«جاري الإصدار»... كلمتان تظهران على شاشة استعلام موقع الهيئة العامة للمعلومات المدنية، لكنهما تكشفان عن 3 سنوات من المعاناة التي دخل الوافدون فيها دوامة تأخير صدور البطاقة المدنية، ولا يعلمون متى يخرجون منها، وكأنها في عالَم الغيب لا عالَم التطور التكنولوجي والدخول في عصر التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، رغم أن دولاً قريبة منّا تنجز هوياتها في دقائق معدودة، دون مراجعة الهيئات الحكومية.
فبعد إلغاء ملصق «الإقامة» على جواز السفر، يتعرّض غير الكويتيين لرحلة طويلة يعانون فيها الأمرّين والمشاكل داخل الكويت وخارجها عند السفر، ورغم تبرير هيئة المعلومات المدنية بأن التأخير بسبب جائحة كورونا عام 2020، فإنه بعد مرور 3 سنوات مازال الوضع كما هو عليه، وظل وضع الانتظار دون إنجاز إصدار البطاقة حتى إشعار آخر، ولا حياة لمن تنادي!
ورغـــــــم إعلان الهيئة يوم 10/ 8/ 2020 اعتذارها للمواطنين والمقيمين عن تأخير إصدار وتوزيع البطاقات، بسبب تعطّل الهيئة لـ 4 أشهر على أثر جائحة كورونا، فإنها أعلنت أن معدل التسليم بلغ - بعد استئناف العمل - أكثر من 10 آلاف بطاقة يومياً، وهو ما يعني أنها تسلّم 1.3 مليون بطاقة شهرياً، و15 مليوناً سنوياً، وهو ما يزيد على سكان الكويت بأكثر من 3 أضعاف، في حين أن بعض المراجعين ينتظرون أكثر من عام ولا يتسلّمون بطاقاتهم!
استياء شديد
«الجريدة» فتحت ملف تأخّر إصدار البطاقة، إذ جالت في أروقة الهيئة العامة للمعلومات المدنية، للوقوف على أسباب تأخّر البطاقات، وسألت بعض المراجعين عن حال بطاقاتهم المدنية، حيث عبّروا عن استيائهم الشديد من الأوضاع الحالية وسوء الخدمة في أجهزة الهيئة.
وذكر بعض المراجعين أنهم يئسوا من كثرة المحاولات للدخول على موقع الهيئة، بغية الاستعلام عن حالة طلب تجديد البطاقة، مبينين أن الاستعلام أصبح إحدى العادات اليومية التي عليهم ممارستها في كل صباح.
ولفت مراجعون إلى أنهم يعتمدون بشكل كبير على البطاقة الرقمية (هويتي) في إنجاز المعاملات الشخصية، إلا أن هناك جهات تطالب التحقق عبر البطاقة الأصلية، مما أدخلهم في دائرة إرجاع بعض المعاملات لحين إصدار البطاقة الجديدة. مضيفين انه في موازاة وجود 3 ملايين يستخدمون «هويتي»، ثمة جهات، داخل الكويت وخارجها، لا تعتدّ بها.
وأشار أحدهم إلى أن طول الانتظار للبطاقة المدنية الجديدة دخل في شهره العاشر، ومازال الطلب تحت «جاري إصدار البطاقة»، مؤكداً أن المراجعة المتكررة لتعديل بعض المعلومات.
وبيّن المراجع أن الأمر لا يتوقف عند البطاقة الشخصية، بل يرتبط بالبطاقات المدنية للأسرة أيضاً التي تحتاج إلى متابعة وذهاب وعودة متكررة من أجل الانتهاء من معاناة التجديد، متمنيا ألّا يواجه ذلك العناء في السنة المقبلة، في ظل وجود الهوية الرقمية.
وذكر مراجع آخر أن «المعلومات المدنية» أصبحت مثالاً للتعب وروتينا مملاً للمراجعات الحكومية، مشيراً إلى أنه قدّم طلب التجديد في شهر أغسطس الماضي، وتحصّل عليها أخيراً بعدما اكتشف أن معاملته لم يُدخلها الموظفون في «النظام».
وعلمت «الجريدة»، من مصدر لها في «المعلومات المدنية»، أن الهيئة تعتزم تطوير عقود الصيانة الخاصة بمكائن البطاقة المدنية، وزيادة الشرائح «الممغنطة» التي تصنع منها البطاقات، حتى تعود كما كانت الخدمة عليه قبل «كورونا»، مبيناً أن البطاقات لا يمكن الاستغناء عنها خلال السنوات الـ 5 المقبلة، لكونها تعتبر هوية مادية في ظل وجود إلكترونية عبر «هويتي»، مضيفاً أن رسوم البطاقة التي تصل إلى 5 دنانير تعتبر جزءاً من تكلفتها، والجزء الآخر يدخل لصيانة الأجهزة.
خدمة توصيل جديدة
وعن خدمة التوصيل، ذكرت المصادر أنه تم إقفال مزايدة، وسيعلن الفائز بها قريباً بعد انتهاء العقد السابق، متابعة أن مدتها 3 سنوات، وستعطي مساحة أكبر تسهيلاً على المراجعين دون الحاجة إلى حضورهم.
تفاعل مع ما نشرته الجريدة•
بشأن ما كشفت عنه «الجريدة»، في عدد سابق لها، عن وجود عصابة تتقاضى رسوماً لاستعجال إصدار البطاقة، أكدت مصادر بـ «المعلومات المدنية» تعديل بعض الإجراءات التي سمحت بوجود ثغرات في التمايز بين الطلبات المقدمة، والذي عجّل من إصدار بعضها وترك الآخر مهملاً، مؤكدة وجود تقرير يومي بعدد الطلبات التي تم إنجازها وفترة تقديمها وعدد الطلبات التي أنجزها كل موظف.
وقالت إن «المعلومات المدنية» ستقدم شكلاً جديداً من الحفاظ على السرية وكشف أي تلاعب بين الطلبات.
أسباب تأخير البطاقة
بينت مصادر لـ «الجريدة» عدداً من الأسباب التي عززت من تأخير إصدار البطاقات، ومن أبرزها دخول جائحة كورونا، وما صاحبها من كثرة طلبات التجديد وقلّة عدد الموظفين.
وأضافت أن نقص عدد شرائح البطاقة المدنية (الممغنطة) وتأخير طرح العقود الجديد لشرائها من أسباب التأخير، وكذلك توجيهات خاطئة بإعطاء أولوية إصدار البطاقات عبر خدمة التوصيل.