منذ انضمامها إلى منظمة الامم المتحدة عام 1963 لتكون العضو رقم 111 حرصت دولة الكويت على مدى العقود الستة على خدمة قضايا الأمن والسلم الدوليين والتعاون الإنساني العالمي ترجمة لما ورد في ميثاق هذه المنظمة العريقة.

وبهذا الشأن، قال مساعد وزير الخارجية لشؤون المنظمات الدولية الوزير مفوض عبدالعزيز الجارالله لوكالة الأنباء الكويتية إن علاقة الكويت بمنظمة الأمم المتحدة تتسم بأنها نموذج مبني على كل من الشراكات الفعالة والعلاقات الاستراتيجية والعمل المشترك في شتى المجالات وخاصة الإنسانية والانمائية وبما في ذلك جهود الوساطة وبناء السلام وحفظ السلم والأمن الدوليين.

وأكد الجارالله أن الكويت لم تكتف طوال تلك السنوات بالمساهمة الفعالة في أنشطة الوكالات والمنظمات الدولية فحسب بل حرصت انطلاقاً من دورها المحوري والحيوي على أن تكون مقراً للعديد من تلك المنظمات والوكالات وأن تستضيف عدداً من الكيانات التابعة للمنظمة بما يشكل منظومة عمل متكاملة ومتسقة مع الجهود الكويتية لتحقيق التنمية المستدامة بمختلف ابعادها وللنهوض بالتعاون الدولي.
Ad


وشدد على أنه ومنذ انضمام الكويت في 14 مايو 1963 لتصبح العضو الـ111 وهي تنتهج سياسة متزنة وعقلانية ترتكز على أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة.

وأضاف أن الكويت تنطلق من قناعاتها الثابتة وإيمانها الراسخ بأهمية تعزيز مبادئ السلم والأمن الدوليين في سياق العمل المتعدد الأطراف وعدم اللجوء إلى استخدام القوة أو التهديد باستخدامها في حل الخلافات ودعم مبدأ الحوار لتعزيز قيم التسامح والتعايش بين مختلف الحضارات والثقافات والأديان.

وأوضح أن الكويت تفخر بعلاقتها الاستراتيجية والوثيقة مع منظمة الأمم المتحدة ممثلة بكل أجهزتها وكياناتها مستذكراً بكثير من التقدير والامتنان موقف المنظمة بمختلف أجهزتها في دعم شرعية دولة الكويت لاستعادة سيادتها وحريتها في عام 1991 من الغزو العراقي الغاشم وهو ما يُعد أحد أبرز وأنجح النماذج والتجارب الرائدة والناجحة على مر التاريخ التي حققتها المنظمة ترجمة لمبادئها في صيانة السلم والأمن الدوليين.

ورأى أن ذلك يبرهن على أهمية العمل الدولي المتعدد الأطراف للدول خاصة الصغيرة والنامية بما فيها دولة الكويت التي تبينت من خلالها جدوى وأهمية قرارات الشرعية الدولية التي كان لها الفضل بعد المولى عز وجل بتمكين دولة صغيرة من حشد قوى العالم لمناصرة قضيتها العادلة.

وعن أبرز المحطات خلال عضويتها في الأمم المتحدة الممتدة منذ ستة عقود أفاد الجارالله أن الكويت أخذت طوال تلك السنوات على عاتقها مسؤولية دعم الجهود الدولية التي ترعاها المنظمة علاوة على معالجة التحديات الدولية في سياق حفظ السلم والأمن الدوليين.

ولفت إلى أن الكويت تواصل عطاءها وجهودها في دعم قضايا التنمية في الدول النامية والاستجابة الإنسانية الطارئة بمد يد العون لشعوب الدول الصديقة والشقيقة التي تواجه كوارث طبيعية أو الواقعة تحت النزاعات بدءاً من الإغاثة العاجلة وصولاً إلى دعم برامج التنمية وإعادة إعمار المناطق المتضررة من النزاعات والكوارث.

