ففي الشكل، هناك تفسيرات كثيرة، بعضها يتعلق بأن البخاري لم يذهب للقاء المرشح المدعوم من حزب الله في بنشعي، بعدم تفسير هكذا زيارة بأنه دعم سعودي لترشحه، في حين أن تأويل استضافته في اليرزة قد يعني فقط أن المملكة لا تضع «فيتو» على أحد.
في المضمون، كان النقاش صريحاً وودياً، بحسب ما تقول مصادر متابعة، خصوصاً أن فرنجية استعرض طروحاته في جميع الملفات، وقدّم الضمانات التي كان قد تحدث عنها علانية، ووضعها في تصرُّف باريس التي تكفلت بنقلها الى الرياض.
جزء من هذه الخطوة يتشابه مع زيارة فرنجية إلى باريس قبل فترة، وبالتالي كما هو ذهب إلى لقاء الفرنسيين، فلا بد له أن يذهب للقاء السعوديين أيضاً. وبالتالي ثمّة من يعتبر أن لقاء فرنجية مع البخاري هو عبارة عن اختبار سعودي مباشر له، وبالتالي لا بدّ من ترقّب المسار بعدها.
أما مسألة التوقيت فلها أكثر من سياق، الأول محلي يأتي بعد قيام السفير السعودي بجولة على كل الكتل النيابية والقوى السياسية، وإعلانه صراحة أن السعودية لا تضع «فيتو» على أحد، ويهمها الرنامج الرئاسي وكيفية عمل رئيس الجمهورية والحكومة.
السياق الثاني، مرتبط بالتقارب السعودي - السوري، إذ جاءت الزيارة غداة تسلُّم الرئيس السوري بشار الأسد دعوة من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز لحضور القمة العربية المقررة بجدة في 19 الجاري، وسط توقّعات بأن يحضر الاسد القمة، أو أن يزور المملكة قبل موعد القمة بقليل، للتشديد على المسار الثنائي في العلاقات، وذلك في ظل تساؤلات كثيرة تُطرح لبنانياً حول إمكانية انعكاس ذلك إيجاباً لمصلحة فرنجية الذي تربطه علاقة وثيقة تاريخية وعائلية بالأسد.
خطوة فرنجية جاءت بعد توقّع رئيس مجلس النواب نبيه بري، أحد الداعمين الأساسيين لزعيم بنشعي، بإمكانية الوصول إلى انتخاب رئيس قبل منتصف شهر يونيو المقبل، وبالتالي قبل انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان، وذلك لتعيين البديل. ووفق ما تشير المعلومات أيضاً، فإن فرنجية قد نسّق زيارته إلى السفير السعودي وتفاصيلها ومضمونها مع كل من بري وحزب الله، ووضعهما في أجواء لقائه مع البخاري.
في موازاة هذه الخطوة، تستمر قوى المعارضة في التواصل واللقاءات مع بعضها البعض للوصول إلى اتفاق على مرشح رئاسي لمواجهة فرنجية، وفي محاولة لمنع وصوله، وهذا ما أكده رئيس حزب الكتائب سامي الجميل، إذ شدد على أن المعركة الأساسية حالياً تتلخص في منع وصول فرنجية لأنّه مرشح حزب الله، وبالتالي منع الحزب من فرض إرادته على اللبنانيين. وبهذا يكون لبنان قد دخل في مرحلة جديدة من «معركة عضّ الأصابع»، خصوصاً أن كل طرف يحاول تجميع قواه للاعتراض على مسار الطرف الآخر.