وسط نُذر باحتمال دخول الطرفين في تصعيد يعد الأخطر منذ المواجهة التي اندلعت بينهما في أغسطس الماضي، شنت فصائل فلسطينية هجمات بعشرات الصواريخ من غزة على مستوطنات إسرائيلية بغلاف القطاع وحتى تل أبيب وتسببت بتعطيل الملاحة في مطار «بن غوريون» رداً على الغارات الجوية المفاجئة التي شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلي أمس الأول وأسفرت عن مقتل 3 من كبار قادة حركة الجهاد و12 آخرين بينهم 4 أطفال و4 نساء.

وجاء رد الفصائل الفلسطينية الذي أُطلق عليه «ثأر الأحرار» واشتمل على إطلاق نحو 300 صاروخ وقذيفة، في وقت سعت تل أبيب إلى تحييد حركة حماس المسيطرة على القطاع، والتي أعلنت مشاركتها في الهجمات التي أسفرت عن إصابة 5 إسرائيليين.

Ad

وقبل انطلاق الرد شنت المقاتلات الإسرائيلية سلسلة غارات جوية استهدفت نشطاء بـ «سرايا القدس» الذراع العسكرية

لـ «الجهاد» في رفح وخان يونس وأسفرت عن مقتل 3 من كوادرها، ضمن حملة «الدرع والسهم» التي أطلقتها لتعقب المتورطين بإطلاق صواريخ على مدن وبلدات إسرائيلية الأسبوع الماضي عقب وفاة الأسير عدنان الخضر إثر إضرابه عن الطعام بأحد السجون الإسرائيلية.

وفي حين أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو استعداده لكل الاحتمالات وتوسيع العملية ضد القطاع، ذكرت وزارة الدفاع الإسرائيلية أن 205 صواريخ أُطلقت عبر قطاع غزة وتم اعتراض 62 باستخدام منظومة «مقلاع داوود» لأول مرة.

وقالت الوزارة إنها «استهدفت أكثر من 40 قاذفة صواريخ وقذيفة هاون تابعة لحركة الجهاد الإسلامي»، مؤكدة مواصلتها «العمل للحفاظ على أمن المدنيين الإسرائيليين».

وبينما أعلنت وزارة الصحة في غزة أن حصيلة قتلى الغارات الإسرائيلية على مدار اليومين بلغت 21، بينهم 5 أطفال وأربع سيدات فضلاً عن جرح 45 آخرين بعضهم بحالة حرجة، اندلعت اشتباكات بين فلسطينيين وقوات إسرائيلية في طوباس بالضفة الغربية المحتلة.

في غضون ذلك، أفادت تقارير بأن مسؤولاً كبيراً بـ «الجهاد» موجود بالقاهرة أبلغ المسؤولين المصريين بأن الحركة غير معنية بالتصعيد، وأن إسرائيل هي من بدأت الاعتداء وعليها تحمل مسؤوليتها، لكن الفصائل هددت بأنه في حال «تمادى الاحتلال بعدونه فإنه سيواجه أياماً سوداء».

وفي وقت كثفت عدة أطراف إقليمية إلى جانب القاهرة اتصالاتها بهدف التوسط من أجل العودة للتهدئة، تحدثت تقارير عبرية عن عدم رغبة الأوساط الإسرائيلية الرسمية في الدخول بدوامة عنف متدحرجة، لكن الجيش الإسرائيلي أكد أن القيود على سكان المناطق المتاخمة لغزة ستتواصل حتى يوم الجمعة.

في هذه الأثناء، دانت الإمارات الغارات على غزة ودعت، إلى جانب فرنسا والصين، لعقد اجتماع في مجلس الأمن من أجل بحث آخر التطورات.

وفي تفاصيل الخبر:

غداة مقتل ثلاثة قادة عسكريين كبار من حركة الجهاد الإسلامي و12 شخصاً، في ضربات إسرائيلية جوية على غزة، أطلقت الفصائل الفلسطينية أمس أكثر من 300 صاروخ باتجاه إسرائيل في عملية «ثأر الأحرار». ودوّت صافرات الإنذار في البلدات الإسرائيلية الحدودية مع غزة، في حين أفادت تقارير بأن 7000 مستوطن اضطروا لمغادرة المنطقة القريبة من القطاع.

وسمعت صافرات الإنذار في عدة مستوطنات بينها سديروت وعسقلان وإيبيم ونير عام ومفلاسيم بمحيط القطاع.

واستهدفت رشقات صاروخية أماكن تبعد عن القطاع بنحو 70 كيلومترا، حيث قال الجيش الإسرائيلي إن صافرات الإنذار دوّت في ضواحي تل أبيب. لكنه نفى انخراط «حماس» في الرد.

وذكر الجيش الإسرائيلي أنه استخدم للمرة الأولى منظومة «مقلاع داوود» للدفاع الجوي الى جانب منظومة «القبة الحديدية» معلنا إسقاط نحو 70 صاروخا. ووردت تقارير بوقوع 5 إصابات إسرائيلية وتضرر منزلين ومنشأة بإصابات مباشرة.

غارات وتعطيل

وجاءت الرشقات الصاروخية بعدما شنت طائرات إسرائيلية سلسلة غارات جديدة، ضمن حملة «درع وسهم» على مناطق متفرقة في القطاع، حيث قتل أمس 3 وأصيب 12 ليرتفع بذلك عدد الشهداء في قطاع غزة منذ فجر أمس الأول إلى 21، فضلا عن إصابة 37 بعضهم جراحهم خطيرة.

