عادت كرة الانتخابات الرئاسية إلى ملعب اللبنانيين، بعد أن تخففت كل الدول من تحمل مسؤولية تعطيل الاستحقاق الانتخابي، وألقت المسؤولية على عاتق السياسيين في لبنان لتوصل إلى تفاهم على إنجاز الانتخابات الرئاسية وتشكيل حكومة.

وشكلت جولة السفير السعودي في لبنان وليد البخاري على العديد من المسؤولين محطة أساسية انتظرها اللبنانيون للبناء عليها ومعرفة الاجواء والاتصالات التي أجريت على صعيد إقليمي ودولي.

Ad

وكان لافتا تصريح المسؤول الإعلامي في بكركي وليد غياض، بعد لقاء البخاري مع البطريرك الماروني بشارة الراعي، والذي قال إن «بخاري أكد أنه لا اعتراض للمملكة على أي رئيس يصل من خلال الانتخابات في المجلس النيابي، والمملكة حريصة على ألا تتهم بتعطيل الانتخابات الرئاسية وعلى أن هذه القرارات لبنانية».

وكان الموقف السعودي واضحا لجهة عدم تعطيل الاستحقاق الرئاسي، وضرورة إسراع اللبنانيين لإنهاء الفراغ وانتخاب الرئيس والذهاب إلى تشكيل حكومة وفق معايير تلبي تطلعات الشعب اللبناني وتنجز الإصلاحات المطلوبة ليخرج لبنان من أزماته.

عملياً وفي المضمون فإن الموقف السعودي لم يشهد أي تغير، أما من حيث الشكل واللهجة فإن اللبنانيين انقسموا في كيفية تفسير الموقف، إذ إن كل طرف سارع إلى تفسيره وفق مصالحه، فالطرف الداعم لترشيح سليمان فرنجية اعتبر أن السعودية لم تضع أي فيتو على رئيس تيار المردة، وهذا بحد ذاته تطور يمكن البناء عليه في المرحلة اللاحقة. أما المعارضون لفرنجية فاعتبروا أن الموقف السعودي ثابت ولم يتغير، إذ لم يتطرق إلى الأسماء والتفاصيل، إنما شدد على مسألة ما يمكن أي رئيس أن يحققه لمصلحة لبنان، كما يعتبرون أن الموقف السعودي في ضرورة الاتفاق بين اللبنانيين هو تحميلهم مسؤولية إنجاز الاستحقاق، وبالتالي لا يمكن إنجازه بدون توافق، علما أن هناك انقساما عموديا في البلاد حول مسألة ترشيح فرنجية، خصوصا أن القوى المسيحية الأساسية لا تزال معارضة له وفي مقدمها القوات اللبنانية، والتيار الوطني الحر، وحزب الكتائب، وقوى مستقلة أخرى. وبالتالي فإن هذا الانقسام يحول دون التوافق على فرنجية، لا سيما أن جزءا واسعا من هذه الجهات يلوح في استخدام ورقة تعطيل النصاب القانوني لانعقاد أي جلسة انتخاب، أي عدم توفير حضور 86 نائبا في القاعة العامة وبالتالي لا يمكن انعقاد الجلسة، ولا بد من الذهاب إلى الاتفاق على مرشح آخر.

أما بالنسبة إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري فهو لم يكن يريد من السعودية سوى الإعلان عن عدم رفضها انتخاب أي رئيس، وبما أن الرياض قالت إنها لا تضع فيتو على أي مرشح رئاسي فإن بري سيقود مهمة توفير الأصوات اللازمة لانتخاب فرنجية، فيما قد يسعى حزب الله مجددا إلى إقناع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بالقبول بفرنجية مقابل الحصول على مكاسب كثيرة.