بدأت أمس الأول الأربعاء المحادثات التفصيلية الصعبة بخصوص رفع سقف ديون الحكومة الأميركية البالغ 31.4 تريليون دولار، وسط إصرار من الجمهوريين على تخفيضات كبيرة في الإنفاق، غداة أول اجتماع في ثلاثة أشهر بين الرئيس جو بايدن المنتمي إلى الحزب الديموقراطي ورئيس مجلس النواب كيفن مكارثي من الحزب الجمهوري.

والوقت ينفد أمام تفادي تخلف الحكومة عن سداد التزاماتها، وهو ما سيكون حدثاً تاريخياً من شأنه زعزعة الاقتصاد، إذ تحذر وزارة الخزانة من احتمال وقوعه بحلول أول يونيو، لكن ظهرت مجالات تنازل محتملة بعد اجتماع في البيت الأبيض الثلاثاء.

وأثارت الأزمة مخاوف المستثمرين، ورفعت تكلفة حيازة ديون الحكومة الأميركية إلى مستويات قياسية، في وقت يتزايد قلق وول ستريت من مخاطر التخلف غير المسبوق عن السداد.
Ad


وأعلنت وزارة الخزانة، أمس، أيضاً أن إيرادات الضرائب الحكومية في أبريل تؤكد تراجعها في الآونة الأخيرة، وهو ما قد يزيد الضغط على الكونغرس، للتوصل إلى اتفاق على سقف الدين العام سريعاً في ضوء ارتفاع الإنفاق.

واستبعد النائب الجمهوري فرانك لوكاس أن يحصل رفاقه في مجلس النواب على الموافقة على تخفيضات الميزانية بالحجم الذي اقترحوه، لكنه توقع إمكان التوصل إلى حل وسط للحد، مما وصفه بأنه «شره للإنفاق» لدى الديموقراطيين. ولا تزال هناك خلافات كبيرة بسبب الضغوط من أجل خفض الإنفاق من جهة وزيادة الضرائب من جهة أخرى.

وأشار بايدن إلى انفتاحه على طلب الجمهوريين باسترداد بعض الأموال غير المستخدمة من حزمة المساعدات المرتبطة بـ «كوفيد 19»، وهو مبلغ يقل عن 80 مليون دولار. في الوقت نفسه، أعاد البيت الأبيض التأكيد على دعمه لتشريع يسرع إصدار الموافقة الحكومية على مشروعات الطاقة من خلال وضع جداول زمنية لذلك.

ويجتمع مساعدون لبايدن ومكارثي وزعيم الأغلبية الديموقراطية بمجلس الشيوخ تشاك شومر وزعيم الجمهوريين بمجلس الشيوخ ميتش مكونيل وزعيم الديموقراطيين بمجلس النواب حكيم جيفريز، بعد ظهر قبل اجتماع دعا له بايدن مع القادة الأربعة للكونغرس اليوم.

وقال بايدن للصحافيين بعد اجتماع الثلاثاء: «التخلف عن السداد ليس مطروحاً... أبلغت قادة الكونغرس بأنني مستعد لبدء مناقشة منفصلة حول مقترحي للميزانية».

وتدور مواجهة بين بايدن والجمهوريين منذ شهور بخصوص سقف الاستدانة، إذ يطالب الديموقراطيون بزيادة غير مشروطة لسداد الديون المترتبة على الإنفاق وتخفيضات الضرائب التي أقرها «الكونغرس».

وعلى الجانب الآخر، قال الجمهوريون بمجلسي النواب والشيوخ إنهم لن يوافقوا على أي زيادة في الاقتراض دون الاتفاق على خفض الإنفاق.

ووفقا لتقديرات مكارثي، فإن الجانبين أمامهما أقل من أسبوعين للتوصل إلى اتفاق يمكن إقراره في «الكونغرس».

بايدن: تداعيات مدمرة للتخلف عن سداد الديون

حذر الرئيس الأميركي جو بايدن من أن تخلف الولايات المتحدة عن سداد ديونها سيدفع بالبلاد نحو الركود، وستكون له تداعيات مدمرة على الاقتصاد العالمي، وجاء ذلك التحذير مع سعي بايدن إلى تكثيف الضغط على الجمهوريين للتوصل إلى اتفاق لرفع سقف الدين.

وصرح بايدن، في حديثه أمس الأول الأربعاء، في كلية ويستشستر كوميونيتي، بفالهالا في نيويورك، «إذا تخلفنا عن سداد ديوننا فإن العالم بأسره سيكون في ورطة».

