قبل بروز أزمة المجلس، كتب الوكيل السياسي البريطاني في الكويت، الكابتن جيرالد ديغوري (1897 - 1984) تقريراً موسعاً بتاريخ 7 يوليو 1938 عن وضع الكويت وما يدور فيها، وأرسله إلى المقيم السياسي في بوشهر، تحت عنوان «اضطرابات حديثة في الكويت».
وسوف نتناول في مقالنا اليوم، وربما في مقالات أخرى قادمة، أجزاء مهمة من هذا التقرير، الذي جاء في 11 صفحة، ويبدأ بشرح حالة أمير الكويت المالية ويصف إمكاناته وأملاكه، ثم يشير إلى أن الكويتيين سعداء أكثر من جيرانهم في الدول المجاورة.
ويوضح أن النقد المتنامي الموجّه إلى الأمير ينحصر في عدد من النبلاء في البلاد، ومقالات في الصحافة العراقية، وبعض المنشورات التي وزعت بشكل واسع بالكويت، كما يوضح أن الأمير يشتكي دائماً من جيرانه الشماليين أو الجنوبيين، ويلومهم على المشاكل التي تقع في الكويت.
وحول إدارة شؤون الكويت، يقول التقرير «إن أوضح ملامح إدارة الكويت هي أن ابن عم الأمير، الذي هو صهره أيضاً، وهو الشيخ عبدالله السالم هو الرئيس الدائم للبلدية، والمحاكم، والشرطة، والمعارف، والمسؤول عن جمع ضرائب الأراضي، وفي الواقع هو الرجل الوحيد المسؤول عن مدينة الكويت، والكويت بشكل عام».
ويشير التقرير إلى أن الشيخ أحمد الجابر يدير كل ذلك بمساعدة من سكرتيره الخاص، الذي أصبح كبيراً في السن الآن، ومن دون أن يعطي فرصة للشعب في المشاركة، رغم تعهّده (أي الأمير) لهم عندما بايعه الكويتيون على أن يكون لهم دور في إدارة البلاد من خلال مجلس استشاري.
«هناك الاجتماع الصباحي اليومي لشرب القهوة للأسرة الحاكمة والنبلاء، ولكنه لقاء مختصر، ولا يطلب الأمير خلاله مشورة من أحد أو رأياً من أبناء الأسرة».
ويبدو أن تقرير ديغوري كان يهدف إلى تأكيد أن أمير الكويت كان منفرداً في إدارة البلاد، وأنه أعطى مبرراً لولادة حركة شبابية جادة ترغب في دور رئيسي بإصلاح البلاد وتطويرها، وربما يكون هذا هو سبب تأسيس ما يسمّى بـ «أول حزب سياسي سري في الكويت»، وهو «الكتلة الوطنية».
في الصفحة الرابعة من التقرير، ذكر ديغوري أن دخل الكويت، قبل تصدير النفط، لم يكن منفصلاً عن دخل الأمير، باستثناء حسابات البلدية وميزانيتها، وعبّر عن ذلك بالقول «إن دخل البلاد ودخل شيخ الكويت هما أمران متطابقان، والبلدية هي الوحدة المالية المستقلة الوحيدة». وقدّم في تقريره أرقاماً قال إنها تقريبية للدخل العام للبلاد، نشير إلى بعض منها على النحو التالي:
200 ألف روبية جمارك بحرية.
100 ألف ضرائب على خروج التراب والحصى (الدركال).
15 ألفاً رسوم ميناء الكويت.
70 ألفاً ضرائب الأراضي.
50 ألفاً إيجارات تابعة للدولة.
15 ألفاً حصص في مراكب الغوص.
وقد وردت في التقرير ثلاثة بنود رئيسية للمدخولات والمصروفات تحت المسميات التالية:
أ. دخل البلاد.
ب. الدخل الخاص للشيخ أحمد الجابر.
ج. نسبة مئوية على الأموال المودعة بالبنوك.
ومن أمثلة البنود التي وردت رواتب بعض أبناء الأسرة الحاكمة، وضريبة سوق السمك، ومدخول مزارع التمور التابعة لأسرة الصباح في العراق، وتجارة المواشي والأغنام، وغير ذلك، وبلغ إجمالي الدخل العام التقريبي 828 ألف روبية في مقابل 156 ألفاً مصروفات أميرية وحكومية منوعة.
ملاحظة:
فاتني في مقال الأسبوع الماضي أن أذكر أن مصدر وثيقة الإصلاح التي نشرتها مع المقال، والتي تعود إلى عام 1921م، من الوثائق التي نشرها د. خليفة الوقيان في كتابه القيّم «تاريخ الثقافة في الكويت».