تحت شعار «هدر المال العام... والطامة الكبرى»، فجّر عضو اللجنة الفنیة الاستشارية العلیا المكونة من الجهات الحكومیة لدعم جهود وزارة الأشغال العامة لإصلاح الطرق والبنیة التحتیة، د. محمد الياقوت، مفاجأة من العيار الثقيل في ملف تعاقدات الحكومة مع شركات عالمية لإصلاح الطرق.

وبينما قدم الياقوت اعتذاره عن عدم الاستمرار في اللجنة التي تترأسها وزيرة الأشغال، د. أماني بوقماز، بعد مراجعته ممارسات صیانة الطرق المرصود لها 25 ملیون دینار لكل محافظة، حذر من تضخم القیمة الإجمالیة للممارسات الـ 6 المطروحة من 150 ملیوناً إلى 500 ملیون أو ملیار.

Ad

وقال الياقوت، في اعتذاره الذي حصلت «الجريدة» على نسخة منه: «لا یسعني من منطلق مسؤولیتي، الصمت على مثالب هذه الممارسات، منعاً لاستكمال مسلسل هدر المال العام الحاصل منذ أكثر من 10 سنوات، مع احتمالیة تكرار الطامة الكبرى، وهي عودة تطایر الصلبوخ، بعد الانتهاء من تنفیذ العقود من قبل الشركات العالمیة».

وشدد على أن اعتماد إزالة كل أو معظم البنیة التحتیة للطرق هو هدر آخر للمال العام، حیث استثمرت الدولة منذ سنة 2006 نحو 3 ملیارات دینار في شبكة الطرق الحالیة، داعياً إلى إيقاف التعاقد مع الشركات العالمية دون أساس هندسي وعلمي صحيح يضمن عدم تكرار كارثة تطاير الحصى.

ولفت إلى أن أهم مثالب التعاقد اختلاف محافظات الكویت اختلافاً كبیراً من حیث المساحة، وعدد وأوزان المركبات، إضافة إلى اختلاف حالة الطرق فیها، مضيفاً أن الوزارة لیس لديها أدنى تصور هندسي فعلي مبني على تجارب ودراسات عنها.

وفي تفاصيل الخبر:

اعتذر عضو اللجنة الفنیة الاستشارية العلیا من الجهات الحكومیة لدعم جهود وزارة الأشغال العامة لإصلاح الطرق والبنیة التحتیة، د. محمد الياقوت، عن عدم الاستمرار في اللجنة التي تترأسها وزيرة الأشغال، د. أماني بوقماز، بعد مراجعته ممارسات صیانة الطرق المرصود لها 25 ملیون دینار لكل محافظة.

وقال الياقوت، في اعتذاره الذي حصلت «الجريدة» على نسخة منه، لا یسعني من منطلق مسؤولیتي أمام الله تعالى ثم أمام إخواني وأخواتي من أبناء الكویت، الصمت على مثالب هذه الممارسات، منعا لاستكمال مسلسل هدر المال العام الحاصل منذ أكثر من 10 سنوات، مع احتمالیة تكرار الطامة الكبرى، وهي عودة تطایر الصلبوخ، بعد الانتهاء من تنفیذ العقود من قبل الشركات العالمیة.

وأشار إلى أن میزانیة الصیانة التقدیریة كانت 150 ملیون دینار، استنادا إلى الاتفاق بین وزارتَي المالیة والأشغال عام 2017/ 2018 بتخصیص 150 ملیون دینار للطرق، موزعة على 3 دفعات متساویة لـ 3 سنوات، ثم وصلت إلى 6 عقود بقیمة 150 ملیونا، إضافة إلى 3 عقود أخرى بقیمة إجمالیة 190 ملیونا، ثم ارتفعت مرة أخرى لتصل إلى ما بين 240 و220 ملیونا، وكل هذه الزیادات تمت قبل البدء بأي أعمال صیانة تُذكر سوى ردم الحفر في الطرق، وقد تتضخم بالتالي القیمة الإجمالیة للممارسات الـ 6 المطروحة من 150 ملیونا الى 500 ملیون أو ملیار دینار.

وشدد على أن اعتماد إزالة كل أو غالبیة البنیة التحتیة للطرق هو هدر آخر للمال العام، حیث استثمرت الدولة منذ سنة 2006 نحو 3 ملیارات دینار في شبكة الطرق الحالیة.

إيقاف التعاقد

وعدد الياقوت مثالب ذلك التعاقد مع الشركات العالمية، داعيا إلى إعادة النظر فيما تقوم به «الأشغال»، وإيقاف التعاقد مع الشركات العالمية دون أساس هندسي وعلمي صحيح يضمن عدم تكرار كارثة تطاير الحصى.

ولفت إلى أن أهم مثالب التعاقد في الممارسات المذكورة كونها 6 ممارسات منفصلة واحدة لكل محافظة، بقیمة 25 ملیون دینار، تحتوي على مغالطات هندسیة كبیرة تعطي انطباعا واضحا للمقاول العالمي بفداحة القصور الفني والإداري للجهة الطارحة للممارسة، مما سیفتح المجال على مصراعیه لاستمرار مسلسل التلاعب بالوزارة من قبل المقاولين العالميين والمحلیین، كما حصل من قبل في العدید من مناقصات الطرق، والتي أثبتت فشلها الذریع من ناحیة (حالة الطریق بعد التنفیذ)، كما هو واضح للجمیع، إضافة إلى الارتفاع الواضح في تكلفة المشاریع.

