في زمن ما، وأعني فيه هنا فترة الستينيات تصاعدت تساؤلات حول المرأة الكويتية مستغربة تجاهل قوانين الانتخاب والترشيح، ولم تتوصل هذه التساؤلات إلى إجابة وافية، فلم يكن مصطلح تمكين المرأة معروفاً آنذاك بعدها، حيث انطلقت أنشطة الجمعيات النسائية مشعلة المطالبات بين حين وآخر، عززتها برامج ومقترحات للعمل الوطني ومقترحات لفتح باب المشاركة السياسية للمرأة.
ثم جاءت موجة التغيير في فترة التسعينيات... هذا التغيير الذي أشارت إليه الكتابات الصحافية بالتغيير الإصلاحي الناعم، فبدأت دول الخليج بتعيين المرأة في المجالس الاستشارية والدبلوماسية والتشريعية أيضاً، وقد كان للكويت نصيب من ذلك غير متنازلة عن النهج الديموقراطي، فتم خلال 1992 و1994 و1996 تقديم اقتراحات بمجلس الأمة بقوانين لنيل المرأة حقوقها السياسية، وفي منتصف عام 1999 توجت المقترحات بالرغبة الأميرية للمغفور له الشيخ جابر الأحمد بمنح المرأة حقوقها السياسية كناخبة وعضوة برلمان.
عانت المرأة حينها الأمرّين: مرارة الانتظار لتشكيل الأغلبية لتأييد حقها، ومرارة المواجهة مع هواة تعطيل التغيير، وفي عام 2009 تميزت الانتخابات أخيراً بفوز أربع نساء كسرن حاجز الخوف من تولي المرأة منصبا قياديا وتشريعيا.
واليوم يعود السيناريو مجدداً وسط خوض النساء مجال الترشح لعضوية البرلمان، ومنافستهن للرجال إلى جانب انطلاق محاولات لمنع المرأة من الوصول إلى البرلمان كإطلاق الإشاعات والتنمر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وآخرها إطلاق وثيقة حملت في عنوانها القيم، وفي سطورها أفكاراً رجعية هشة لا تسمن ولا تغني من جوع، ساحبة من وزارة الإعلام صلاحية الموافقة على الفعاليات الثقافية، ولاغية دور وزارة الداخلية في القرار في تحديد ما يتفق مع القوانين وما يتنافى معها.
وهنا أتساءل: هل سيعود سيناريو المرأة وتصبح عضوة في برلمان 2023؟ أم ستقف الوثيقة حائلاً بينها وبين المناصب القيادية؟ وهل سيطبق وزير الإعلام استراتيجية إحياء الاحتفالات أم سيخضع لوثيقة القيم؟ وماذا عن التراخيص الممنوحة للجامعات الخاصة، هل سيطلب منها مضاعفة تكلفة البناء خضوعاً لوثيقة لا علاقة لها بالتعليم ولا بالمؤسسات التعليمية؟
أخيراًً وليس آخراً، على الحكومة تفعيل دورها القيادي وملء الفراغ الذي قد تتسلل من خلاله الوثائق الرجعية بين الحين والآخر.
وللحديث بقية.