بالتزامن مع بدء مبعوث صيني رفيع جولة واسعة في المنطقة لاستكشاف سبل إيجاد تسوية سياسية للنزاع، تضاربت تقارير روسية وأوكرانية رسمية بشأن نجاح هجوم صاروخي شنته موسكو على العاصمة الأوكرانية من الجو والبحر باستخدام صاروخ (كينجال) «الخنجر» ليل الاثنين ـ الثلاثاء.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أن صاروخ «كينجال» الروسي فرط الصوتي، أصاب منظومة «باتريوت» الأميركية المضادة للصواريخ في كييف وأسكتها.
وجاء في بيان وزارة الدفاع الروسية: «وجهت القوات المسلحة ضربة مركزة بأسلحة بعيدة المدى جواً وبحراً بدقة عالية استهدفت نقاط انتشار القوات المسلحة الأوكرانية، واستهدفت أماكن ومستودعات تخزين الذخيرة والأسلحة ومعدات عسكرية تم تسليمها من دول غربية».
تصدّ و«قبة»
في المقابل، أعلنت السلطات الأوكرانية حالة تأهب جوي واسعة النطاق ليل الثلاثاء في كييف، حيث تم تشغيل منظومة «باتريوت»، التي تم نقلها إليها أخيراً لمساعدتها على وقف الهجمات الجوية، لكن شهود عيان قالو إنهم سمعوا انفجارت ضخمة في مكان وجود هذه المنظومة. وقالت الإدارة العسكرية في كييف، إن القوات الروسية شنت هجوماً معقداً هو الثامن خلال مايو الجاري، من اتجاهات مختلفة في وقت واحد على العاصمة، باستخدام الطائرات المسيّرة وصواريخ كروز والصواريخ البالستية في إشارة إلى «الخنجر» الذي تستخدمه موسكو لأول مرة منذ كشف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عنه عام 2018.
ووصفت كييف الهجمة بالاستثنائية في كثافتها، مؤكدة أنها تلقت أقصى عدد من الصواريخ الهجومية في أقصر مدة زمنية.
كما أفادت كييف باكتشاف وتدمير الأغلبية العظمى من الأهداف الجوية في سماء كييف، مؤكدة أن الحطام سقط على 5 أحياء مختلفة في العاصمة، كان أكبرها ما وقع في حي سولوميانسكي غربي المدينة حيث احترق مبنى غير سكني، في حين سقطت أجزاء من الصواريخ في مناطق أخرى.
وكتب وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف عبر «تويتر»: «إنجاز رائع آخر لسلاح الجو الأوكراني. الليلة الماضية، أسقط المدافعون عن سمائنا 6 صواريخ روسية فرط صوتية من طراز كينجال و12 صاروخاً آخر».
في سياق قريب، صرح قائد الدفاع الصاروخي والفضائي بالجيش الأميركي دانييل كاربلر لمجلس الشيوخ بأن «إحدى بطاريتي القبة الحديدية»، التي تعد إسرائيل المنتج الرئيسي لها، جاهزة للنشر في أوكرانيا لمساعدتها على سد الفجوة بنظامها الدفاعي ضد الهجمات الصاروخية، فيما انتقدت كييف الدولة العبرية لإرسال دبلوماسيين كبار إلى موسكو و«التعامل كالمعتاد مع مجرمي الحرب الروس».
ويأتي ذلك بعد أن نفت موسكو، في وقت سابق، مزاعم بأن «باتريوت» تمكنت من إسقاط الصاروخ الروسي «كينجال» الذي تفوق سرعته سرعة الصوت، مؤكدة أن خصائصه التقنية تدحض الادعاء.
مصيدة باخموت
وعلى جبهة أخرى مشتعلة شرقي البلاد، وصف قائد القوات البرية الأوكرانية أولكسندر سيرسكي بلدة باخموت المحاصرة بأنها «مصيدة فئران» للقوات الروسية.
