انتشر عندنا في الكويت مصطلح «مقاول الباطن» الذي توكل إليه مهام تنفيذ المشاريع التي يحصل عليها المقاول الرئيسي بعد نيله عدة مناقصات لمشاريع كبرى يصعب إنجازها في الفترة الزمنية المحددة، فيلجأ إلى مقاول الباطن لتنفيذ المشروع بتكلفة ومواصفات أقل من المطلوب مع إمكانية عدم الالتزام بالشروط الأصلية في العقد المبرم مباشرة مع مؤسسات الدولة.
فالتعاقد المباشر بين طرفين يعد ترجمة صحيحة للعقد الذي التقت فيه إرادتان حرّتان على أمر واضح ومشروط من دون التلاعب بإرادة أحد طرفي التعاقد من خلال إدخال شريك خفي أو ما يسمى «مقاول الباطن»، والذي يعد إخلالاً صريحاً بقواعد التعاقد المباشر الحر، وبداية النهاية للمشروع المراد تنفيذه بسبب غياب المسؤولية والرقابة على جودة العمل والتنفيذ من قبل مقاولي الباطن الذين تتم إدارتهم بالكامل من قبل المقاول الرئيسي!
فهناك مشاريع لم تنفذ حسب المواصفات المطلوبة والجودة المنشودة، وقد تسبب معظمها في خسائر مالية نتيجة انهيارات في الأبنية، وتشققات في الطرق والشوارع، وتطاير الحصيات والصخور، وتركت من دون تصليح أو حتى محاسبة المتسبب الرئيسي!
وعلى غرار «مقاول الباطن» هناك مصطلح يشابهه في الفكرة والتنفيذ، وهو«مرشح الباطن» الذي يترشح لمجلس الأمة نيابة عن «المقاول الرئيسي» أو «قطب رئيسي» ويأتمر بأوامره ويسترشد بآرائه ويتمتع بعطاءاته دون أدنى مسؤولية تجاه ناخبيه، غير مكترث بالدستور وقوانين الدولة التي أقسم على صونها وحمايتها والتي هي بمنزلة العقد الأسمى الذي يحدد شكل الدولة، وحكومتها، ونظام حكمها، وطبيعة السلطات، واختصاصاتها، والعلاقات فيما بينَها، وحقوق المواطنين.
فمرشحو الباطن الانتهازيون هم أشبه بمقاولي الباطن الذين يأتمرون بتعليمات المقاول الرئيسي، ويخوضون معارك نيابية بالوكالة عن أقطابهم، ويستنزفون موارد الشعب من دون الالتفات لهموم الوطن والمواطن.
فعلى الناخب أن يبتعد عن مرشح الباطن المختلق للأزمات، المفتعل للمناوشات، المؤتمر بأجندات موكله المتنفذ، وأن يبحث عن مرشح رئيسي قيادي مخلص لوطنه، حر الإرادة، صاحب رؤية ومبادرة تنموية شاملة، ويفكر خارج الصندوق، ولديه دراية بقضايا البلد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويعمل على حلها بطرق مبتكرة بعيداً عن التصادم والتخاصم.