة»، ورأسها نائب رئيس كلية القانون الكويتية العالمية، د. يوسف العلي، وتحدّث في بدايتها أستاذ القانون العام، العميد السابق لكلية الحقوق بجامعة القاضي عياض بالمغرب، د. محمد المالكي، وتناول فيها «الانتخابات ومتطلبات بناء المؤسسات التمثيلية»، مشيراً إلى أن الانتخابات أصبحت آلية عامة تأخذ بها مجمل دول العالم، ويمارس فيها المواطنون هذا الحق، غير أنها لا تحقق النتيجة المرجوة لبناء مؤسسات تمثيلية تعبّر حقاً عن الإرادة العامة.

وأكد المالكي أن الانتخابات لكي تكون رافدة للمؤسسة التمثيلية لا بدّ أن تتوافر لها النزاهة والشفافية، وضمان حرية اختيار الناخبين لمن يريدون من المرشحين، دون وجود أي ضغوط، مشدداً على أهمية حرية التنافس وتكافؤ الفرص بين المرشحين، ومؤكداً أهمية استقلالية القضاء الذي له دور مفصلي في العملية الانتخابية، وأهمية أن تكون النظم الانتخابية مبنية على التوافق.

وتحدثت أستاذة القانون الدستوري في كلية الحقوق بالجامعة اللبنانية د. هالة أبو حمدان، فعرضت لـ «إصلاح نظم الانتخابات وقوانينها»، مقارنة بين عدد من النظم الانتخابية في الدول العربية والأجنبية، ومؤكدة أن الانتخابات إن لم تكن سليمة فلن يكون التعبير عن الإرادة الشعبية سليماً.

وأضافت أبو حمدان أن الدائرة الانتخابية الكبرى «الوطن» هي أكثر دائرة تؤمّن المساواة والعدالة في التصويت، إذ إن تقسيم الدوائر قد يُحدث فارقاً بين دائرة وأخرى، مطالبة بضرورة إصلاح النظم الانتخابية بما يواكب المستجدات ويستجيب لتطور العصر.

وعرض رئيس كلية القانون الكويتية العالمية، أستاذ القانون العام فيها، د. محمد المقاطع، ورقة عمل بعنوان «إصلاح النظم الانتخابية والأنظمة اللاجغرافية»، مشيراً إلى أن إصلاح النظام الانتخابي يعدّ جوهر إصلاح النظام السياسي والركيزة التي يقوم عليها، مؤكداً أنه لا عدالة في النظام الانتخابي ما دام التقسيم الانتخابي متحكَّماً به ومبنياً على المناطقية، وهو ما نتج عنه سيطرة الأنانية والفردية والفئوية والقبلية والحزبية والطائفية والفساد المالي والتمثيل الضعيف وسوء التمثيل، وهي إشكاليات نجدها واضحة في مختلف النظم الانتخابية.

وأوضح المقاطع أن الدوائر الانتخابية تعني أن تقسّم الدولة جغرافياً، استناداً إلى تقسيم إقليمي جغرافي، أو تقسيم إداري جغرافي، أو تقسيم فئوي جغرافي، وهو نظام يأتي بإفرازات لن تكون سوية ولن تحقق التمثيل الديموقراطي الصحيح المنشود.

وأضاف أن النظام الجغرافي أو المناطقي ثبت عدم نجاحه على امتداد 60 سنة من الانتخابات بالكويت، ومن ثم لم تعد فكرة تعديل هذا النظام أمراً ملحّاً فقط، بل تجاوزت ذلك لتصبح واجباً وطنياً، نسعى من خلالها إلى إخراج البلاد من عنق الزجاجة الذي تعيش فيه وإبعادها عن شبح عدم الاستقرار السياسي والانحدار في الأداء والتشنج في الطرح، موضحاً أن التعديل المطلوب ليس لمجرد التعديل، إنما يستهدف معالجة المثالب الدستورية والممارسة البرلمانية، لتحظى البلاد بنظام انتخابي بعيد عن الطعون، وتسوده الممارسة الراقية والهادفة.

النظام العشوائي

وأكد المقاطع أن توجيهات سمو الأمير في خطاباته تهدف الى تدارك النظام العشوائي في الانتخابات، من خلال دعوات سموه في خطاباته إلى نبذ العصبيات، والتعامل مع الوطن باعتباره وطن الجميع، ويسهم في إعادة صياغة الهوية الوطنية للمجتمع من جديد، والتخلص من الكيانات العصبية «القبلية والفئوية والطائفية»، مؤكداً أنه يضمن النزاهة والعدالة والقيمة الوطنية الخالصة، وهو منزّه عن المصالح الفئوية والخاصة، فضلاً عن إصلاحه لحالة الخطاب السياسي العام والارتقاء به من خطاب فئوي قبلي طائفي إلى خطاب عام شامل للكويت دون أي عصبيات، إضافة إلى منع وصول السّبّابين واللّعّانين ومثيري الفتن والنزعات العصبية من الوصول إلى قاعة البرلمان.

