تشعر بالتوتر والغضب والتردد والحيرة والإقدام والإحجام وأنت تقرأ هذه القصة المعدة للأطفال، فكرة الدكتور علي عاشور الجعفر، ونص السيد نون ورسوم ندين عيسى. تتضافر الكلمة مع الرسم في خلق هذه الحالة سالفة الذكر، خلقا يشي برفض الآخر المغتصب، «المكسب ليس بالانتصار في اللعب، المكسب الحقيقي في طرد المغتصب»، ما يفصل بين البطل والمغتصب هذه الشبكة التي من خلالها ترى أسوار المخيمات، وتسمع صراخ الأطفال، وتشهد معاناة الأمهات، وتعرف معنى الانكسار وذل الرجال، وهيمنة الجبان على الشهم الشجاع، صاحب الأرض والحقل والشجر، تشعر بالقهر حين ترى المهرولين وهم يسرعون الخطى في التطبيع والتمهيد للمصالحة الكبرى!! وفي الوقت نفسه تشهد طفلاً لاعباً، ولاعباً طفلاً يتردد في اللعب مع هذا المغتصب، على الرغم من يقينه بالفوز عليه وتحقيق الانتصار، ولكنه انتصار رياضي، انتصار يجرك لمصافحته والابتسام في وجهه ومجاملته في الوقت الذي لا يستحق منك سوى رفضه جملة وتفصيلاً «إنها هي الخسارة وإن تحقق الفوز بعدد تمريرات الكرة».
اللاعب الطفل في هذه القصة يحمل رفض جيله للمغتصب كما رفض آباؤه من قبل اللعب معه في البطولات العالمية، إن قبول اللعب مع المغتصب اعتراف ضمني بشرعيته في الوجود على هذه الأرض، وهو لا شرعية له ولا شريعة، إنه يمثل الظلمة الطاغية والمهيمنة التي تحارب النور والحق المبين.
الألوان تمضي في خطوط متوازية أحمر وأسود وأبيض وأخضر، هي الألوان التي اشتق منها معظم أعلام الدول العربية لاسيما علم فلسطين الخنجر المغروس في خارطة الدول العربية، الذي ينز ألما ويتفجر غضبا لطول مكوث الأمة وسباتها عن تحرير أرضها، وكأني بصوت الشاعر القديم وهو يقف على حافة الشبكة منشدا:
إِنّا لَقَومٌ أَبَت أَخلاقُنا شَرَفاً أَن نَبتَدي بِالأَذى مَن لَيسَ يُؤذينا
بيضٌ صَنائِعُنا سودٌ وَقائِعُنا خُضرٌ مَرابِعُنا حُمرٌ مَواضينا
«قف أيها الحكم لا تطلق الصافرة» فإن بيني وبين هذا المغتصب تاريخاً من العذاب، تاريخاً من الدم، تاريخاً من الصراع، فكيف لي أن أبتسم في وجه من قتل أبي، واعتقل أخي وشرد عائلتي؟!! كيف... كيف؟؟
«الأرض أرضي وهو نبتة ملعونة،
غرست في أرضي بلا إذن...
فليرحل هو إلى حيث كان
أما أنا فباق في مكاني»