مغالطات العقود

وأضاف أن هذه المغالطات تتمثّل في اختلاف محافظات الكویت اختلافا كبیرا من حیث المساحة، وعدد وأوزان المركبات، إضافة الى اختلاف حالة الطرق فیها، ولیس للوزارة أدنى تصور هندسي فعلي مبني على تجارب ودراسات عنها، فلا یتصور أن تكون المیزانیات المنصوص علیها متطابقة بهذا الشكل.

وتابع: إن الممارسات لا تحتوي على أعمال محددة مطلوبة من الشركات العالمیة، وهذه طامّة كبرى، حیث فشلت الوزارة في تحدید الأعمال المطلوبة من المقاول، واستعجلت وآثرت عدم التریث ریثما یتم التعاقد مع جهة أو جهات معتمدة لفحص شبكات الطرق وتحدید جدول وأولویات الأعمال المطلوبة قبل طرح الممارسات، كما هو متعارف علیه عالمیا.

وقال: رفضت الوزارة قطعیا بعد مناقشتها طویلا في اجتماعات اللجنة الاستشاریة العلیا توجیهات بعض الأعضاء بضرورة إلزام المقاول بتقدیم عرض فني متكامل مشتمل على تحدید جدول أعمال وأولویات الأعمال المطلوبة، وآثرت تخییر المقاول فقط بعمل خطته الهندسیة وتضمینها كأحد بنود تقییم المقاول الفني.

وتابع: إن ذلك يترتب عليه استحالة قدرة المقاول من ناحیة هندسیة أو عقلانیة على تقدیم عرض مالي غیر مستند إلى خطة هندسیة مفصلة مشتملة على الأعمال المطلوبة وأسعارها التفصيلية، لكونها أساسا لوصوله إلى عرضه المالي المقدم للممارسة.

أفضل العروض

وأشار إلى أن وضع الوزارة والمقاول في موقع جهالة كبیرة، حیث إن ترسیة الممارسة ستعتمد على عرضین، الأول «فني»، وهو ما أسمته الوزارة «الجودة»، أو أفضل العروض ولیس أرخصها، وعرض «مالي» لا علاقة لهما بالمعاینة الدقیقة النافیة للجهالة لموقع الأعمال، بحسب ما هو منصوص علیه في جمیع مناقصات وممارسات وزارات الدولة.

وتساءل: كیف یمكن للوزارة التي أثبتت فشلها المتكرر في أعمال الطرق أن تكون هي الجهة المختصة بتقییم المقاولین الذین یفوقونها خبرة وعلما، ویكون أساس ترسیة الممارسة الأساسي هو هذا النوع من المفاضلة السقیمة؟

وقال إن ما ذكرته الوزارة من أخذ بعض المقاولین الصینیین والأميركيين لعیّنات من طرق مختلفة في أنحاء البلاد هو قول لا یُعقل من الناحیة الفنیة، حیث لا یمكن معرفة حالة شبكة الطرق في محافظة بأكملها عن طریق أخذ عیّنات محدودة فقط، ولكن یستلزم مسحا شاملا، كما لا یخفى على أي مختص في مجال صیانة الطرق.

إزالة الطريق

وبيّن الياقوت أن «الأشغال» ستكون في وضع لا تُحسد عليه في حال قدم المقاول خیارات مدعمة بالأدلة لاستخدام كل أو أغلب المیزانیة في تنفیذ الحل الأكثر تكلفة، وهو إزالة الطرق نزولا للطبقة الترابیة، والذي سیستنفد المیزانیة سریعا دون تغطیة الغالبیة العظمى لطرق المحافظة، وسیستغل المقاول جهل الوزارة بحالة الطرق لدیها، على الرغم من زعم ممثلي الوزارة المتكرر بسعیهم الدؤوب لجمع معلومات وافیة عن الطرق، وفي هذه الحالة ستضطر الوزارة إمّا للخضوع لهذه الطلبات وإصلاح نسبة بسیطة من طرق المحافظة وإبقاء غالبیة الطرق في وضع سيئ، أو طلب دعم إضافي یفوق المیزانیة المنصوص علیها بأضعاف مضاعفة لاستكمال بقية الطرق أو فسخ الممارسة مع المقاول والترسیة على المقاول الذي یلیه، والذي یمكن أن یكرر ما فعله المقاول الذي قبله.

وشدد على انتفاء الهدف المنشود من إصرار «الأشغال» على استقدام المقاولین العالمیین، وهو الاستفادة من خبرة المقاول العالمي المستفیضة في مجال الصیانة، وتوظیفه الأمثل للمیزانیة، حیث یغطي أكبر نسبة ممكنة من شبكة الطرق.

إحراج الحكومة عالمياً

ذكر الياقوت أن «رفض الأشغال لبعض المقاولين العالميين سيكون فيه إحراج لحكومة الكویت مع حكومات الدول الأجنبیة التي قدّمت خیرة مقاولیها من ذوي الخبرات الكبیرة على ضوء هذه المفاضلة الهزلیة وغیر المنطقیة، ووضع هذه المعاییر غیر المسبوقة على مستوى المشاریع الهندسیة الكبرى في جمیع أنحاء العالم».

ضمانات عدم تطاير الصلبوخ

قال الياقوت إن طرح الوزارة لهذه الممارسات مع عدم معرفتها المسبق للأسباب الفعلیة لتطایر الصلبوخ، والتي أدت للوصول إلى الحالة المزریة المشاهدَة حالیا هو ضرب آخر من مسلسل الجنون أو التخطیط غير المدروس لاستمرار هدر المال العام، حیث لا یمكن للوزارة القطع بعدم تكرار مسلسل تطایر الصلبوخ بعد فترة الضمان بالنسبة إلى المقاول العالمي، مما سیعني عودتنا إلى المربع الأول للمشكلة، ولكن بعد هدر مئات الملایین من المال العام مرة أخرى.