قبل 4 أيام من الانتخابات الرئاسية التركية، شكّل انسحاب زعيم حزب البلد محرّم إنجه من السباق أمس مفاجأة سارة محتملة لمرشح المعارضة زعيم حزب الشعب الجمهوري العلماني كمال كليشدار أوغلو، الذي أظهر استطلاع للرأي، نُشِر أمس، تقدمه بأكثر من خمس نقاط على خصمه المخضرم الرئيس رجب طيب إردوغان.

وبعد يوم من نفيه صحة شريط جنسي مزعوم وادعاءات بتلقيه رشاوى للترشح للرئاسة وتقسيم أصوات المعارضة، أعلن إنجه، القيادي السابق في حزب الشعب الجمهوري، والذي انشق عن الحزب بسبب خلاف مع كليشدار، انسحابَه من السباق، لكنه لم يدعُ أنصاره إلى التصويت لأي مرشح.

وبعد إعلان إنجه، الذي يصبّ مباشرة في مصلحة كليشدار زعيم حزبه السابق، ارتفع مؤشرا بورصتي إسطنبول والبنوك.

جاء ذلك في حين أظهر استطلاع أجرته شركة كوندا، التي تحظى بمتابعة دقيقة، أمس، أن إردوغان ينال تأييد 43.7 في المئة من الأصوات مقابل 49.3 في المئة لكليشدار، ما يعني أن الاقتراع سيتجه إلى دورة ثانية تجرى في 28 الجاري.

وقدّر الاستطلاع أن نسبة التأييد للمرشحين الآخرين بلغت 4.8 في المئة للمرشح القومي سنان أوغان و2.2 في المئة لإنجه، مشيراً إلى أن ناخبيهما يميلون إلى التصويت لكليشدار في جولة ثانية سيحصل فيها مرشح المعارضة على 49.1 في المئة وإردوغان 46.9 في المئة.

مؤيدون لكليشدار أوغلو في مدينة بورصة أمس (رويترز)

Ad

في تفاصيل الخبر :

على وقْع استطلاعات رأي جديدة تؤكد تفوّق مرشح المعارضة التركية زعيم حزب الشعب الجمهوري، كمال كليشدار أوغلو، بفارق 5 نقاط عن الرئيس رجب طيب إردوغان، قرر المرشح الرئاسي عن حزب البلد، محرّم إنجه، الانسحاب من الانتخابات الرئاسية المقررة بعد غد الأحد.

وأوضح إنجه أنه اتخذ قراره، الذي سيصب مباشرة في مصلحة كليشدار أوغلو زعيم حزبه السابق، بعد تعرُّضه لضغوط وابتزاز على مدار 45 يوماً من شخصيات معارضة ومحسوبة على جماعة «فتح الله غولن»، للانسحاب لمصلحة حزبه السابق «الشعب الجمهوري»، الذي انشق عنه وأسس حزب «البلد»، والتوحد في مواجهة إردوغان وحزبه «العدالة والتنمية».

وأشار إنجه إلى أهمية منافسة حزبه في الانتخابات البرلمانية، التي يشارك فيها 34 حزباً، من أجل الحصول على أكبر عدد من المقاعد لتمثيل مؤسس تركيا مصطفى أتاتورك. وقال: «أطالب كل منزل بصوت واحد لمصلحة حزبي البلد».

وبخلاف إنجه، يتنافس 3 على منصب الرئيس، هم إردوغان وكليشدار أوغلو بشكل أساسي ومرشح حزب النصر، سنان أوغان، في حين ستدور المعركة الكبرى بين تحالف المعارضة (الأمة) وتحالف السلطة (الجمهور) مع وجود ثالث معارض أيضا، هو تحالف «العمل والحرية»، الذي يتشكل من مجموعة أحزاب يسارية صغيرة، ويقوده حزب «الشعوب الديموقراطي» الكردي.

ويخوض إردوغان الانتخابات مرشحاً عن تحالفه المدعوم من حزبَي «العدالة والتنمية» و«الحركة القومية»، إلى جانب عدد من الأحزاب الصغيرة، لا سيما الإسلامية، التي أعلنت في اللحظات الأخيرة دعمها له، وعلى رأسها حزب الرفاه الجديد بزعامة فاتح أربكان.

وفي المقابل، يخوض كليشدار أوغلو الانتخابات عن تحالف الطاولة السداسية المدعوم من أحزاب مختلفة، منها «الجيد» و«المستقبل» لرئيس الحكومة الأسبق أحمد داود أوغلو، والديموقراطية والتقدم لعلي باباجان، و«السعادة الإسلامي»، فضلاً عن الدعم الكبير المنتظر من «الشعوب» الكردي.

تقدُّم كليشدار

في هذه الأثناء، أظهر استطلاع أجراه معهد كوندا التركي، أمس، أن إردوغان يتأخر عن كليشدار أوغلو بأكثر من 5 بالمئة نقاط قبل الانتخابات الرئاسية المقررة بعد غد.

وأظهر الاستطلاع دعماً لإردوغان بنسبة 43.7 بالمئة وكليشدار أوغلو بنسبة 49.3 بالمئة، مما يجعله غير قادر على الحصول على الأغلبية المطلوبة للفوز في الجولة الأولى، ويشير إلى أن الانتخابات ستتجه إلى جولة ثانية بين الرجلين في 28 الجاري.

وتعززت نتائج الاستطلاع الانطباع بأن إردوغان يواجه أكبر تحدّ في حكمه الممتد لعقدين في هذه الانتخابات. وتتوافق نتائج الاستطلاع بشكل كبير مع أخرى تضع كليشدار أوغلو، مرشح التحالف الرئيسي للمعارضة، في الصدارة.