وأسفرت غارة جوية على رفح عن مقتل كادرين من «سرايا القدس»، الذراع العسكرية لـ «الجهاد»، قالت تل أبيب، إنهما على علاقة مباشرة بإطلاق الصواريخ على البلدات الإسرائيلية، الأسبوع الماضي، على خلفية وفاة الأسير عدنان خضر، المتحدث باسم الحركة المدعومة من إيران، بعد دخوله في إضراب عن الطعام مدة طويلة.

وفي محاولة لتحييد الحركة التي تسيطر على القطاع، أكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي ريتشارد هيخت أن «العملية ليست ضد حماس التي لم تشارك في الهجمات الصاروخية».

ولاحقاً، أعلنت «القناة 13» الإسرائيلية، أن الجيش يتجه لبدء هجوم واسع على غزة. وقالت الإذاعة الإسرائيلية، إن صواريخ من غزة استهدفت تل أبيب وعطلت حركة الملاحة في مطار «بن غوريون».

وبعد إطلاق الكم الكبير من الصواريخ، شدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال اجتماع حكومي، على جاهزيته لتوسيع حملته ضد القطاع، مؤكدا أنه مستعد لكل احتمال.

توحيد الجبهات

وفي وقت تضاربت التقديرات بشأن انخراط عناصر «حماس» المسيطرة على قطاع غزة بشكل مباشر في الرد، قالت الحركة إن «ضربات المقاومة الموحدة والمنسقة جزء من عملية الرد على المجزرة التي ارتكبها الاحتلال».

وأضافت الحركة أن «رد المقاومة واجب وثابت على كل عدوان، وهي موحدة في الميدان وحاضرة بقوة للردع».

وجاء ذلك بعد ساعات من تصريح مسؤول رفيع بالحركة لصحيفة «الأخبار» اللبنانية بأن «إسرائيل سترى رداً موحداً من الفصائل الفلسطينية سيعلمها درساً كبيراً».

وقال المسؤول، الذي لم تذكر الصحيفة المحسوبة على «حزب الله» اسمه: «لقد طرحت قيادة المقاومة جميع الخيارات على الطاولة، بناءً على تقدير أن العدو بدأ المعركة في الوقت الذي يختاره»، داعياً إلى مشاركة جميع الجبهات في الرد.

أجواء حرب

وسادت أجواء «توتر وحرب» بقطاع غزة وعلى الجانب الآخر بالمستوطنات المحاذية قبيل بدء الرد الفلسطيني، إذا قامت سلطات «حماس» بإخلاء المقار الحكومية وتعطيل أغلب الأعمال باستثناء الأشغال الملحة.

وقامت قوات الشرطة التابعة للحركة بإعادة انتشارها تحسباً لأي طارئ قبل بدء الرشقات الصاروخية، وما تبعها من غارات جوية وضربات مدفعية إسرائيلية على نقاط الرصد التابعة للفصائل.

وعلى الجهة الأخرى من الحدود، قام رئيس الأركان الجنرال، هرتسي هاليفي، بجولة في فرقة غزة وأجرى تقييما للوضع مع قائد المنطقة الجنوبية. والتقى مع القوات في الميدان واستعرض جاهزية الجيش لسيناريوهات دفاعية وهجومية مختلفة.

وتزامن ذلك مع بدء إجلاء بلدية سديروت نحو 4500 إسرائيلي من المدينة بشكل منظم، تحسباً لاتساع دائرة القتال.

كما ترددت أنباء عن إخلاء 6 حافلات لمجندات من قاعدة زيكيم شمال غزة، في خطوة بررها الجيش الإسرائيلي بأنها ضمن مهام أخرى بالمنطقة الجنوبية، في حين تواصل إغلاق طرق رئيسية ومدارس وتوقف حركة القطارات والحافلات بمحيط القطاع.

جهود التهدئة

من جانب آخر، ذكرت تقارير عبرية، أن قيادياً كبيراً من «الجهاد» موجود حالياً في مصر لإجراء محادثات بهدف وقف التصعيد والعودة إلى التهدئة. وقال مسؤولون إسرائيليون وفلسطينيون إن مصر بدأت اتصالات للتهدئة. ونقل موقع واللا عن مسؤول إسرائيلي القاهرة أبلغت تل أبيب بأن حركة الجهاد الإسلامي غير معنية بالتصعيد ومهتمة بالتوصل الى وقف لإطلاق النار. في المقابل، قالت مصادر فلسطينية إن إسرائيل أبلغت «حماس» عبر وسطاء بأنها هي الأخرى ليست معنية بالتصعيد.

في موازاة ذلك، قال البيت الأبيض، ليل الثلاثاء: «ندعو جميع الأطراف إلى تهدئة الموقف»، مضيفا أن «إسرائيل لها الحق في حماية نفسها والدفاع عن شعبها من الهجمات الصاروخية العشوائية التي تشنها الجماعات المتطرفة».

في السياق، دانت الخارجية الإماراتية الغارات على غزة، ودعت إسرائيل لوقف التصعيد والامتناع عن خطوات تفاقم التوتر بالمنطقة.

ودعت الإمارات وفرنسا والصين إلى اجتماع لمجلس الأمن اليوم لبحث التصعيد.