غزة تتجهز للقتال شهوراً... والتهدئة في طريق مسدود
إسرائيل تتكبد يومياً 55 مليون دولار وتغتال قيادياً في «الجهاد» وتقدر ترسانة الحركة بـ 6 آلاف صاروخ
وسط تحذيرات من وصول جهود التهدئة الإقليمية إلى طريق مسدود واحتمال تفاقم موجة العنف التي بدأت الثلاثاء الماضي، في حال استمرار القتال الدائر حالياً بين إسرائيل وفصائل فلسطينية بغزة، حتى الخميس المقبل، الموعد المقرر لمرور «مسيرة الأعلام» الإسرائيلية بالحي الإسلامي في القدس، أكدت حركة الجهاد أن «المقاومة أعدت نفسها لأشهر من المواجهة، وتمتلك نفساً طويلاً وحاضنة شعبية وفية عظيمة».
وتوعدت «سرايا القدس»، الجناح العسكري لـ«الجهاد»، في بيان مقتضب، إسرائيل بتجديد القصف للمدن المحتلة، «تأكيداً على استمرار المواجهة وعملية ثأر الأحرار ضمن الرد الموحد للغرفة المشتركة لفصائل المقاومة في ظل استمرار الاغتيالات وقصف الشقق والبيوت الآمنة».
«سرايا القدس» تستخدم مضادات جوية لأول مرة
في موازاة ذلك، وصف حازم قاسم، الناطق باسم حركة حماس، المسيطرة على القطاع المحاصر، التصعيد الإسرائيلي في غزة والضفة الغربية المحتلة بـ«العدوان الهمجي والسلوك النازي»، مؤكداً أن «الشعب الفلسطيني لا خيار أمامه إلا مواصلة القتال وتصعيد جميع أشكال المقاومة في كل الساحات».
محادثات تهدئة
وجاء التأهب الفلسطيني لمواصلة القتال بعد ساعات من إعلان إذاعة الجيش الإسرائيلي، فشل جهود الوساطة المصرية في تحقيق اتفاق لوقف إطلاق النار ليل الجمعة ـ السبت.
وأكدت تقارير عبرية شبه تقديم القاهرة، التي تقوده جهود التهدئة بمشاركة قطر والأمم المتحدة، مسودة اقتراح جديد إلى إسرائيل لوقف إطلاق النار مع الفصائل.
وأفاد موقع «والا» الإسرائيلي بأن مكتب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يدرس المقترح المصري، الذي يشمل وقفاً متبادلاً للقصف.
في المقابل، قال الناطق باسم «الجهاد» طارق سلمي، إن المفاوضات الجارية في القاهرة من أجل التهدئة مع إسرائيل «ما زالت مستمرة، لكنه قال إن الحركة التي اشترطت الحصول على تعهد من الدولة العبرية بوقف الاغتيالات التي تستهدف قادتها بضمانة مصرية، لن تقبل بـ«اتفاق هش».
قصف وتراجع
في غضون ذلك، شنت مقاتلات ومسيرات الجيش الإسرائيلي، أمس، سلسلة من الغارات على غزة، فيما أطلقت «الجهاد» عشرات الصواريخ والقذائف باتجاه عسقلان وعدة مدن وصولاً إلى تخوم جنوب تل أبيب، وترافق ذلك مع اقتحام الجيش الإسرائيلي مخيم بلاطة شرقي نابلس، في الضفة الغربية المحتلة، وهو ما أسفر عن مقتل فلسطينيين اثنين وإصابة 3، واستهدف القصف الجوي الإسرائيلي، الذي دخل يومه الخامس على القطاع، 16 منزلاً، خلال الـ24 ساعة الأخيرة. كما اغتالت إسرائيل أمس الأول إياد الحسني مسؤول العمليات المركزية في سرايا القدس.
وذكر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي أن «مقاتلات أغارت على مقر قيادة تابع لمحمد أبو العطا، المسؤول بالوحدة الصاروخية للجهاد ومنزل آخر للقيادي خالد عزام الناشط بوحدة الصواريخ، إضافة إلى سبع منصات إطلاق تحت الأرض في أنحاء القطاع».
