شنّت إسرائيل ضربات جوية ومدفعية على عدة نقاط في غزة، أمس، لليوم الثالث على التوالي، وقتلت 3 بينهم قائد الوحدة الصاروخية بـ «سرايا القدس» الجناح العسكري لحركة الجهاد، علي حسن غالي، ورهنت قبول وقف إطلاق النار مع الفصائل الفلسطينية، التي واصلت إطلاق عشرات الصواريخ باتجاه المدن والمستوطنات حتى تل أبيب بقاعدة «الهدوء مقابل الهدوء»، ودون الموافقة على مطالبتها بـ «التعهد بوقف سياسة الاغتيالات»، وتسليم جثمان الأسير خضر عدنان الذي أشعلت وفاته إثر دخوله في إضراب طويل عن الطعام المواجهة الأخطر بين الطرفين منذ أغسطس الماضي.

وصرح عضو المجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، بأنّ بلده أبلغ الوسيط المصري أنه في الوقت الذي توقف فيه «الجهاد» إطلاق النار فإنّ إسرائيل ستوقفه، مهدداً في الوقت نفسه حركة حماس المسيطرة على القطاع بضربة قوية «إذا شاركت في ضرب العمق الإسرائيلي».

Ad

وصباح أمس، شنّت مقاتلات إسرائيلية غارة على شقة سكنية في برج سكني بمدينة خان يونس جنوب القطاع وقتلت غالي، لينضم بذلك إلى 3 من قادة المجلس العسكري لحركة الجهاد المتحالفة مع إيران قتلتهم إسرائيل في مستهل حملتها التي أطلقت عليها «درع وسهم» الثلاثاء الماضي.

وأطلقت «الجهاد» رشقات صاروخية استهدفت موقع كرم أبوسالم العسكري الإسرائيلي شرق رفح، لليوم الثاني على التوالي، مؤكدة أنها ستنتقم لاغتيال قائد الوحدة الصاروخية.

وفي حين أفادت وزارة الصحة في غزة بـ «ارتفاع عدد الشهداء نتيجة العدوان إلى 25 والمصابين إلى 76»، ذكر الجيش الإسرائيلي أن 507 صواريخ أطلقت من القطاع منذ بدء الهجوم، مؤكداً شن 158 غارة ضد أهداف متفرقة.

وفي ظل استمرار تبادل للرشقات الصاروخية التي استهدفت المستوطنات بغلاف غزة والغارات والضربات الإسرائيلية على أنحاء القطاع الساحلي، أصدر وزير الأمن الإسرائيلي، يوآف غالانت، تعليمات لجميع القوات الأمنية، لاتخاذ جميع الإجراءات اللازمة للتحضير لسلسلة من العمليات الإضافية، والحفاظ على الجاهزية، تحسباً لـ «احتمال اتساع دائرة القتال».

إفشال وصعوبة

وبعد أنباء عن إفشال إسرائيل محاولة لإقرار وقف إطلاق نار كان يتم الاقتراب من إقرارها بوساطة تقودها مصر، وتشارك بها قطر والأمم المتحدة، ليل الأربعاء ـ الخميس، بعد رفضه التعهد للوسطاء بوقف «سياسة الاغتيالات» ضد القيادات الفلسطينية، نقلت القناة «12 العبرية» عن مسؤول أمني قوله، إن الدولة العبرية ستستخدم جثمان خضر عدنان في مفاوضات إعادة الجنود الإسرائيليين المحتجزين بغزة.

ورأى مصدر أمني إسرائيلي أن إطلاق «الجهاد» الصواريخ على تل أبيب، وتعطيل الملاحة بمطار بن غوريون، أمس الأول، «كان مخالفاً للرسائل التي بعثت بها القاهرة»، معتبراً أن الخطوة الرمزية خلطت الأوراق، وأثرت سلباً على جهود التهدئة.

وصباح أمس، أفادت تقارير بأن وفداً من المخابرات المصرية وصل إلى تل أبيب، لإجراء مباحثات مع المسؤولين الإسرائيليين بهدف وقف القتال، فيما توقع الرئيس السابق للدائرة الأمنية والسياسية في وزارة الأمن الإسرائيلية، عاموس جلعاد، التوصل إلى هدنة.

وكشفت مصادر مصرية مطلعة، أنّ رئيس الدائرة السياسية بـ «الجهاد»، محمد الهندي، حل بالعاصمة المصرية القاهرة، لاستكمال مباحثات التهدئة ووقف إطلاق النار بدعوة من جهاز المخابرات العامة.

جهود وضغوط

في هذه الأثناء، دعا وزراء خارجية ألمانيا وفرنسا ومصر والأردن إلى وضع حد لأعمال العنف بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية.

وقالت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، عقب محادثات مع نظرائها في برلين إن «إراقة الدماء يجب أن تتوقف الآن».

بدوره، قال وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، إن «التطورات السلبية يجب أن تتوقف، ويتعين إعادة إحياء السلام».

من جهته، شدد وزير الخارجية المصري، سامح شكري، على أن المباحثات الرباعية تضمنت سبل إحياء عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مؤكداً أن الشعب الفلسطيني تحمّل ظلماً تاريخياً طوال العقود الماضية.

وأكد أن القاهرة تواصل الجهود للتهدئة ووقف مستمر لإطلاق النار، داعياً المجتمع الدولي والدول الفاعلة إلى التدخل لوقف الاعتداءات والإجراءات الأحادية من قبل الجانب الإسرائيلي.

وليل الأربعاء، حث البيت الأبيض تل أبيب على وقف التصعيد، وكشف عن سلسلة اتصالات أجراها مسؤولون كبار، وشكلت ما وصف بضغط على حكومة نتنياهو، بهدف وقف إزهاق الأرواح رغم الإقرار بالحق في الدفاع عن النفس.

وقال البيت الأبيض إن مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، شدد على ضرورة تهدئة التوتر خلال مكالمة مع رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي.

ونشرت وزارة الدفاع الأميركية بياناً أشارت فيه إلى أنّ وزير الدفاع لويد أوستن تحدث إلى نظيره الإسرائيلي، يوآف غالانت، وحثه على العمل على وقف التصعيد.

وقبيل انعقاد اجتماع مغلق لمجلس الأمن لبحث التصعيد، ندد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بسقوط قتلى مدنيين في غزة باعتباره أمراً «غير مقبول»، وطالب بوقف ذلك على الفور، وحث جميع الأطراف على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، كما انتقد المسؤول الأممي الإطلاق العشوائي للصواريخ من غزة على إسرائيل.

اتهام ومساعدة

من جانب آخر، برزت أمس محاولة الحكومة الإسرائيلية اليمينية بزعامة بنيامين نتنياهو لتفادي إقحام «حماس» بجولة القتال، حيث اتهمت أوساط أمنية رسمية في تل أبيب الحركة الفلسطينية، التي تمتلك أكبر ترسانة من الصواريخ وأكثر تطوراً، بتقديم المساعدات اللوجستية لتمكين عناصر «الجهاد» من إطلاق الصواريخ على وسط العمق الإسرائيلي، وصولا إلى تخوم تل أبيب، لكنها نفت مشاركتها المباشرة في الضربات، وعزت المساعدة لتدمير منصات «الجهاد» جراء حملة القصف الواسعة التي شنتها المقاتلات الإسرائيلية أمس الأول.