تصريحات كثير من المرشحين مجرد عموميات لا تعطي أي دلالة على برنامج أو على الأقل فكرة واضحة عن رأي المرشح في القضايا الكثيرة الأساسية التي طرحت في المجالس الأخيرة والتي سيمتد أثرها من حاضر الكويت إلى مستقبلها.

بعض المرشحين طالب بالإصلاح السياسي، لكنه لم يعرض إصلاحه المطلوب بتفصيلات تعطي الناخب فكرة واضحة عنه وعن مدى دستوريته، وبعض المرشحين طالب بتغيير النظام الانتخابي دون أن يبين كيف سيكون هذا التغيير إلى الأفضل، وثالث طالب كل الشعب بالانتخاب، وقال إن من يقاطع ليس له حق الاعتراض، وهذا قول عجيب، ورابع أكد أهمية الديموقراطية والتعاون بين السلطتين، وخامس صدّر ترشيحه بالاستجابة إلى الإرادة الشعبية، وسادس حذّر من الإحباط، وسابع هاجم الحكومة ولم يبين ماذا سيقدم لإصلاح الحكومة، وأكثرهم ركز على مكافحة الفساد دون أن يشرح كيف سيكافح الفساد، وثامن اتهم مرشحين لم يذكرهم بالمال السياسي، لكنه لم يأت بأي دليل ولا قرينة ولم يقدّم أي بلاغ، كما لم يأت أي مرشح على كيفية زيادة الدخل غير النفطي، وهو من أهم الإجراءات لاستمرار الرفاهية للمواطن.

Ad

هذه العموميات تدل على عدة احتمالات منها عدم علم أو فهم المرشح للقضايا المهمة والخطيرة المحيطة بالبلاد وكيفية التصدي لها، ومنها أيضاً تخوف كثير من المرشحين من ردّة فعل الناخبين إذا بينوا برنامجهم ورأيهم في القضايا المطروحة بالتفصيل، لأن التفصيلات قد لا تعجب كثيراً من الناخبين، فمثلا شعارات التعاون بين السلطات وتحقيق مصالح المواطنين لا جديد فيها، ونص عليها الدستور، وأكدتها القوانين من قبل، أما شعار الإرادة الشعبية فقد ذكرني بخطب عبدالناصر التي كان يبدأها باسم الشعب أو باسم الأمة، فهل تم قياس الإرادة الشعبية في استفتاء عام؟ وكيف غاب عمّن حمل هذا الشعار أن هناك اختلافات كثيرة بين الناس والجماعات السياسية والنواب حول كثير من القضايا المطروحة؟ (وكل منهم جزء من هذه الإرادة)، وإن مجرد القول بالإرادة الشعبية قبل بيانها ومناقشتها والتصويت عليها بناء على أسس المصلحة الشرعية والوطنية هو مجرد استباق وتمويه انتخابي شعبوي.

نتيجة هذه العموميات هو ما نسمعه من بعض الناخبين اليوم أنهم قد خاب أملهم فيمن انتخبوه، ونسوا أنهم مشاركون في هذا الخطأ أيضاً لأنهم لم يسألوا مرشحهم عن التفصيلات، واكتفوا بالسير وراء شعارات مكررة لا تسمن ولا تغني من جوع.

كانت أمام المجلس الماضي 2022 والذي قبله سبعة قوانين تكافح الفساد، لكنهم لم يعطوها الأولوية، وكانت أمامهم قوانين إصلاحية تنظم التوظيف والترقية والمناصب القيادية لكنهم أخروها، وأيضاً تجاهلوا أهم قضية سبقتنا فيها كل دول الخليج، وهي قضية الإصلاح الاقتصادي، فلم يطرحها المرشحون، ولم يتحدثوا عن خطورة استمرار الاختلالات الهيكلية في اقتصادنا الذي عانى العجز لسنوات، ولا كيف سيتم استيعاب وتوظيف مئات الآلاف من الخريجين في الحكومة و»الخاص». هل نسي المرشحون، خصوصا الأعضاء السابقين منهم، أنه كانت أمامهم فرصة للتعاون قبل انسحاب الحكومة من جلسات المجلس الماضي، لكنهم رفضوها؟ وأنهم قدموا مشاريع تصادمية ضارة بالاقتصاد وستؤدي، لا سمح الله، إلى عدم العدالة ومزيد من الطلبات العشوائية فأعطوها الأولوية؟ وكيف نسوا أنهم اختلفوا في كثير من القضايا التي يدّعون أنها تمثّل الإرادة الشعبية؟

تصريحات المرشحين التي أهملت التفصيلات المتعلقة بالقضايا الكبيرة قد تؤدي إلى إعادة إنتاج المجالس الأخيرة، واستمرار خيبة الأمل والإحباط، وإذا لم تتغير فلا أستبعد عودة الصدام من جديد، حيث ستدور الدوامة من جديد، والله المستعان.

دعاء لغزة:

نسألك اللهم بقوتك وعزتك وجلالك أن تنصر أهل غزة، وتحقن دماءهم وتخلصهم من العدو الغاصب لأرضهم والمعتدي على حقوقهم، إنك ولي ذلك والقادر عليه، سبحانك لا إله إلا أنت، أما الحكومات العربية فقد فقدنا الأمل فيها.