وأكد أن الكويت تقوم بذلك كله «دون تمييز وبغض النظر عن المحددات الجغرافية أو الدينية أو العرقية بصورة تنسجم مع أولويات سياسة الكويت الخارجية وتتويجاً لتلك المكاسب والسجل الحافل بالإنجازات مع الأمم المتحدة باعتبارنا شركاء في التنمية والسلام».

وذكر الجارالله أنه تتويجاً لسجلها الحافل قامت الأمم المتحدة عام 2014 بتسمية الكويت «مركزاً للعمل الإنساني» وسمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح طيب الله ثراه «قائداً للعمل الإنساني».

وأضاف أن دولة الكويت عكست ايمانها بأهمية ومحورية العمل الأممي المتعدد الأطراف «من خلال احتضانها لعدد كبير من الهيئات والوكالات التابعة للأمم المتحدة حيث تحكم وتنظم احتضان تلك المكاتب على المستوى القطري اتفاقيات ومذكرات تفاهم ثنائية منذ عام 1960 فضلاً عن استضافتنا حالياً مقراً لبعثتين سياسيتين «UNAMI-UNAMA»».

ولفت إلى ما حققته الدبلوماسية الكويتية من مكتسبات وإنجازات خلال سنوات عضويتها من رصيد زاخر من النجاحات والمكاسب عزز دورها في المحافل والمنظمات الدولية ورسخ مكانتها الإقليمية والدولية إضافة إلى انخراطها بشكل إيجابي مع النداءات والمناشدات التي أطلقتها منظمة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة.

وأفاد أنه صاحبه ذلك نشاط ملحوظ للدبلوماسية الكويتية من خلال شغل الكويت للعديد من المقاعد في الأجهزة الرئيسية للأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية خلال هذه الفترة ولعل أبرزها مجلس حقوق الإنسان 2011-2014 والمجلس الاقتصادي والاجتماعي في الأعوام 1967- 1969 و1992 -1994 و2013-2015 ومجلس الأمن في فترتين الأولى 1978-1979 والثانية 2018-2019 ومجلس ومحافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الأعوام 1977-1979 و1987-1989 و1995-1997 و2001-2003 و2019-2021.

وتابع «إضافة إلى عضوية عدد كبير من اللجان والأجهزة الأخرى علاوة على استضافة وترؤس العديد من المؤتمرات الدولية لا سيما المتعلقة بالأزمات في سوريا والعراق واليمن وأقلية الروهينغيا حيث تسعى دولة الكويت من خلال مشاركاتها الفعالة في تلك الأجهزة إلى دعم كافة المساعي الرامية للنهوض بمستوى الجهود الدولية لما من شأنه تحقيق تطلعات الدول وآمال شعوبها في الأمن والتنمية والسلام».

وعن أبرز وكالات وبرامج الأمم المتحدة الموجودة في دولة الكويت ودور وزارة الخارجية في العمل مع تلك الوكالات افاد الجارالله أن دولة الكويت ترتبط بعلاقة وثيقة مع مختلف وكالات وبرامج وأجهزة المنظمة وتوجت هذه العلاقة المتميزة بافتتاح بيت الأمم المتحدة «مبنى الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح» في عام 2009 بحضور الأمين العام للأمم المتحدة السابق بان كي مون.

وقال إن بيت الأمم المتحدة الواقع في منطقة مشرف يستضيف مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «OCHA» والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين «UNHCR» ومنظمة الصحة العالمية «WHO» وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي «UNDP» ومنظمة الهجرة الدولية «IOM» ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة «UNICEF» وبرنامج الغذاء العالمي «WFP» وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية «UN HABITAT» وغيرها من الوكالات المتخصصة.

وذكر أن الكويت تعمل بشكل وثيق مع كل تلك الوكالات بالتعاون والتنسيق مع ممثل الأمين العام والمنسق المقيم للأمم المتحدة لدى دولة الكويت بصفته المعني في قيادة عمل تلك الوكالات لتحديد الأولويات وتقييم ومتابعة مستوى التعاون وتحديد البرامج الضرورية لتلبية الاحتياجات وتعزيز التنسيق فيما بين المنظمة وأجهزة الدولة المختلفة لضمان تحقيق أعلى مستويات الكفاءة والفعالية في العمليات والبرامج الإنسانية والتنموية.

