من صيد الخاطر: «مثلثات قطرب»
«مثلثات قطرب» هي مجموعات لغوية مكونة من ثلاث كلمات لكل مجموعة، بمفردات تشابهت في أحرفها واختلفت في حركاتها وتشكيلها فتغيرت معانيها، وسميت بمثلثات قطرب تيمنا باسم واضعها أبو علي محمد بن المستنير الملقب بـ «قطرب».
ألّف «قطرب» كتابا احتوى اثنتين وثلاثين مجموعة مثلّثة بدأ بها بمجموعة: الغَمْرُ، الغِمْرُ، الغُمْرُ، وانتهى بمجموعة: الصَّلُّ، الصِّلُّ، الصُّلُّ، مستشهدا بمفردات من القرآن والحديث والأشعار، فقلده في ذلك غيره كالبطليوسي، والخطيب، والبلنسي، ولكنهم تفوقوا عليه بمجموعات أكثر عددا وتنوعا، وكل كتبها بطريقته الخاصة، كترتيبها تصاعديا بدءا من الحركات الأخف كالفتحة، وانتهاء بأثقلها وهي الضمة. مثلثات قطرب المشوقة كثيرة، وهذه أمثلة لبعضها، ومنها لفظ «الغمر»:
إِن دُمُوعِي غَمرُ وَلَيْس عِندي غِمرُ
فَقُلْتُ يَا ذَا الْغُمرُ أَقصرْ عَنِ التَّعَتُّبِ
بِالْفَتْحِ مَاءٌ كَثُرا وَالْكَسْرِ حِقْدٌ سَتَرا
وَالضَّمِ شَخْصٌ مَا دَرَى شَيئاً وَلمْ يجُرّبِ
والمثلث: الغَمْرُ والغِمْرُ والغُمْرُ، فأمّا الغَمْرُ فمعناها: الماء الكثير، وأمّا الغِمْرُ فمعناها: الحقد في الصدر التي استشهد فيها بالحديث الشريف: «لا تجوز شهادة ذي الغِمْر على أخيه»، وأمّا الغُمْر: فهو الرجل الذي لم يجرّب الأمور، الضعيف في حالاته.
ولفظ «أمة»:
فَأَمَّ قَلْبِي أَمَّة عِنْدَ زَوَالِ الإِمَّة
فَاسْتَمِعُوا يَا أُمَّة بِرَبِّكُمْ مَا حَلَّ بِي
بِالْفَتْحِ شَجُّ الرَّاسِ وَالْكَسْرِ ضِدُّ الْبَاسِ
وَالضَّمِّ جَمْعُ النَّاسِ مِنْ عَجَمٍ أَوْ عَرَبِ
ولفظ «جد»:
عَالٍ رَفِيعُ الْجَدِّ أَفْعَالُهُ بِالْجِدِّ
أَلْفَيْتُهُ بِالْجُدِّ الْمُعْطَلِ الْمُخَرَّبِ
بِفَتْحِهَا أَبُو الأَبِ وَالْكَسْرِ ضِدُّ اللَّعِبِ
وَالضَّمِّ بَعْضُ الْقُلُبِ كَانَ لِبَعْضِ الْعَرَبِ
وأخيراً لفظ «الصل»:
لاَ تَرْكَنَنْ لِلصَّلِّ وَلاَ تَثِقْ بِالصِّلِّ
وَاحْذَرْ طَعَامَ الصُّلِّ وَانْهَضْ نُهُوضَ الْمُحْتَبِي
صَوْتُ الْحَدِيدِ صَرْصَرَا وَحَيَّةٌ إِنْ كُسِرَا
وَالْمَاءُ إِنْ تَغَيَّرَا بِضَمِّهَا لَمْ يُشْرَبِ
والمثلث: الصَّلُّ، الصِّلُّ، الصُّلُ، فالصَلّ هنا تعني صوت المعدن، والصِلّ هنا تعني: الحية الخبيثة، والصُلّ هنا تعني الطعام السيئ، والله أعلم.
ملحوظة: منقول من التراث بتصرف.