في حين تعتبر فئة ذوي الاحتياجات الخاصة من الفئات الفاعلة في المجتمع الكويتي، خصوصا في انتخابات مجلس الأمة؛ نظرا لأعدادهم الكبيرة ممن يحق لهم التصويت وفقا لقانون الانتخاب الخاص بمجلس الأمة، فإن الاهتمام بهذه الفئة بعد الانتخابات تحديدا عند انعقاد المجلس لا يتجاوز تشكيل لجنة برلمانية مؤقتة خجولة في إنجازاتها لم تنجز سوى بعض التعديلات الضعيفة جداً التي لا تلبي احتياجات المعاقين، بل على العكس باتت القوانين التي تصدر من مجالس الأمة في مختلف فصولها التشريعية قاصرة، وكانت مجالاً للتكسب الانتخابي خلال كل الانتخابات البرلمانية.

وكانت القوانين الصادرة بحق المعاقين هي الطريق للتجاوز على حقوقهم ومنح المزايا التي من المفترض ان تكون حقا مكتسبا وأصيلا لهم تبعا لما جاءت به مواد الدستور، لكن القوانين التي خرجت من رحم المجلس أصبحت مادة للتكسب ومنح المزايا لمن لا يستحقونها تحت بند المعاقين أو ذوي الاحتياجات الخاصة، بل وصل الأمر إلى أكبر من ذلك، إذ حدثت عمليات تزوير طوال السنوات الماضية، بسبب ضعف القوانين الصادرة من مجالس الأمة لتذهب المزايا المالية والعينية لغير المستحقين.

Ad

وخلاصة الوضع أن معاناة المعاقين ترجع إلى القوانين الركيكة التي لا تستطيع أن تحرك كرسيا متحركا لأحد ذوي الاحتياجات الخاصة رغم أحقيته، بينما باتت الواسطات النيابية تمنح مالا وعلاجا بالخارج لأشخاص هم بالأساس مدعو إعاقة، وربما القضايا التي تدور في رحى المحاكم أبرز دليل على ذلك التجاوز، فضلا عن لجان التحقيق المستمرة التي لا تتجاوز محاضر اجتماعاتها.

منابر الانتخابات

والسؤال المهم الذي يثار هنا، هو لماذا تبرز أهمية ذوي الاحتياجات الخاصة فقط في فترة الانتخابات؟... بل إن بعض المرشحين يضعها أولوية ويصرح بحقوقهم على منابر الانتخابات، وربما يصل به الحال إلى البكاء على حالهم، وأن «يقط عقالة»، ويتعهد بأن يكون سدا منيعا للدفاع عن حقوقهم متى ما وصل إلى مجلس الامة، لكن متى ما جلس على الكرسي الأخضر ينسى ما وعد به، حتى لجنة ذوي الاحتياجات الخاصة لا يترشح لعضويتها.

وفي كل فصل تشريعي يعقد المجلس جلسة خاصة لمناقشة قضايا المعاقين واحتياجاتهم على هذا الصعيد برئاسة رئيس المجلس، حيث يجلس حينها ممثلو المعاقين في قاعة عبدالله السالم إلى جانب نواب الأمة المعنيين بالقضية أو أعضاء لجنة ذوي الاحتياجات الخاصة بهدف مناقشتهم حول احتياجاتهم وأبرز مطالبهم ومشكلاتهم، ويقوم النواب حينئذ باستعراض عضلاتهم، ويقول أحدهم: «سأعمل وأفعل وأدافع عن حقوق المعاقين» وكل ذلك من أجل «دغدغة» المشاعر ولفت الانتباه أمام كاميرات الاعلام والصحافة، وما ان تنتهي الجلسة حتى يعود الحال الى ما كان عليه؛ معاق يبحث عن وظيفة او سكن او كرسي متحرك يجلس عليه.

بينما تقف الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة عاجزة عن تلبية طلبات ذوي الاحتياجات الحقيقية، خصوصا مع وجود تركة ثقيلة خلفتها المجالس والحكومات الماضية، بسبب الواسطات النيابية التي أخرجت جيلاً يحمل شهادات إعاقة، وربما تكون شديدة، وهم أصحاء، وذلك للاستفادة من المزايا التي تُمنح للمعاقين، ليس ذلك فحسب، بل إن المعاق حقا ربما لا يحصل على حقوقه التي كفلها له القانون، بينما مدعي الإعاقة (المعاق على الورق) يحصل على مزايا مالية وعينية تفوق المعاق الحقيقي.

واليوم تعود اسطوانة الانتخابات من جديد لتتصدر قضايا المعاقين والمنابر الانتخابية بهدف كسب أصوات هذه الفئة التي يتم دغدغة مشاعر أفرادها بجملة من الشعارات؛ لكسب ثقتهم للوقوف بجانب المرشح هذا أو ذاك، وعندما ينجح يغلق هاتفه أمام هذه الفئة المظلومة.

وتأتي الانتخابات ويُحل المجلس ويأتي آخر، ويبقى المعاق يدور في دهاليز هيئة الإعاقة يبحث عن كرسي متحرك، فهل من مجيب؟