على وقع التصعيد الإسرائيلي في قطاع غزة ضد حركة الجهاد الإسلامي، سعت إسرائيل إلى الضغط على حركة حماس و«حزب الله» لعدم الانخراط بأي طريقة في الردّ. حصل تدخل مصري وقطري لمنع التصعيد، كذلك اتصالات لبنانية ومواكبة فرنسية لعدم إطلاق أي صواريخ من جنوب لبنان.
ما أرادته إسرائيل هو توجيه ضربة لمنطق وحدة الجبهات الذي كان قد ركز عليه ما يسمى «محور المقاومة» في المرحلة السابقة. وبحسب المعلومات، فإنه بنتيجة الاتصالات التي أجريت كان هناك تشديد على عدم استخدام الجنوب اللبناني منصة للرد. وتشير المعلومات إلى أن حزب الله لا يزال يلتزم بمبدأ وحدة الجبهات وقواعد الاشتباك القائمة بأن تعرضه لأي ضربة اسرائيلية في سورية أو في لبنان أو التعرض للإيرانيين فإنه سيستوجب رداً من أي جبهة من الجبهات.
لا يمكن فصل هذه التطورات، عن المسار السياسي القائم في المنطقة، فإيران وحزب الله لا يريدان التخلي عن مسألة المواجهة مع إسرائيل ويستمران بالإصرار على مبدأ وحدة الجبهات، وهذا يتأكد من نقطتين أساسيتين، الأولى زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان إلى الجنوب اللبناني خلال وجوده لبنان، وزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سورية. بحسب ما تقول مصادر متابعة، فإن الإيرانيين يقولون بوضوح للأميركيين والإسرائيليين إن الإتفاق السعودي ـ الإيراني لا يعني وقف مسار المواجهة معهما وخصوصاً مع إسرائيل.
لبنانياً، فإن حزب الله وتمسكه بمبدأ وحدة الجبهات من جهة، مقابل التواصل مع الفرنسيين وغيرهم لرفض التصعيد، ينطوي على موازنة لدى الحزب في المواقف، من خلال تأكيد جاهزيته للقيام بأي عملية عندما تقتضي الحاجة، بالإضافة إلى انفتاحه الدائم على التهدئة وضبط قواعد الاشتباك. وهذا له اعتبارات سياسية، بمعنى أن الحزب يسعى إلى التهدئة الداخلية والإقليمية سياسياً، لكن مسألة السلاح تبقى قائمة ومرفوعة في إطار المواجهة مع إسرائيل، أما استخدام هذا السلاح فلا بد أن يكون في سياق تحول عسكري أو سياسي، خصوصاً أن الحزب حريص على البقاء في السلطة وأن يكون شريكاً في إعادة تكوينها.
ياتي ذلك وسط أنباء عن لقاء ثلاثي جمع الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله والرئيسين الإيراني والسوري في دمشق خلال زيارة رئيسي، بحث كيفية «إراحة» الدول العربية الساعية للتقارب مع سورية وإيران في إشارة إلى السعودية، بما في ذلك إجراء عمليات إعادة تموضع أمني وعسكري للقوات الإيرانية ولحزب الله في سورية، من خلال انسحابات من مناطق متعددة في شمال شرق البلاد ومحيط العاصمة دمشق، مقابل تسليمها للجيش السوري، في مقابل تعزيز طهران حضورها الاستثماري والاقتصادي.