انقسام بين بايدن ومكارثي حول سقف الدَّين الأميركي
المحادثات مستمرة... والرئيس لا يستبعد التعديل الرابع عشر للدستور
اتفق الرئيس الأميركي جو بايدن وكبار المشرعين أمس على إجراء المزيد من المحادثات التي تهدف إلى كسر الجمود بشأن رفع سقف الدين الأميركي البالغ 31.4 تريليون دولار، قبل ثلاثة أسابيع فقط من احتمالية تخلف البلاد عن السداد على نحو غير مسبوق.
وبعد نحو ساعة من المحادثات في المكتب البيضاوي كلف بايدن، المنتمي إلى الحزب الديموقراطي، وكيفين مكارثي، رئيس مجلس النواب المنتمي إلى الجمهوريين، مساعديهما بإجراء مناقشات يومية حول مواطن الاتفاق المحتمل مع اقتراب احتمالية التخلف عن السداد في أول يونيو. ومن المنتظر أن يجتمع بايدن ومكارثي وكبار قادة «الكونغرس» الآخرين مرة أخرى الجمعة.
ووصف بايدن المحادثات بأنها «مثمرة»، وبدا أنه قدم للجمهوريين بعض التنازلات الممكنة، بما في ذلك إلقاء «نظرة فاحصة» لأول مرة على استعادة الأموال التي خصصت للإغاثة خلال جائحة كورونا ولم تنفق، وذلك لتقليل الإنفاق الحكومي، لكنه أكد أنه يجب على الجمهوريين أن ينحوا أزمة التخلف عن السداد جانبا، ولم يستبعد في نهاية المطاف العودة إلى التعديل الرابع عشر للدستور الأميركي، وهو نهج لم يخضع للتجربة، ومن شأنه أن يسعى للإعلان عن أن حد الدين غير دستوري.
وقال إن الأمر سيتطلب إجراءات للتقاضي لكنه خيار قد يدرسه في المستقبل، متابعا: «هناك الكثير من السياسة والمواقف، سيستمر ذلك لبعض الوقت»، وأضاف: «تفهم جميع الحاضرين في الاجتماع خطر التخلف عن السداد».
وأكد مكارثي عدم إحراز تقدم بعد الاجتماع، وقال للصحافيين: «لم أر أي تحرك جديد»، مضيفا أن بايدن لم يوافق على المحادثات إلى أن أوشك الوقت على النفاد، وتابع: «هذه ليست طريقة للحكم»، لكنه قال إن بايدن أشار إلى انفتاحه على مناقشة إصلاحات لعملية السماح بمشروعات الطاقة الجديدة كجزء من المحادثات.
وحذر خبراء اقتصاديون من أن فترة طويلة من التخلف عن السداد من الممكن أن تؤدي بالاقتصاد الأميركي إلى حالة من الركود العميق مع ارتفاع معدلات البطالة، ومن ثم زعزعة استقرار نظام مالي عالمي يعتمد على السندات الأميركية، ويستعد المستثمرون لمواجهة أثر ذلك.
قادة «وول ستريت» يحذرون من عواقب وخيمة لتخلّف أميركا عن سداد التزاماتها
ويدعو بايدن المشرعين إلى رفع حد الاقتراض الذي فرضته الحكومة الاتحادية ذاتيا من دون شروط، وقال مكارثي، الذي يتمتع حزبه بأغلبية ضئيلة في مجلس النواب، إن مجلسه لن يوافق على أي اتفاق لا يخفض الإنفاق بشكل كبير لمعالجة العجز المتزايد في الميزانية، وأشار إلى أنه لا يرى حلا على المدى القصير.
وكانت معارك سقف الدين السابقة عادة ما تنتهي باتفاق يجري الترتيب له على عجل في الساعات الأخيرة من المفاوضات، ومن ثم تجنب التخلف عن السداد.
وفي عام 2011، أدى ذلك إلى خفض تاريخي للتصنيف الائتماني من الدرجة الأولى في البلاد، ويحذر المخضرمون في تلك المعركة من أن الوضع الحالي أكثر خطورة، نظرا لاتساع هوة الانقسامات السياسية.
من ناحية أخرى، حذرت كبريات المؤسسات والشخصيات المؤثرة في «وول ستريت» من الآثار طويلة الأجل «التي لا يمكن تصورها»، نتيجة التخلف المحتمل للولايات المتحدة عن سداد التزاماتها المالية.
وفي رسالة إلى وزيرة الخزانة جانيت يلين، قال قادة حاليون وسابقون في اللجنة الاستشارية للاقتراض، إن تكلفة الموقف الراهن تمتد إلى أبعد من الأسواق، وتؤثر على استعدادات الشركات لسيناريو التخلف الوشيك عن السداد.
وتخضع لجنة الاقتراض الاستشارية للقانون الفدرالي وتتكون من ممثلين رفيعي المستوى من صناديق الاستثمار والبنوك، وتجتمع كل ثلاثة أشهر مع وزارة الخزانة، حيث تقدم ملاحظاتها حول قوة الاقتصاد وتوصيات بشأن إدارة الديون.
وجاء في خطاب اللجنة: «الآثار قصيرة الأجل للمفاوضات المطولة (بين الجمهوريين والديموقراطيين) مكلفة، والآثار طويلة الأجل للتخلف عن السداد لا يمكن تصورها، ولا حجم العواقب السلبية بسبب المفاوضات المطولة».
ودعت إلى رفع حد الدين في أقرب وقت ممكن من أجل حل المشكلة، وقالوا: «لقد حان الوقت لتطبيق طريقة بديلة لفرض المسؤولية المالية، إما عن طريق اشتراط رفع الحد في ظروف محددة أو بإلغاء سقف الدين بالكامل».