في الصميم: ما يحدث في بلاد العرب ليس مصادفة
ذكرت في مقالة نشرت 29/ 7/ 2020 أن الحروب العربية أشعلت لتدوم، فقد تلاقت مصالح كل الغرب وإسرائيل وإيران بوجوب استدامتها، فلا تغرّنكم وفود السلام المكوكية ولا مراسيل أوروبا ولا مندوبي الأمم المتحدة، ولا تفرحوا للتصريحات الأميركية التي تنادي بوقف المعارك والحروب الطائفية في الشرق العربي، ولا تصدّقوا التباكي على الجياع والمشردين، وعلى دمار مدنهم على رؤوسهم. وذكرت بأنه كلما كادت أطراف النزاع التوصل إلى حل ما، سارع مشعلوها وعملاؤهم الى تأجيجها مرة أخرى، أما المؤتمرات واللقاءات والحوارات فهي لا تعني إلا أمرا واحدا، وهو كيفية إطالة أمد حروبها لإنهاك العالم العربي، والقضاء على أي ولاء قومي، وتدمير أي قوة محتملة لعقود قادمة.
إنها صراعات طائفية لم تقم مصادفة، فقد خُطط لها منذ عقود بهدف تغيير خريطة الشرق العربي، بدأت بتدمير قوتها العسكرية، وزعزعة استقرارها ووحدتها الوطنية بنزع انتمائها القومي واستبداله بروح الولاء الطائفي السني والشيعي.
ولكبح جماح العرب المشاكسين المتطلعين الى تحرير كل أراضيهم المغتصبة ومنها فلسطين نبعت فكرة قيام «الهلال الشيعي الإيراني»، على أن يكون تحت سيطرة نظام طائفي، وهذا ما حصل، فجيء بخميني على طائرة فرنسية ليستبدلوا به رجلهم شاه إيران، وليكون ولمن يأتي من بعده أداة تنفيذ هذا المشروع الجهنمي، على أن يقابله حكم إخواني من مصر يقود الجانب السني العربي.
وقد كشفت هيلارى كلينتون، وزيرة خارجية أميركا في عهد أوباما، في مذكراتها «كلمة السر 360» عن نجاح تدخلهم المدمّر في العراق وليبيا وسورية، وكانوا قاب قوسين أو أدنى على نجاح مخططهم الشيطاني في مصر، ولكن ثورة الشعب والجيش أطاحت بحكم محمد مرسي والإخوان.
وذكرت بأنهم كانوا على اتفاق مع إخوان مصر على إعلان دولة إسلامية في سيناء في يوم 5/ 7/ 2013، وتسليمها لحماس وجزء منها لإسرائيل لتكون حامية لها، مع ترتيبات أخرى مع السودان وليبيا، وكانوا على اتفاق مع أوروبا للاعتراف بها فور قيامها، ولكن إسقاط حكم الإخوان أجهضه.
كانوا يريدون من حزب الإخوان السيطرة على مصر كأكبر وأقوى دولة عربية، ومن ثم تقسيمها، وبعدها التوجه لدول الخليج العربي، وذكرت هيلاري: «بأن أول دولة مهيأة للسقوط هي الكويت عن طريق أعواننا هناك»، وبعدها يتم تقسيم المنطقة العربية بالكامل كما دعا الى ذلك هنري كيسنجر بعد حرب 1973، لتصبح السيطرة لهم بالكامل على منابع النفط والمنافذ البحرية.
وما نراه الآن أن هناك تقدماً حثيثاً ومتسارعاً لتحقيق هدف قيام وضع طائفي عربي مستدام تقوده وتهيمن على الجانب العربي الشيعي منه إيران عن طريق مرتزقة يقومون الآن بتغيير سكاني طائفي في العراق، وسورية، ولبنان، واليمن.
فمعارك الشرق العربي، التي انضم إليها السودان مؤخرا، والذي اقتطع منه الجنوب بصفقة مع عمر البشير سابقا، ستدوم ما لم ينتفض من بقي من الوطنيين العرب، لأن دمار الأمة العربية يصب في مصلحة الجميع ما عدا العرب، وستبقى بلادنا منتهكة ضعيفة ما دام هناك خونة ومرتزقة وحكّام باعوا شرفهم وأوطانهم من أجل عروش لم يعودوا يحكمونها.