وتعقدت مهمة إردوغان بسبب أزمة تكاليف المعيشة وانهيار الليرة وارتفاع التضخم، والزلزال المدمر الذي وقع في فبراير، وأودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص في تركيا وترك الملايين بلا مأوى.

وأظهراستطلاع «كوندا»، الذي أجري في الفترة من 6 إلى 7 الجاري، دعمًا للمرشحين الآخرين بنسبة 4.8 بالمئة لسنان أوغان، و2.2 بالمئة لمحرم إنجه، مبينا أن غالبية ناخبيهم يميلون للتصويت لمصلحة كليشدار أوغلو في الجولة الثانية.

جولة ثانية

وأظهر استطلاع أجرته «ميتروبول» أن الانتخابات ستتجه إلى جولة ثانية، حيث حصل كليشدار أوغلو على 49.1 بالمئة وإردوغان على 46.9 بالمئة. وفي حالة الجولة الثانية، أظهر الاستطلاع فوز كليشدار أوغلو بنسبة 51.3 بالمئة.

ومع ذلك، قال المدير التنفيذي لخدمات الاستشارات السياسية في إسطنبول، هاكان أكباش، إن إردوغان يبدو على الطريق الصحيح لتحقيق ما يأمل فيه، وهو جولة ثانية مع كليشدار أوغلو.

وقال: «نظرًا للزلازل والأزمة الاقتصادية، ستكون هذه لا تزال نجاحًا بالنسبة له. ما يهم الآن أكثر هو النتائج البرلمانية. إذا كان هناك برلمان متعثر، فسيناشد إردوغان الناخبين اختيار الاستقرار على الفوضى التي من المرجح أن تحدث بعد تكوين تحالف من 6 أحزاب معارضة».

ووفقًا لاستطلاع «كوندا»، فإن الدعم لتحالف إردوغان الحاكم في الانتخابات البرلمانية يبلغ 44.0 بالمئة، متقدمًا على تحالف المعارضة الرئيسي بنسبة 39.9 بالمئة، ومن المتوقع أن يلعب حزب «الشعوب الديموقراطي» الكردي المؤيد لكليشدار أوغلو دور «صانع الملوك».

ووفق «كوندا»، فإنه من المتوقع أن يحقق «الشعوب» الكردي نسبة دعم بنسبة 12.3 بالمئة في الانتخابات البرلمانية، التي يخوض تحت شعار حزب آخر، نظرًا لتهديد حظر قضائي. وهذا سيترك إردوغان وحلفاءه في الأقلية.

وقالت أسلي أيدنتاشباس، زميلة بروكنغز في مؤسسة بروكنغز: «لا شك في أن إردوغان يواجه غالبية ترغب في التغيير، وهذا يشمل الشباب. السؤال الوحيد هو ما إذا كان الناس يعتقدون أن كليشدار أوغلو هو العامل للتغيير».

وأضافت: «سواء فاز بصعوبة أم لا، أشعر وكأن عصر إردوغان انتهى. المجتمع التركي مستعد للمُضي قدمًا، ومع الأسف لن يترك وراءه نموذج حكم مؤسسي».

وأجرت «كوندا»، التي تصدر استطلاعًا واحدًا فقط قبل الانتخابات، مقابلات وجهًا لوجه مع 3.480 شخصًا في 35 مركزًا محافظة. وأكدت أن الاستطلاع لديه نسبة خطأ تتراوح بين +/- 2.2 بالمئة عند مستوى ثقة 99 بالمئة.

أوروبا والأطلسي

وفي ظل ابتعاد تركيا تدريجياً عن روابطها بالغرب في ظل رئاسة إردوغان، تعد المعارضة بقيادة كليشدار أوغلو في حال فوزها الأحد، بالعودة الى دبلوماسية هادئة مع أوروبا وحلفائها الغربيين وإعادة العلاقات مع سورية المجاورة.

وبعد يومين من تأكيد كليشدار أوغلو عزمه على استئناف عملية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، قال مستشاره الخاص أحمد أونال تشفيكوز إن «أغلبية مشاكلنا مع الاتحاد الأوروبي ناجمة عن نقص الديموقراطية».

وأشار تشفيكوز إلى أن استئناف عملية انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي مجمدة بحكم الأمر الواقع منذ 15 عاماً، بسبب تردد بعض الدول بينها فرنسا.

ويرغب المسؤول في الحفاظ على الاتفاق المبرم مع الاتحاد الأوروبي عام 2016، الذي ينص على أن تبقي تركيا المهاجرين، معظمهم من السوريين، على أراضيها مقابل 6 مليارات يورو، لكن يجب «تنشيط هذا الاتفاق وحتى إعادة النظر به لتعزيز فعاليته» بحسب تشفيكوز.

وقال إن «المشكلة تتعلق بأوروبا بقدر ما تتعلق بتركيا، وهي بلد يقصده المهاجرون ويعبرون من خلاله. لكن الاتحاد الأوروبي ليست لديه سياسة هجرة».

وشدد على أن «الأمر الأكثر أهمية هو أن يطور سياسة هجرة، وأن ينسق الاستراتيجيات الوطنية للدول الأعضاء فيه».

بشكل عام، تعتزم المعارضة طي صفحة دبلوماسية تقوم على الوعود. وتعتزم أيضا أن تلعب دورا كاملا داخل حلف شمال الأطلسي الذي تنتمي إليه تركيا «منذ 70 عاما»، كما ذكر المستشار.