وقال سيرسكي، خلال زيارة إلى منطقة خط المواجهة،: «زحف مرتزقة فاغنر إلى باخموت مثل الفئران في دخولهم إلى المصيدة».
وأضاف أنه من خلال «الدفاع النشط» تمكنت الوحدات الأوكرانية من شن هجمات مضادة في عدة أقسام بالقرب من باخموت.
وقال القائد، إن «العدو لديه المزيد من الموارد، لكننا ندمر خططهم»، ومنح ميداليات للعديد من الجنود.
وذكر أن القوات الأوكرانية حققت انتصارات في باخموت وسيطرت على 10 مواقع روسية في ضواحيها.
لكن قائد قوات «فاغنر» الروسية الخاصة يفغيني بريغوجين جدد تأكيده أنه يحرز تقدماً في غزو الشوارع الأخيرة في باخموت. ونشر مقطع مصور بالفيديو، أمس، أظهر فيه أجزاء على خريطة لا تزال تحتلها القوات الأوكرانية في منطقة المدينة الواقعة بدونيتسك حيث توصف المعركة هناك بأنها الأطول والأكثر دموية منذ بدء العملية العسكرية الروسية في 24 فبراير 2022.
دبابة قديروف
وفي وقت تواصل السلطات الأوكرانية التحضير لهجوم عسكري مضاد بدعم سخي من القوى الغربية وحلف شمال الأطلسي «الناتو» لطرد القوات الروسية من الأراضي التي تحتلها، ظهر الرئيس الشيشاني رمضان قديروف، على متن دبابة «تو-72» الروسية المحدثة، وقارن بينها وبين دبابة «أبرامز» الأميركية، التي وصفها بلعب الأطفال. ونشر قديروف مقطع فيديو يظهر فيه وهو على متن الدبابة الروسية، في أحد الشوارع.
ووصف قديروف الدبابة الروسية بـ«القوة الحقيقية» التي تتفوق على نظيراتها الغربية بكل المقاييس، ومجهزة بأحدث التقنيات.
وأضاف أن التنقية والتكنولوجيا الروسية أفضل بكثير من التكنولوجيا الأجنبية من حيث القوة والحماية وسهولة القيادة والتحكم.
وقال قديروف: «أنتظرونا! على متن هذه الدبابات سوف ندخل كييف، ونقوم بتطهيرها من النازيين».
حزم دفاع
وبالتزامن مع بدء المبعوث الصيني الخاص للشؤون الأوراسية لي هوي مناقشة «تسوية سياسية للنزاع» مع مسؤولين في أوكرانيا ضمن جولة تقوده إلى روسيا ودول أوروبية بينها بولندا وفرنسا وألمانيا، اجتمع قادة «مجلس أوروبا» الـ46 في مدينة ريكيافيك بآيسلندا للتعبير عن تضامنهم مع كييف ووحدة موقفهم ضدّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في قمة تعد الرابعة بتاريخ المجموعة التي أسست قبل 75 عاماً.
وحملت القمة موسكو المسؤولية الجنائية عن الدمار والجرائم التي تسبب بها غزوها لأوكرانيا وتضمنت إلقاء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لكلمة افتتاحية عبر الفيديو.
وقال رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامابوسا أمس، إن الرئيس الروسي بوتين ونظيره الأوكراني زيلينسكي وافقاً على استقبال بعثة من زعماء أفارقة لبحث خطة سلام محتملة لحل الصراع.
من جانب آخر، كشف محققون أوكرانيون عن تسجيل «فساد واسع النطاق» في المحكمة العليا، مؤكدين فتح تحقيقات حول حصول بعض القضاة على «مكاسب غير مشروعة».
وأفادت تقارير غير رسمية باعتقال رئيس المحكمة العليا فسيفولود نيازيف للاشتباه في تلقيه رشوة تصل إلى 3 ملايين دولار.