وبين أن تلك الوكالات بالتنسيق مع مختلف جهات وقطاعات الدولة تتولى تقديم أنشطة وبرامج وعقد ورش عمل تدريبية بهدف رفع كفاءة العمل في شتى المجالات التي تنسجم مع أولويات دولة الكويت وخصوصاً في المجالات الصحية والتعليمية والإنسانية والتنموية والبيئية.

وقال إن وزارة الخارجية باعتبارها حلقة الوصل بين الجهات الوطنية والوكالات الدولية تحرص على ضمان التنسيق ومتابعة أعمال وأنشطة الأمم المتحدة وأجهزتها الرئيسية ووكالاتها المختصة بشكل دوري.

وأوضح أن عملية المتابعة تشمل عدداً من العناصر منها عقد اجتماعات مع الممثلين المقيمين لاستعراض وتقييم أبرز الأنشطة التي تقوم بها الوكالات وضمان الاستفادة القصوى من نقل البرامج والخطط التدريبية والتطويرية لمختلف قطاعات الدولة بما يلائم مع خصوصية وطبيعة دولة الكويت وبما يتوافق مع المعاهدات والاتفاقات الدولية التي تعد دولة الكويت طرفا فيها.

وعن أبرز اختصاصات إدارة «شؤون المنظمات الدولية» بوزارة الخارجية، أوضح الجارالله أن دولة الكويت تولي اهتماماً بالغاً للعمل الدولي المتعدد الأطراف «multilateralism» إيماناً منها بدوره المحوري في تحقيق حياة أفضل لشعوب العالم.

وقال «وعليه تعكف ادارة شؤون المنظمات الدولية على متابعة القضايا والمسائل ذات الطابع الدولي وترجمة أولويات السياسة الخارجية لدولة الكويت والدفاع عنها والتي يمكن الإشارة إلى أبرزها ويتصدرها تعزيز العمل الدولي المتعدد الأطراف من أجل تحقيق شراكة دولية ناجحة».

كما لفت إلى «دعم الجهود الدولية ذات الطابع الإنساني والتنموي والاستمرار بلعب دور محوري نحو تحمل مسؤولياتها الإنسانية والأخلاقية بمواصلة نشاطها الإنساني منطلقة بذلك من إيمانها الثابت والمبدئي بضرورة التضامن مع الشعوب التي ترزح تحت ظروف معيشية بائسة دون تمييز كذلك دعم القضايا العربية والإسلامية والجهود الدولية الرامية لإيجاد حلول سلمية دائمة وشاملة لقضايا المنطقة وخاصة تلك التي طال أمدها وفي مقدمتها القضية الفلسطينية».

وعن تجربة الكويت في عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن للعامين 2018-2019 وأهم الإنجازات التي تحققت في تلك العضوية بين الجارالله إنه استكمالاً لسياستها الخارجية المعتدلة حرصت دولة الكويت في تحديد أولوياتها خلال عضويتها على استثمار علاقاتها الوثيقة مع الدول الأعضاء بالمنظمة وعلى وجه الخصوص محيطها العربي والإسلامي بهدف تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة بما يتفق مع أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.

وقال إنه تم وضع اربع أولويات رئيسية خلال العضوية في مجلس الأمن وهي القضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية والقضايا الإنسانية ومنع نشوب النزاعات والدبلوماسية الوقائية والوساطة واخيرا تحسين أساليب عمل مجلس الأمن.

وذكر أن دولة الكويت نجحت خلال فترة عضويتها باستصدار عدد من المخرجات الهامة من مجلس الأمن سواء على شكل قرارات أو بيانات رئاسية أو بيانات صحافية أو مذكرات رئاسية تناولت عدداً من القضايا والمسائل الهامة والحساسة المطروحة على جدول أعمال مجلس الأمن مثل الملف الإنساني السوري وتحسين أساليب عمل مجلس الأمن وعلاقة مجلس الأمن بجامعة الدول العربية الجوع والنزاع المسلحة.