قآني يتباهى بتنفيذ 30 عملية بالضفة الغربية
ولفت إلى أنه «منذ بدء عملية الدرع والسهم تم إطلاق 1099 صاروخاً من غزة باتجاه إسرائيل، تم اعتراض 340 قذيفة منها، وفشلت 202 قذيفة في الوصول إلى أهدافها وسقطت داخل القطاع».
ولاحقاً، تحدث أدرعي عن انخفاض في إطلاق الصواريخ من غزة بنسبة%50، مرجعاً ذلك إلى الضربات الجوية الإسرائيلية.
ترسانة وتطور
في موازاة ذلك، قال مستشار الأمن الوطني الإسرائيلي تساحي هنجبي إن «الجهاد»، المتحالفة مع إيران، لديها ستة آلاف صاروخ في ترسانتها، وإن حركة حماس المسيطرة على القطاع لديها أربعة أضعاف ذلك الرقم.
وأضاف هنجبي أن إسرائيل تركز على إطلاق النار على مسلحين بغزة في الوقت الراهن، أكثر من التركيز على التوصل إلى وقف لإطلاق النار ينهي الجولة الأحدث من القتال عبر الحدود، والذي يعد الأعنف منذ أغسطس الماضي.
وفي تطور لافت، ذكرت الإذاعة الإسرائيلية، نقلاً عن مصادر عسكرية، أن «الجهاد»، ثاني أكبر فصيل فلسطيني مسلح، أطلقت للمرة الأولى صواريخ مضادة للطائرات ضمن حملتها للقصف التي استخدمت فيها صواريخ غير مسبوقة استهدفت مناطق بعيدة في أسدود وعسقلان وغلاف غزة.
خسائر متبادلة
من جانب آخر، أفادت «القناة 13» العبرية بأن الهجوم الإسرائيلي الحالي يكلف الجيش الإسرائيلي 55 مليون دولار يومياً، دون احتساب الخسائر الاقتصادية اليومية نتيجة الشلل الذي يصيب قطاعات عديدة خاصة في البلدات والمدن المحاذية للقطاع الفلسطيني.
وذكرت القناة أن كلفة الصاروخ الواحد لمنظومة «القبة الحديدية» تبلغ 50 ألف دولار. في المقابل، ذكرت جمعية رجال الأعمال الفلسطينيين أن القطاع يتكبد خسائر يومية بقيمة 14 مليون دولار.
وقدر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، الخسائر المباشرة الناجمة عن القصف بنحو 5 مليارات دولار، موضحاً أن الغارات الإسرائيلية أسفرت عن تدمير 18 منزلاً بشكل كلي، و51 وحدة سكنية، ولفت إلى تضرر 940 وحدة أخرى. وارتفعت حصيلة العدوان الإسرائيلي على القطاع إلى 33 قتيلاً، بينهم 6 أطفال و3 سيدات، و147 جريحاً.
في السياق، دعا متحدث باسم شركة توزيع الكهرباء في غزة المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل، من أجل السماح بإدخال شحنات الوقود اللازمة لمحطة التوليد، في ظل تحذيرات من وقوع كارثة إنسانية بعد توقف اثنين من توربينات محطة التوليد الوحيدة بالقطاع.
إيران تتباهى
في هذه الأثناء، تحدث قائد «فيلق القدس»، التابع لـ«الحرس الثوري» الإيراني، إسماعيلي قآني عن تنفيذ الفصائل الفلسطينية أكثر من 30 عملية في الضفة الغربية خلال يوم واحد في بعض الأحيان، معتبرا أن ذلك «نتاج دعم جبهة المقاومة للشباب الفلسطيني، بقدر ما نستطيع، والعمل معا من أجل الزوال الكامل للكيان الصهيوني».
ورأى قآني، قائد الفصيل المسؤول عن العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، خلال كلمة في مدينة مشهد، أن «جبهة المقاومة تحولت اليوم من نبتة ناشئة إلى محور واسع في المنطقة».