«عسى ما شر» على الدقيق الأبيض
ما الدقيق الأبيض؟
تتكون حبة القمح الكاملة من طبقة خارجية (النخالة) غنية بالألياف ومضادات الأكسدة وفيتامينات على رأسها فيتامين «ب»، ثم الطبقة الداخلية (الجرثومة) وهي غنية بفيتامين «ب»، وكثير من المعادن والبروتين والدهون، أما الجزء الكربوهيدراتي (السويداء) النشوية فهو وسط حبة القمح، وعند صناعة الدقيق (الطحين الأبيض) يتم تكريره بإزالة النخالة الغنية والجرثومة جانباً، وتترك السويداء النشوية الخالية من باقي العناصر الغذائية المهمة.
كما أن حبوب القمح تمر على خط الصناعة بشكل سام يُعرّض طحين الحبوب إلى حمام غاز الكلور للتبييض، والذي باتحاده مع الدقيق في مرحلة العجن، ينتج عنه مادة سامة تسمى (Alloxane)، كما أن بعض أنواعه تحتوي على مركب (L-Cysteine)، وهي مادة تؤثر في خلايا بيتا في البنكرياس وتزيد فرص الإصابة بمرض السكري، وأمراض القلب والسمنة، والالتهابات في الجسم بسبب زيادة الحمضية في الدم.
لذلك بعض أطباء وخبراء التغذية يطلقون عليه «السم الأبيض»، نظراً لتأثيراته السلبية الكثيرة التي يتركها في الجسم بعد تناوله على مدار اليوم بأشكاله المتعددة، فالمعجنات والمعكرونة والأطعمة المصنعة بمختلف أنواعها، كالبسكويت والحلويات والسناك، وغيرها من المنتجات التي تعتمد في تكوينها على الدقيق الأبيض، لها تأثير سلبي على الجهاز الهضمي، بالإضافة إلى زيادة الوزن والسمنة وتراكم الدهون تحت الجلد، وتعمل على ارتفاع مستوى الكوليسترول الضار في الجسم، وبالتالي زيادة الحامضية في الجسم، وتسبب كثيراً من الأمراض المعروفة كهشاشة العظام، وارتفاع مستوى السكر في الدم، وعلى المدى الطويل تؤدي إلى الإصابة بأمراض القلب.
وإن من أبرز أضرار الدقيق الأبيض المكرر على الصحة، التي لا تختلف كثيراً عن أضرار السكر الأبيض المكرر (ذكرت في مقال سابق)، أنها تسبب صعوبة هضم الطعام وثقل حركة الأمعاء وتلبكا معويا، والإمساك وسرطان القولون وغيرها لعدم احتوائها على الألياف الكاملة والمغذيات من الفيتامينات والمعادن التي تحافظ على سلامة الأمعاء.
لذلك كثير من المهتمين بالتغذية الصحية والسموم الغذائية ينصحون بدقيق الحبوب الكاملة والمطحونة طازجاً لكل من القمح العضوي والشعير والشوفان والذرة، بالإضافة إلى دقيق اللوز وجوز الهند والعدس الأحمر والأرز، كما أن كثيراً من المخبوزات البديلة الصحية قد ظهرت على موائد المهتمين بالتغذية العلاجية، في حين تشير الدراسات إلى أن تناول الحبوب الكاملة يمكن أن يحمي من الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، ومن زيادة معدل الالتهاب في الجسم والسمنة.
إن إدخال الحبوب الكاملة إلى قائمة الطعام اليومية في صورتها الأساسية دون دخولها مرحلة التصنيع أو التكرير تعمل على المحافظة على صحة الجهاز الهضمي ونظافته وانتظام حركة الأمعاء للاستفادة من الأغذية والتخلص من الزائد والسموم، كما أن الحبوب الكاملة تعمل على الوقاية من القولون العصبي والانتفاخ والسرطان وغيرها من المشكلات المزعجة بسبب ما يسمى صمغ الأمعاء (الغلوتين) المضاف للدقيق الأبيض بكميات تختلف حسب نوعية الاستعمال والمراد لمنتجاته من الأطعمة، والتي من أهمها الخبز الأبيض والمعكرونة والبسكويت والكيك والرقائق والمقرمشات والمخبوزات بأنواعها، هذا بالإضافة إلى المواد اللازمة لحفظ المخبوزات ورفعها وإعطائها الشكل اللازم تجارياً.