مبعوث صيني في «مهمة سلام» إلى أوكرانيا وروسيا وأوروبا
• سوناك يستقبل زيلينسكي ويعده بمسيّرات هجومية طويلة الأمد
• قائد «فاغنر» ينفي التواصل مع المخابرات الأوكرانية
في خطوة تعزّز انخراط الصين المباشر بجهود إنهاء الصراع الروسي - الأوكراني الذي يهدد باندلاع أخطر مواجهة بين دول شرقية وحلف شمال الأطلسي (الناتو) منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، وبالتزامن مع احتمال انطلاق هجوم أوكراني مضاد طال انتظاره لاستعادة الأراضي التي استولت عليها موسكو، يستهل مبعوث صيني رفيع المستوى، يدعى لي هوى، جولة دبلوماسية واسعة من كييف اليوم، ترمي إلى إيجاد «تسوية سياسية».
وذكرت وزارة الخارجية الصينية أنّ لي هوي، ممثل الصين الخاص لشؤون منطقتي أوروبا وآسيا وسفير بكين السابق لدى روسيا، سيزور بولندا وفرنسا وألمانيا ضمن الجولة التي تستغرق عدة أيام.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، وانغ ون بين، إنّ «الزيارة شهادة على جهود الصين نحو تعزيز محادثات السلام، وتوضح تماماً التزام الصين الراسخ بالسلام».
وتأتي الزيارة بعد أسابيع من إجراء الرئيس الصيني شي جين بينغ مكالمة هاتفية مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في أواخر أبريل الماضي، والتي كانت أول محادثات بين الزعيمين منذ بدء الحرب في فبراير 2022.
ورغم تشكيك القوى الغربية بمقترحات سلام طرحتها بكين، وتضمنت «خطة مؤلفة من 12 بندا»، نظرا لعلاقتها بموسكو، حث العديد من القادة الأوروبيين، بما في ذلك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، الرئيس شي، على التحدث مع زيلينسكي والاضطلاع بدور أكثر فاعلية لكبح تصرفات «الكرملين».
لكنّ خطة السلام، التي طرحتها بكين في الذكرى الأولى لإطلاق موسكو ما أسمته عملية عسكرية خاصة، كانت إلى حد كبير تكراراً لمواقف الصين السابقة حول الحرب.
وحثّت بكين، التي تتجنب إدانة موسكو أو الإشارة إلى عمليات العسكرية على أنها «غزو»، الجانبين على الاتفاق على وقف تدريجي للتصعيد، وحذّرت من استخدام الأسلحة النووية.
دعم بريطاني
في هذه الأثناء، عقد زيلينسكي، أمس، مباحثات في لندن مع رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك.
وقال الرئيس الأوكراني قبيل وصوله إلى بريطانيا، التي سبق أن زارها في فبراير: «كانت المملكة المتحدة رائدة في تزويدنا بمعدات برية وجوية إضافية، وسيستمر هذا التعاون».
وتأتي زيارة زيلينسكي في إطار جولة أوروبية قادته إلى روما وبرلين وباريس، يبحث فيها عن تعهّد عسكري إضافي من حلفائه.
وقبيل وصول زيلينسكي تعهدت المملكة المتحدة بتسليم أوكرانيا مئات الصواريخ المضادة للطائرات والمسيّرات الهجومية التي يصل مداها إلى أكثر من 200 كيلومتر قريباً. وأوضحت رئاسة الحكومة، في بيان، أن التجهيزات سيتم تسليمها «خلال الأشهر المقبلة فيما تستعد أوكرانيا لتعزيز مقاومتها للغزو الروسي الجاري».
ونقل البيان عن سوناك قوله «إنها لحظة حاسمة لمقاومة الأوكرانيين في مواجهة العدوان الرهيب الذي لم يختاروه».
وأضاف: «يجب ألا نخذلهم، من مصلحة الجميع ضمان نجاح أوكرانيا، وألا تكافأ همجية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين».
وكانت المملكة المتحدة أعلنت الأسبوع الماضي تزويد كييف بصواريخ «ستورم شادو» بعيدة المدى، لتكون أول دولة تزودها بهذا النوع من الأسلحة التي يصل مداها إلى أكثر من 250 كيلومترا.
في المقابل، لم تتحدث أي عاصمة غربية عن تسليم الطائرات المقاتلة التي تلحّ كييف في طلبها.
نجاح وفضيحة
في غضون ذلك، أعلنت أوكرانيا أنها حققت «أول نجاح» في هجومها في محيط مدينة باخموت، وتقدمت باتجاه الخطوط الدفاعية الروسية.
وصرح قائد القوات البرية الأوكرانية، أولكسندر سيرسكي، بأن «تقدّم قواتنا في منطقة باخموت هو أول نجاح في الهجوم» الرامي منذ الصيف الماضي إلى استعادة المدينة التي تسيطر القوات الروسية على القسم الأكبر منها.
في السياق، ذكر تقرير صحافي أميركي، نقلاً عن وثائق مخابرات أميركية مسرّبة، أن رئيس مجموعة فاغنر العسكرية الخاصة، يفغيني بريغوجين، قد عرض الكشف عن مواقع القوات الروسية للحكومة الأوكرانية، في يناير الماضي، مقابل سحب كييف جنودها من المنطقة حول باخموت. وذكرت صحيفة واشنطن بوست أن عرض بريغوجين جاء من خلال اتصالاته بجهاز المخابرات الأوكراني، إلا أن أوكرانيا رفضت العرض.
وتقاتل قوات بريغوجين في الطليعة بجوار قوات الجيش الروسي منذ أشهر للسيطرة على باخموت الأوكرانية التي تشهد معارك دامية وصفت بالأعنف منذ بدء الغزو، لكنّه أعلن أخيراً تهديده من قبل موسكو، باعتباره وقواته «خائناً» إذا انسحب من الجبهة المشتعلة، بعد أن اشتكى من قيام قوات الجيش النظامي بحرمانه من تلقي الأسلحة والذخائر اللازمة لمواصلة القتال.
من جهته، وصف الناطق الرسمي لـ «الكرملين»، دميتري بيسكوف، تقرير الـ «واشنطن بوست» بالكذب، في حين قال بريغوجين إن المعلومات الواردة فيه مضحكة. ويأتي التقرير الأميركي ونفي «الكرملين»، بعد يومين من تلميح قائد «فاغنر» إلى أن الطائرات الحربية الروسية الأربع التي تحطمت في منطقة حدودية مع أوكرانيا ربما تكون قد أسقطت بأيدي قوات روسية. ويقلل مراقبون من شأن فرض روسيا سيطرتها الكاملة على باخموت من منظار استراتيجي، إلا أن ذلك سيتيح لموسكو المفاخرة بنصر عسكري بعد سلسلة تراجعات.
رد وتجنيس
وفي أول رد روسي على زيادة المساعدات العسكرية الغربية والبريطانية لكييف، حذّر الكرملين من أن شحنات الأسلحة الجديدة «ستتسبب في المزيد من الدمار».
وقال الناطق باسم الرئاسة الروسية إن بريطانيا تطمح لوضع نفسها في مقدّمة الدول التي تواصل إغراق أوكرانيا بالسلاح»، لكنّه استبعد تأثير تلك الأسلحة على مجرى الصراع.
ومع تواصل المعارك على عدة جبهات، أفادت وزارة الدفاع الروسية أمس، بتدمير 21 مسيرة أوكرانية وصواريخ أميركية وصاروخ بعيدة المدى بريطانية الصنع، وقالت إنه تم إسقاط مروحيتين في دونيتسك وتصفية نحو 650 مسلحا، على كل المحاور.