انتخابات بلا عنوان أو برامج انتخابية حقيقية، ربما ذلك المشهد السائد على الساحة الديموقراطية والانتخابية في الكويت منذ الإعلان عن حل مجلس أمة 2020 وصولا الى تسجيل المرشحين خلال الفترة الماضية حتى يومنا هذا، فأغلب الحملات الانتخابية خاوية على عروشها، سواء من المرشحين الذين لم يأتوا بجديد يقولونه على المنابر أو الناخبين الذين افتقدوا روح الشهية للانتخابات بفضل تكرار حلها وإبطالها من جانب ومس مصداقية النواب والمرشحين في الجانب الآخر.
في 17 أبريل الماضي، أعلن نائب الأمير ولي العهد سمو الشيخ مشعل الأحمد حل مجلس أمة 2020، والجميع توقع بعد هذا الإعلان، الذي حمل في طياته ترحيبا واسعا، أن تكون هناك حملات إعلامية كبيرة وبرامج انتخابية هادفة وشعارات رنانة، كالتي صاحبت انتخابات 2022، لكن حتى الآن لم يظهر على أرض الواقع الانتخابي شيء من هذا القبيل.
في أول مايو الجاري صدر مرسوم حل مجلس الأمة حلا دستوريا، وربطت أسباب الحل بالأوضاع الاقتصادية والإقليمية الدولية وانتصارا للإرادة الشعبية، لتنطلق بعدها عملية تسجيل مرشحي انتخابات مجلس أمة 2023 لمدة 10 أيام، ويترشح من ترشح من النواب ورؤساء مجالس أمة سابقين وآخرين لتبدأ تصريحات المرشحين من المركز الإعلامي لإدارة شؤون الانتخابات.
وكانت التصريحات رنانة ومؤشرا بأن تكون الحملات الانتخابية خلال فترة الانتخابات، التي تمتد حتى 6 يونيو المقبل، موعد الاقتراح، ذات إثارة كبيرة وبرامج هادفة وحلول لقضايا ومشاكل أزلية كالصحة والتعليم والإسكان والاقتصاد والمالية العامة للدولة والتوظيف والبطالة وغيرها من القضايا الأخرى التي تستوجب أن تكون حاضرة في كل ملفات المرشحين، لكن هذا لم يتم، فالحملات الانتخابية لا تزال تلتزم الهدوء التام، سواء من المرشحين أو المرشحات، فلا برامج انتخابية حقيقية قدمت على المنابر، ولا حلولا لقضايا، بل إن الندوات تكاد تكون معدومة حتى الساعة، والمقار قلّت، وحضرت المقار الافتراضية والإلكترونية، واعتمد المرشحون إما على التعامل بردات الفعل السياسية من خلال حساباتهم في وسائل التواصل أو الاتجاه إلى الالتقاء بالناخبين من خلال زياراتهم اليومية حتى منتصف الليل للدواوين، أو استقبالهم للناخبين في دواوينهم، حتى أن الناخبين يتساءلون ماذا قدم إلينا المرشحون خلال هذه الانتخابات كي نصوت لهم؟ الإجابة: لا شيء.
اللقاءات مع الناخبين انتقلت من ساحة معركة الانتخابات على أرض الواقع، من خلال المقرات الحقيقية إلى فضاء «تويتر»، حيث بات أغلبية المرشحين يعلنون عن ندواتهم في وسائل التواصل (تويتر أو سناب شات أو فيسبوك أو إنستغرام أو البث المباشر) بدلا من الندوات الفعلية، وكل ظنهم أنها الطريقة الأمثل لاستشعار الناخبين في وجودهم بالساحة، فضلا عن الاتجاه إلى مناقشة الناخبين حول قضايا مختلفة، سواء من خلال ساحات تويتر أو كلوب هاوس، وأيضا لم يفهم الناخبون ماهية البرنامج الانتخابي للمرشح الذي يعتمد على التودد اليهم كسبا لثقتهم وتكرار ما يعتبرونه إنجازات في مجالس سابقة لهم دون جديد.
ما يستدعي الاهتمام أن عدد المرشحين الذي وصل إلى 249 مرشحا ومرشحة، والذي يسير إلى تناقص خاصة بعد فحص طلبات الترشح من الناحية القانونية، يعتبر رقما قليلا جدا مقارنة بالانتخابات السابقة، حيث بلغ في «أمة 2022» 376 مرشحا، بينما وصل في عام 2020 إلى 395، و447 في 2016، لذلك ربما تعكس قلة إقبال المرشحين على المشاركة في هذه الانتخابات البرامج الانتخابية التي لم تأت بجديد يذكر ولا قديم يستحق الإعادة.
لم يتبقّ سوى أسبوعين على يوم الانتخاب، في 6 يونيو المقبل، ولا تزال برامج المرشحين متوقفة على المنابر حتى إشعار آخر، رغم أن هناك قضايا حساسة كبيرة تتعلق بجوانب دستورية وقانونية وإبطال مجالس وميزانيات وقضايا إصلاحية أخرى كبيرة حتى الآن لن تستنهض همم المرشحين.
وكان من المفترض أن تتصدر برامج المرشحين في الانتخابات، التي تعتبر الاكثر دقة وحساسية، قضايا مهمة جدا، لكونها تأتي بعد مجلس مبطل (أمة 2022) ومجلس حل مرتين (2020) وتداعيات سياسية وإقليمية كبيرة، بل إن الأكبر أن مرسوم حل مجلس 2020 يأتي ولأول مرة انتصارا للإرادة الشعبية، وهو أحد الأسباب التي لم تذكر سابقا، وكان لا بدّ من أن يواكب كل ذلك حملة انتخابية واسعة للمرشحين تتناسب وقضايا الدولة وتقديم الحلول الناجعة لكل قضية، من خلال دراسات واقعية تحاكي وضع البلاد وتقديم برنامج موحد لتحقيق الإصلاحات الشاملة والتنمية، لكن كل هذا لم يتحقق، بل الموجود على أرض الواقع مرشح يستنهض ناخبيه بـ «تكفون» و»الخير بقباله»، ومرشحة تغازل ناخبين من خلال برامج التواصل وبطولات تمثيلية لا تبني وطنا.