الكويت تعيش يومها فقط... وصياحها عند انحسار إيرادات النفط

• الصياح لم ينتج عن قلق إيجابي بل للسماح بالسحب من احتياطي الأجيال أو الاقتراض

نشر في 21-05-2023
آخر تحديث 20-05-2023 | 19:48
إيرادات النفط
إيرادات النفط

ذكر تقرير الشال الاقتصادي أنه حتى هذه اللحظة، تعيش الكويت يومها فقط، إن انحسرت إيرادات النفط، يبدأ صياح إدارتها العامة حول جفاف السيولة لديها، واحتمال توقفها عن سداد الرواتب والأجور، وليته صياح ناتج عن قلق إيجابي، إنما للسماح لها بالسحب من احتياطي الأجيال القادمة أو الاقتراض من السوق العالمي للاستمرار في نهجها الذي يؤدي إلى توريط لا فكاك منه للبلد.

وخلال نحو 22 عاماً مضت، ارتفعت النفقات العامة بشدة مع أي ارتفاع لأسعار النفط، وخصص ذلك الارتفاع لزيادة الإنفاق الجاري حتى قاربت نسبته 90% من إجمالي النفقات العامة، التي أصبحت فاقدة للمرونة حتى أنها ترتفع في معظم الفترات التي تنخفض بها إيرادات النفط.

وخلال حقبة 2000 – مارس 2023 زادت النفقات العامة بنحو 8 أضعاف، وبلغ وسيط النفقات العامة 564 نقطة، بينما بلغ وسيط سعر خام برنت لنفس الحقبة 228 نقطة، أي أن هامشا كبيرا يفصل بين الوسيطين لصالح تفوق ارتفاع النفقات العامة، وبلغ متوسط سعر برميل مزيج برنت لنحو 22 سنة عند 64.7 دولارا، بينما سعر التعادل بالموازنة في ارتفاع متصل عن هذا المستوى. خلال تلك الحقبة، ارتفعت أسعار النفط أربع مرات، الأولى ما بين عام 2003 وعام 2008، أي حتى ما قبل أزمة العالم المالية.

والثانية بعد تجاوز تلك الأزمة وانفلات سياسات العالم النقدية والمالية، والثالثة لعامي 2017 و2018 بعد هبوطهما الحاد منذ خريف عام 2014، والارتفاع الأخير بعد جائحة كورونا، والأهم، بعد تأثير الحرب الروسية الأوكرانية.

التسامح في منح الإدارة قنوات للحصول على سيولة أكثر مشاركة في مسار منهجي لتقويض سلامة البلد واستقراره

وهبطت تلك الأسعار بعد كل صعود، وآخرها هبوطها الحالي الذي لم يدعمه خفض إنتاج النفط من قبل أوبك+ مرتين في نحو 6 أشهر، والمهم ملاحظته، هو ارتفاع النفقات العامة مع كل ارتفاع لأسعار النفط، وبنسب تفوق الارتفاع في إيراداته، ثم العجز عن خفضها مع انخفاض إيرادات النفط التي تمول 90% من تلك النفقات كما ذكرنا.

القلق الحقيقي ناتج عن المسار التاريخي لنهج الإدارة العامة ما يجعل قضية التسامح مع منحها قنوات للحصول على مزيد من السيولة، سواء تقنين ولوجها سوق الاقتراض من السوق العالمي، أو السحب من احتياطي الأجيال القادمة ليلحق بمصير الاحتياطي العام، هو مشاركة في مسار منهجي لتقويض سلامة واستقرار البلد.

ذلك الخطر سوف يتحقق عندما تطالب الجهات الأجنبية المقرضة برصيد وفوائد قروضها التي أصبحت بندا متضخما من بنود النفقات العامة، ومع تآكل رصيد الصندوق السيادي، سوف تطالب برهن ما تبقى من أصوله لضمان تلك المستحقات.

والتحوط من مسار هذا السيناريو بالقسوة على الإدارة العامة لتغيير نهجها ما دام في الوقت متسع، أجدى وأقل كلفة بكثير من التسامح مع استمرارها في نهجها التاريخي البائس.

back to top