المعارضة التركية تهتز ولا تتفكك... و«شارلي إيبدو» تُغضب إردوغان
قال حزب الشعب الجمهوري المعارض في تركيا، أمس، إنه قدّم شكاوى حول مخالفات يشتبه في وقوعها بآلاف من صناديق الاقتراع خلال الانتخابات التي جرت يوم الأحد، وحقق فيها الرئيس رجب طيب إردوغان نتائج أفضل من المتوقع.
لكن مسؤولي الحزب رجحوا ألا تغيّر الشكاوى من نتيجة الانتخابات الرئاسية التي ستشهد جولة إعادة في 28 الجاري بين إردوغان ومنافسه كمال كليشدار أوغلو، وقالوا انهم سيركزون على جولة الإعادة تلك.
وقال نائب رئيس حزب الديموقراطية والتقدّم، محمد أكمن، أحد الأحزاب الستة في تحالف المعارضة: «ليس لدينا دليل قوي على أن المخالفات يمكن أن تغيّر نتيجة الانتخابات الرئاسية، أو أن تؤدي إلى فوز مرشح آخر للمعارضة بمقعد في البرلمان». وأضاف: «بما أن إردوغان بدأ حملته الانتخابية رسميا أمس، أعتقد أن تحالف المعارضة يجب أن يوجه طاقته إلى جولة الإعادة».
وقال نائب رئيس الحزب، محرم إركيك، وهو أكبر أحزاب المعارضة في البلاد، إن المخالفات تتراوح في كل صندوق من صوت واحد غير صحيح إلى مئات الأصوات التي احتسبت بالخطأ. وتوجه كليشدار أوغلو، أمس الأول، الى الشباب الذين تراهن عليهم كما تعتزم التركيز على الوضع الاقتصادي الصعب وتدهور قيمة الليرة التركية الذي أدى الى ارتفاع التضخم في الخريف الى نسبة تقارب 85 بالمئة.
وحذّر مرشح المعارضة الذي نال 89. 44 بالمئة من الأصوات من أن على حزبه أن «يحارب بشكل أقوى للتخلص من سلطة بمثل هذه الوحشية». وقال الباحث في العلوم السياسية في جامعة سابانجي في إسطنبول، بيرك إيسن، إن «كليشدار أوغلو (74 عاما)، لم ينجح فعليا في تحريك الناخبين الشباب». وأضاف أن «المعارضة مفككة بالكامل، سيكون من الصعب عليها تجميع صفوفها مجددا للفوز»، في الدورة الثانية، متوقعا «نسبة مشاركة أقل» عما كانت عليه الأحد.
وأكد الرئيس إردوغان، الذي نال51. 49 بالمئة من الأصوات، أمس، ثقته بـ «دعم قوي» من الشباب.
وتلقّت المعارضة عدة ضربات، فقد أثار أحد قياديي الشعب الجمهوري غضبا بعد أن علّق على فوز إردوغان في المناطق التي تعرّضت للزلزال قائلا إن السكان يستحقون الزلزال. ودعا كليشدار أوغلو مسؤولي الحزب الى «التفكير 10 مرات قبل أن التحدث»، معبّرا عن احترامه لقاطني المناطق المنكوبة، بغضّ النظر عن توجهاتهم السياسية. كما قدّم مساعد رئيس حزب الشعب لتكنولوجيا المعلومات والاتصال، استقالته من منصبه، على خلفية انتقادات واسعة طالت الحزب، بسبب خطأ في نقل نتائج الانتخابات، والاستمرار حتى ساعات متقدمة في إعلان أن مرشح المعارضة متقدم على إردوغان، وهو ما تبين انه خاطئ.
وأصدر كليشدار أوغلو قراراً بفصل الفريق الإعلامي الخاص بحملته الانتخابية.
ولعل القدرة على إعادة حشد ناخبي المعارضة هي العنصر غير المعروف في الدورة الثانية. وهناك مسألة أخرى تتعلق بتجيير الأصوات التي نالها سنان أوغان.
وأعلن السياسي القومي المتطرّف المناهض للاجئين، الذي حصل في الدورة الأولى على 5.17 بالمئة من الأصوات، أنّه «منفتح على الحوار» مع كلا المرشّحين، مع أنّه قد يدعو ناخبيه إلى دعم إردوغان. وأضاف: «سيتمّ اتّخاذ قرار بعد محادثات مع إردوغان وكليشدار أوغلو».
وأكّد أوغان أنّه لم يفاجأ بعدد الأصوات التي حصل عليها، والتي ينسبها إلى «قوميين أتراك وشباب يعتبروننا أكثر ثقافة، وسئموا الوجوه السياسية القديمة».
من جهة ثانية، أكّد السياسي القومي المتطرّف أنّه يؤيّد اعتماد موقف حازم من القضية الكردية، ويعارض «الإرهاب بجميع أشكاله». وقد تكون قضية اللاجئين السوريين هي النقطة الوحيدة المشتركة بين أوغان وكليشدار أوغلو، حيث يطالب الطرفان بترحيلهم في أسرع وقت.
الى ذلك، أوردت وكالة أنباء الأناضول التركية، أمس، أن المرأة في البرلمان التركي سجلت أعلى نسبة تمثيل لها في تاريخ الجمهورية، إذ تمكنت 121 امرأة من أصل 600 نائب من دخول البرلمان، مع ارتفاع 17.1 بالمئة عن الانتخابات السابقة.
في سياق متصل، وجهت الرئاسة التركية انتقادا لاذعا لمجلة شارلي إيبدو الفرنسية، بعد أن نشرت الأخيرة رسما كاريكاتوريا اعتُبر «مسيئا» لإردوغان. وقال رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، فخر الدين ألطون: «أخاطب شارلي إيبدو ومشتقاتها، مهما فعلتم فلا يمكنكم ردع رجب طيب إردوغان، ولا يمكنكم إبعادنا عن طريقنا». وأردف أن نشر الرسم الذي وصفه بـ «القبيح» يثبت «الأسلوب المقزز» للمجلة، وفقا للوكالة التركية. وكانت المجلة الفرنسية الساخرة قد نشرت على غلافها صورة لإردوغان عارياً بالكامل وهو يتعرّض للصعق بالكهرباء لدى جلوسه في مغطس مليء بالماء، فيما يمسك بيده مصباحاً كهربائياً، وهو شعار «العدالة والتنمية»، وكتبت «لن يخلصنا منك سوى القدر».