تسبب وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان أمس، في أزمةٍ بين بلاده وإيطاليا، بعد إطلاقه تصريحات وصف فيها رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني بـ «العاجزة عن حلّ مشاكل الهجرة» في بلادها التي تشهد أزمة «بالغة الخطورة» بهذا الشأن.
وحمّل دارمانان إيطاليا مسؤولية تدفّق المهاجرين، خصوصاً القاصرين القادمين إلى جنوب فرنسا، معتبراً أن «في تونس وضعاً سياسياً يدفع عدداً كبيراً من الأطفال إلى العبور عبر إيطاليا، العاجزة عن التعامل مع هذا الضغط من المهاجرين».
وشبّه الوزير الفرنسي ميلوني بزعيمة اليمين المتطرف في فرنسا مارين لوبن، معتبراً أن كلتيهما تدعوان لانتخابهما على أساس تحقيق إنجازات، لكن ما يجري العكس، «وما نراه في إيطاليا أنّ الهجرة لا تتوقف بل تزداد».
وذكرت وزارة الداخلية الإيطالية، أنّ أكثر من 36 ألفاً وصلوا إلى البلاد هذا العام عبر البحر المتوسط، مقابل نحو تسعة آلاف خلال الفترة نفسها من عام 2022. وأعلنت حكومة روما قبل 3 أسابيع حالة الطوارئ في أنحاء البلاد مدة 6 أشهر، لمواجهة أكبر موجة مهاجرين مصدرها ليبيا وتونس، في ظل زيادة متوقعة لأعداد اللاجئين خلال الأيام المقبلة نتيجة تداعيات الصراع المسلح في السودان.
ووصف وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاغاني تصريحات دارمانان بـ «غير المقبولة»، قبل أن يعلن إلغاء زيارة كانت مقررة أمس لباريس للقاء نظيرته الفرنسية كاترين كولونا.
وفي محاولةٍ لاحتواء الأزمة، أكدت الخارجية الفرنسية، أن العلاقة مع إيطاليا «تقوم على الاحترام المتبادل بين البلدين وبين قادتهما»، وأن أزمة الهجرة المتمثلة بالزيادة السريعة في تدفق المهاجرين تشكل «تحدياً مشتركاً» على البلدين التعاون لمواجهتها، آملة أن يعاد تحديد موعد جديد للزيارة في أسرع وقت.
جاء ذلك، في حين أجرى قائد قوات «الجيش الوطني»، المسيطر على شرق ليبيا، خليفة حفتر، زيارة أمس لروما، أجرى خلالها محادثات مع مسؤولين إيطاليين، حول تصاعد تدفق المهاجرين غير الشرعيين باتجاه إيطاليا.
وتأتي زيارة حفتر لروما بالتزامن مع تحذير أطراف ليبية من مشروع إيطالي لتوطين المهاجرين في سبها جنوب ليبيا، في إشارة لإعلان منظمة إيطالية تسمى «آرا باتشي للسلام» مشروعاً لإنشاء «مركز الصحراء للسلام»، الذي يستهدف تعزيز قطاع الزراعة والعمالة الزراعية، ودعم اندماج السكان المحليين ومجتمعات المهاجرين بالمنطقة.
وأشارت تقارير لصحيفة «وول ستريت جورنال» إلى أن حفتر قدم دعماً عسكرياً ولوجستياً لمحمد حمدان دقلو (حميدتي) قائد قوات الدعم السريع، الذي تخوض قواته معارك عنيفة مع الجيش السوداني بقيادة عبدالفتاح البرهان. وألمحت وكالة «فرانس برس» إلى صلةٍ بين إيطاليا وحميدتي سببها نفوذ الأخير على الحدود بين ليبيا وتشاد مما يتيح إمكانية التعاون معه في محاولة الحد من الهجرة غير القانونية عبر البحر المتوسط نحو إيطاليا ودول أوروبية أخرى.