تستمد المجتمعات قوانينها وعاداتها وتقاليدها من تاريخها الثقافي، وكلما تمثلت معاني الحرية والعدالة والمساواة في ثقافتها ويومياتها انعكس ذلك إيجاباً على نصوص القوانين التي تتحكم في حركة المجتمع والعوامل الدافعة لتطوره.
قيمة الدساتير ليست بما تحجب أو تمنع، بل بما تمنح من حقوق أو ترسي من أمان، وكلما تماهت القوانين بالمبادئ الأخلاقية كانت أشد عرضة للثبات والاستمرارية.
في هذه الأيام بعض دكاترة القانون الدستوري نصاب منهم بالذهول، ويفتقدون للمنطق والحكمة، فأحدهم يكتب رافضاً دستورية القانون 44 لسنة 1994م والذي نصه «أما أولاد المتجنس الذين يولدون بعد كسب الجنسية الكويتية فيعتبرون كويتيين بصفة أصلية ويسري هذا الحكم على المولودين منهم قبل العمل بهذا القانون» ويضيف معلقاً «إن ما هو ثابت للأصل– يقصد المتجنس– ينتقل تلقائياً للفرع، ولا يمكن للأصل أن يكسب الفرع صفة مغايرة لصفته».
ومنطقه هذا تنقضه المادة الثالثة للمرسوم الأميري رقم 5 لسنة 1959م بقانون الجنسية الكويتية، حيث منحت الجنسية الكويتية بصفة أصلية «لمجهولي الوالدين» الذين لا يعلم عنهم أي صفة أو هوية أصلاً، ولم يزد القانون لـ«اللقيط» حرماناً بل توسل بأمان وسياج الجنسية ضماناً لمستقبله، كما أن صفة الفرع تتبع وتلحق بصفة الأصل ليست قاعدة دستورية، بل ذيلا من ذيول الأعراف البالية والتقاليد التالفة وقاعدة شرعية لا تنسحب تطبيقاتها على قانون الجنسية، وتوصيفات الأصيل والمتجنس بالجنسية هي توصيفات تاريخية وليست توصيفات تفضيلية لتزكي مواطناً على آخر، وإذا كانت القوانين الجزائية تطبق على الكل سواسية بلا تمييز فالأجدر أن يتساوى جميع المواطنين في مسمى الجنسية أمام القانون.
ولنتذكر أنه لا يوجد نص دستوري يمنع منح المتجنسين مسمى كويتي «بصفة أصلية»، وبمراجعة المادة 82 من المذكرة الدستورية التي تدعو «لملاحظة أن التفريق بين الوطني الأصيل والوطني بالتجنس أمر وارد...، وهو تفريق تحدده أغلب الدساتير بعدد معين من السنين تعتبر فترة تمرين على الولاء للجنسية الجديدة...»، والذي نستنتج منه أن التفريق بين الكويتي الأصيل والكويتي بالتجنس ليس بدائم بل مؤقت، ومن ثم يكون الترشح للهيئات النيابية لأبناء المتجنسين متاحاً متى ما أدخلهم قانون الجنسية ضمن حالات الجنسية الكويتية بصفة أصلية، وهذا ما نصت عليه مواد القانون 44 لسنة 1994م.