ساد هدوء حذر في باكستان، اليوم ، بعد أن انتشر الجيش في العاصمة الباكستانية، فيما أبطلت المحكمة العليا اليوم توقيف رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان، عقب حبسه على ذمة التحقيق، وهو ما تسبب في يومين من التظاهرات العنيفة من قِبل أنصاره.
وكانت حركة المرور ضئيلة في شوارع المدن التي ظلت مهجورة مع إغلاق المدارس لليوم الثاني على التوالي، حيث تقوم القوات بعمل دوريات في العاصمة إسلام أباد، وإقليم البنجاب في وسط البلاد، ومنطقة خيبر باختونخوا شمال غرب باكستان.
وحذَّر رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف المتظاهرين، الذين أحرقوا عشرات المقرات الحكومية، في خطاب متلفز، حيث دافع عن اعتقال خان بتهمة الفساد.
وأمرت وزارة الداخلية بقطع خدمات الإنترنت، وفرضت قيوداً على الاطلاع على شبكات التواصل الاجتماعي، «تويتر» و«فيسبوك» و«يوتيوب».
أثار توقيف خان وحبسه غضب مؤيديه من حزبه حركة «إنصاف»، الذين اشتبكوا مع قوات الأمن في مدن عدة، ما أدى إلى مقتل 8 أشخاص على الأقل، وأحرقوا مباني حكومية ومركبات عامة وخاصة، بعد اقتحام مجمعات عسكرية رئيسية.
وتم اعتقال 7 مسؤولين على الأقل من قيادة «إنصاف» بتهمة تدبير التظاهرات، بينهم شاه محمود قرشي، الذي شغل منصب وزير الخارجية في حكومة خان، والقياديين البارزين أسد عمر وفؤاد شودري.
وكانت الحكومة وافقت أمس على نشر الجيش في إقليمين، أحدهما البنجاب، الذي يضم أكبر عدد من السكان، وفي العاصمة لإعادة فرض الأمن. وقالت شرطة إسلام اباد إن عناصر الجيش دخلوا «المنطقة الحمراء» الحساسة في العاصمة، حيث تقع المباني الحكومية. وقتل ستة أشخاص على الأقل في حوادث مرتبطة بالتظاهرات، كما أعلنت الشرطة ومصادر طبية.
ورغم سحب الثقة منه في البرلمان عبر التصويت، يتهم مؤيدو خان الجيش بأنه دبر الإطاحة به في أبريل الماضي، لكن الجيش ينفي أي ضلوع له.
وكان خان اتهم خلال تجمع كبير نهاية الأسبوع في لاهور ضابط الاستخبارات الكبير الجنرال فيصل نصير بالتورط في محاولة لاغتياله في نوفمبر، أصيب خلالها رئيس الوزراء السابق برصاصة في ساقه.
وأصدر الجيش تحذيراً قوياً، أمس ، أكد فيه أنه يمارس «أقصى درجات ضبط النفس»، وقال في بيانه: «في إطار طمعها بالسُّلطة، قامت هذه المجموعة بما لم يستطع أعداء البلاد الأبديون القيام به منذ 75 عاماً». وحذَّر من «رد فعل قوي» على أي هجمات تستهدف منشآت الدولة والجيش، مشيراً إلى أن المسؤولية عن ذلك تقع على عاتق «مجموعة تريد دفع باكستان نحو حرب أهلية».
ورفض حزب خان هذا البيان، معتبراً أنه «يخالف الوقائع والوضع على الأرض».
ودعت القوى الغربية إلى احترام قواعد الديموقراطية، فيما حض الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش السُّلطات الباكستانية على «احترام» إجراءات دولة القانون في الملاحقات بحق عمران خان، داعياً «جميع الأطراف إلى الامتناع عن العنف» وإلى خفض التصعيد.
ويواجه خان عشرات الاتهامات منذ إطاحته في أبريل، وبدأت أمس محاكمته بتهمة الاستيلاء على الهدايا التي تلقاها من دول أخرى خلال توليه رئاسة الوزراء من 2018 إلى 2022. وقد يُمنع من تولي منصب عام في حال إدانته، الأمر الذي قد يؤدي إلى استبعاده من الانتخابات المقررة في وقت لاحق من هذا العام.
وباكستان معرضة لخطر التخلف عن سداد الديون، بسبب انخفاض مستويات الإنتاجية، إضافة إلى تداعيات الفيضانات الكارثية في سبتمبر 2022، والتي أثرت بشكل أكبر على الاقتصاد. وتراجعت الروبية الباكستانية إلى مستوى قياسي جديد، بعد تدخل قوات الجيش للسيطرة على الاحتجاجات العنيفة.