وأضاف «كما نجحت دولة الكويت خلال رئاستها باستصدار القرار 2474 «2019» بإجماع أعضاء المجلس وهو المعني بالأشخاص المفقودين في النزاعات المسلحة وذلك من خلال العمل على صياغة القرار وتقديمه وهو ما يُعتبر إنجازاً جديداً يسجل للدبلوماسية الكويتية كونه أول قرار يصدر في تاريخ المجلس حول هذا الموضوع الهام».

وذكر أنه من خلال مشاركتها في قيادة جهود مجلس الأمن باعتبارها حاملاً لقلم الملف الإنساني السوري في المجلس بالتعاون مع مملكة السويد في عام 2018 ومع كل من ألمانيا وبلجيكا في عام 2019 نجحت دولة الكويت ممثلة بالوفد الدائم في نيويورك باستصدار قرارين معنيين في الأوضاع الإنسانية في سورية.

وأفاد أن القرار الأول وهو 2401 صدر بالإجماع في فبراير 2018 أثناء رئاسة أعمال مجلس الأمن والخاص بوقف إطلاق النار في كافة المناطق السورية وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية وذلك على إثر التصعيد العسكري الذي شهدته الغوطة الشرقية اضافة إلى القرار 2449 «2018» الخاص بتجديد آلية وصول المساعدات الإنسانية عبر الحدود في سورية.

وقال إنه كان للزيارات الميدانية نصيب من الاهتمام حيث أجرى مجلس الأمن زيارة رسمية بكامل أعضائه إلى كل من ميانمار وبنغلاديش برئاسة كل من دولة الكويت وبيرو والمملكة المتحدة في شهري أبريل ومايو 2018 وذلك للاطلاع على أوضاع لاجئي اقليه الروهينغا.

وتابع «بالإضافة إلى ذلك قادت دولة الكويت أثناء رئاستها الثانية لمجلس الأمن في يونيو 2019 بنجاح زيارة إلى الكويت والعراق بالتعاون مع وفد الولايات المتحدة نتج عنها إصدار بيان صحفي عن المجلس يؤكد دعمه للعراق كما أشاد بالجهود الكويتية لدعم أمن واستقرار العراق».

وأشار إلى أن زيارة الكويت كانت تهدف اطلاع أعضاء مجلس الأمن على تفاصيل الالتزامات المتبقية على العراق تجاه دولة الكويت وتحديداً فيما يتعلق بالمفقودين الكويتيين والممتلكات الكويتية بما فيها الأرشيف الوطني.

وقال الجارالله إنه من الأمور التي كان لها صدى دولي وعربي كبير أثناء رئاسة دولة الكويت لأعمال المجلس في فبراير 2018 حضور الرئيس محمود عباس للجلسة الشهرية الدورية حول القضية الفلسطينية حيث طرح خلالها خطته الجديدة للسلام وتعد من المشاركات النادرة للرئيس الفلسطيني في جلسة لمجلس الأمن.

وذكر أن دولة الكويت حرصت أيضاً على استثمار عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن لتسليط الضوء على قضاياها الوطنية والدفاع عنها وانطلاقاً من ذلك الحرص اثمرت جهودها اعتماد مجلس الأمن بياناً رئاسياً معني بالتطورات المتصلة بالبحث عن المفقودين الكويتيين والممتلكات الكويتية بما في ذلك الأرشيف الوطني.

وأفاد أن البيان رحب بجهود العراق من أجل الوفاء بالتزاماته الدولية بالإضافة الى الإعراب عن الأسف من عدم تحقيق تقدم في ملف المفقودين منذ عام 2004 حيث يُعد هذا البيان تأكيداً بأن هذه المسائل من الالتزامات الرئيسية المتبقية وفقاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة على اعتبار أنها من المسائل الإنسانية والآثار المتبقية من الغزو العراقي الغاشم عام 1990 ولم يتم الانتهاء منها أو إغلاقها.