وذكر المقاطع أن النظام العشوائي يمكن أن يكون – على سبيل المثال – وفق الحروف الهجائية لاسم الشخص أو يوم ميلاده، بغضّ النظر عن منطقته الجغرافية، ومن ثم تتكافأ الفرص أمام الجميع، ولن يكون هناك شخص حاجز مقعده بصورة مسبقة، وستزداد فرص النجاح للمستقلين، موضحاً أن هناك مزايا عدة لهذا النظام، لعل في مقدمتها أنه يتيح الفرصة لأكثر من مرشح من فئة واحدة، ويقلل فرص تفرّد فئة معيّنة أو شخص معيّن بالحصول على أصوات عالية، ويفتح المجال أمام المنافسة المشروعة بين أبناء الفئة الواحدة، ويمنع احتكار أسماء معيّنة للفئة، فضلاً عن أنه يحدّ إلى أمد بعيد من النزعات الطائفية والقبلية والفئوية في المجتمع، إن لم يخلّصه منها.

اتجاهات النظم الانتخابية

وحملت الجلسة الثانية عنوان «اتجاهات النظم الانتخابية المقارنة ومقتضياتها وآثارها ودور القضاء الدستوري»، وأدارها عضو هيئة التدريس بكلية القانون الكويتية العالمية، د. أحمد الفارسي، وقدّم في مستهلها أستاذ القانون العام المساعد بالكلية، د. سعد العنزي، وأستاذ القانون الدستوري والنظم السياسية المساعد، د. عبدالرحمن الهاجري، ورقة عمل بعنوان «المجمع الانتخابي في الولايات المتحدة... دراسة في الجذور التاريخية لهذا النظام ومبررات الملاءمة المعاصرة»، أكدا فيها أن الانتخابات الأميركية مهمة لكل العالم، نظراً لما تملكه الولايات المتحدة من إمكانات هائلة على مختلف الصُّعد، تمكّنها من التأثير على العالم كافة، سواء في مجال الاقتصاد أو السياسة، أو غيرهما من المجالات الأخرى، ولفتا إلى أن الانتخابات الأميركية تتميز عن غالبية الانتخابات في العالم الديموقراطي بنظام المجمع الانتخابي، وهو نظام يُعدّ فريداً، إذ لا تطبّقه أي من دول العالم سوى الولايات المتحدة الأميركية، ويثير تطبيقه جدلاً ما زال متواصلاً إلى يومنا الحالي.

التمثيل النسبي

من ناحيته، عرض المدير التنفيذي لمركز الكويت للدراسات والبحوث القانونية بكلية القانون الكويتية العالمية، صلاح الغزالي، ورقة عمل تحت عنوان «نظم الانتخابات وإداراتها وضماناتها في الكويت... جوانب التصحيح والمراجعة»، أكد فيها أنه إذا كانت الديموقراطية وسيلة الناس لتحديد من يتولى السلطة وإدارة المجتمع والدولة، فإن النظام الانتخابي هو الذي يحدد من يمثّل المجتمع ويرسم القواعد التي على أساسها تتم ممارسة الديموقراطية على وجهها الأكمل، مشيراً إلى أن هناك أنواعاً من النظم الانتخابية، منها نظم الأغلبية، ونظم التمثيل النسبي، والنظم المختلطة، فضلاً عن نظم أخرى، كنظام الصوت الواحد غير المتحول، ونظام الصوت المحدود.

مكافحة الفساد

وحملت الجلسة الثالثة عنوان «مكافحة الفساد من وجهة نظر القانون الجنائي والقانون الدولي... تطور الأنظمة والقوانين واسترداد الأموال المنهوبة».

وتناولت الجلسة الرابعة من المؤتمر موضوع «العلاقة بين القانون والأخلاق وتجلياتها». وسلطت الجلسة الخامسة الضوء على قضية «القانون الدولي في مواجهة الحروب والصراعات المعاصرة».

وناقشت «السادسة» قضية «الإصلاح التشريعي والقانوني من خلال مقتضيات الحوكمة وضمانات الدولة»، وسلطت الجلسة السابعة الضوء على قضية «مراجعة القانون الجزائي وضرورة تحديثه».

وركزت الجلسة الثامنة من المؤتمر على «تحديات الهوية المجتمعية وسبل حمايتها». وناقشت «التاسعة» موضوع «التجديد في القوانين الإجرائية وإجراءات التقاضي الافتراضي والتحكيم الدولي».

وتناولت الجلسة العاشرة «دور الإدارة العامة والهيئات المتخصصة في مكافحة الفساد».

وركزت الجلسة الحادية عشرة على قضية «تحديث القوانين والإجراءات الجزائية في ضوء الجرائم الجديدة والمستجدات التكنولوجية».

وتناولت الجلسة الثانية عشرة للمؤتمر «دور الوسائل الحديثة في تحقيق العدالة ودور القضاة وسبل مخاصمتهم».

وكان ختام اليوم الأول للمؤتمر بعقد الجلسة الثالثة عشرة، وعنوانها «ضمّ أراضي الدول ذات السيادة بالقوة وتأثيراتها والعقوبات الأحادية ومكافحة الجرائم الإلكترونية».