وأردف: «سترتفع معدلات الفائدة على بطاقات الائتمان وقروض السيارات والرهون العقارية، وقد تتأخر مدفوعات الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية وقواتنا والمحاربين القدامى، وسوف ينزلق اقتصادنا في حالة ركود، وستتضرر سمعتنا الدولية إلى أقصى حد، يجب ألا نتحدث حتى عن هذا الوضع».

ترامب يشعل الأزمة: ننفق المال مثل البحارة المخمورين

حث الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الجمهوريين على انتزاع تنازلات من الرئيس جو بايدن لتقليل الإنفاق أو دفع الولايات المتحدة إلى أول تخلف عن السداد على الإطلاق، في مقابلة أمس الأول الأربعاء مع شبكة «CNN».

وقال ترامب: «أقول للجمهوريين - أعضاء الكونغرس وأعضاء مجلس الشيوخ - إذا لم يعطوكم تخفيضات كبيرة، فسيتعين عليكم دفع الخزانة لمواجهة التخلف عن السداد»، مضيفاً: «ما نفعله الآن أننا ننفق المال مثل البحارة المخمورين».

ويحتفظ ترامب بقبضة محكمة على الحزب الجمهوري، حيث أظهرت استطلاعات الرأي أنه المرشح الأوفر حظاً حالياً لترشيح الحزب لعام 2024، وفقاً لما ذكرته وكالة بلومبرغ، واطلعت عليه «العربية.نت».

وجاءت تعليقاته بعد يوم من عقد بايدن اجتماعاً مع قادة الكونغرس، الذي لم يحرز تقدماً كبيراً نحو اتفاق على رفع سقف الديون، ومن المقرر أن يجتمع الرئيس مرة أخرى مع هؤلاء القادة اليوم الجمعة.

وعما إذا كان يتعين على الولايات المتحدة التخلف عن سداد ديونها، إذا لم يوافق بايدن على خفض الإنفاق، قال ترامب: «إذا لم نفعل ذلك الآن فسنضطر إلى فعله لاحقاً، لأنه يتعين علينا إنقاذ هذا البلد».

يلين: العجز عن السداد قد يؤدي إلى كارثة

قالت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين إنه على «الكونغرس» رفع سقف الديون، لأنّ عجز الولايات المتحدة عن السداد قد يؤدي إلى كارثة اقتصادية ومالية.

وذلك بعدما حذّرت يلين الأسبوع الماضي من أن قدرة الوزارة على الوفاء بالتزاماتها المالية قد تنفد بحلول الأول من يونيو.

وذكرت يلين خلال مقتطفات من التصريحات الصادرة عن وزارة الخزانة، والتي من المقرر أن تلقيها اليوم في مؤتمر صحافي في اليابان أن واشنطن تعتزم تضييق الخناق على قدرة روسيا على تجنّب العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها بعد غزوها لأوكرانيا.

وأضافت من ناحية أخرى أن الولايات المتحدة تعمل مع دول مجموعة السبع لتعزيز المرونة الاقتصادية وبناء سلاسل التوريد الموثوقة.

العريان: 4 طرق لتجنب المرحلة الثالثة من الأزمة المصرفية

قال الخبير الاقتصادي محمد العريان إن الولايات المتحدة تمر بالمرحلة الثانية من الاضطرابات المصرفية، معدداً 4 طرق لتجنب الدخول في المرحلة الثالثة من الأزمة.

وذكر كبير المستشارين الاقتصاديين في شركة أليانز عبر مقال في صحيفة فاينانشال تايمز، أن المرحلة الأولى من الأزمة المصرفية، والتي تتمثل في سحب المودعين لأموالهم من البنوك سيئة الإدارة قد استقرت.

وأوضح العريان: «المرحلة الحالية، والتي تركز على تكاليف التمويل ومشاكل الميزانية العمومية للمصارف التي تمر بأزمات أقل قد تستقر أيضاً، لكننا يجب أن نتفادى المرحلة الثالثة التي قد تتسبب في أضرار مالية واقتصادية أكبر».

ويرى العريان أن المرحلة الثانية من الأزمة المصرفية الأميركية يمكن احتواؤها من خلال حذر البنوك فيما يتعلق بالتصريحات والتواصل مع المستثمرين، وضرورة قيام مجلس الاحتياطي الفدرالي بزيادة معايير الإشراف على المصارف.

وأكد أنه يجب اتخاذ قرارات بين القطاعين العام والخاص للبنوك للعمل وفق جدول زمني أكثر صرامة، مع ضرورة طمأنة القطاع العام للأسواق بشأن العمل على تحديث نظام تأمين الودائع وتنظيم البنوك.