استضافت الجامعة الأميركية في الكويت، وقسم الموسيقى والمسرح لديها، عرضاً مسرحياً بعنوان «في عرض البحر»، وتحكي المسرحية قصة عبثية عن 3 أشخاص نجوا من تحطم سفينة، يتضورون جوعاً على طوق النجاة لمكافحة جوعهم، يتوجب عليهم تحديد من منهم سيصبح وجبة للاثنين الآخرين إلى أن قرروا إجراء انتخابات لاختيار من يأكلون! كيف سيتمكنون من القيام بذلك؟ ما الصراع الذي سيحدث بينهم؟ تقدّم المسرحية معالجة تشاؤمية لإشكاليات الإنسانية والحضارة الحديثة، وهي سمة من سمات مسرح العبث، ويتم الكشف عن هذا الجانب بالمسرحية في المواقف السريالية والسخرية، ويقدم المؤلف 3 شخصيات «عائمة» تتساءل عن معنى الوجود وتحاول السيطرة على مصيرها.
قراءة واقعية
المسرحية هي للكاتب البولندي سلافومير مروجيك (1930 – 2013)، الذي يعتبر أحد الكتاب الأوروبيين الساخرين الرواد في النصف الثاني من القرن العشرين، ويستخدم المؤلف في كتاباته الفكاهة والغروتيسك من خلال إضافة عناصر غير متجانسة، بهدف تجنّب أي تفسير أو قراءة واقعية لمسرحياته، ما يسمح له بمقاربة جميع المواضيع، وانتقاد كل الأنظمة السياسية السائدة في عهده، وهو بالتالي يتجنب أي خطاب تعليمي أو وعظي، مانحاً بذلك جمهوره وقرّاءه حرية التفسير، واضعا إياهم في حالة من الشك غير المريح، ولاعباً على التناقضات وخلق الضحك كما القلق.
أداء مميز
وهذه المسرحية مبادرة من إنتاج وتمثيل باسكال حرفوش شديد، ونخبة من الممثلين الكويتيين والمقيمين في الكويت، وقد قدّمت باللغة الإنكليزية برعاية سفارة الجمهوريّة البولندية في الكويت.
بدورها، أعربت المنتجة والممثلة باسكال عن سرورها بنجاح هذه المسرحية واستحسان الحضور العارم لها وللأداء المميّز للممثلين.
المؤثرات الصوتية
أما مخرجة العمل مي توما خلف فتحدثت عن الرؤية الإخراجية للعمل التي تعتمد على نسج علاقة جدلية بين صراع الشخصيات وموقعها على الخشبة وفي وسط الفراغ في عرض البحر، موضحة أن المسرحية «عبثية»، حيث تمّ تجريدها من جميع العناصر الواقعية، مع جعل اللامنطق هو الذي يحكم، ووضع عناصر «غير منطقية» مثل وجود بعض الكراسي الكبيرة التي ساهمت في عزل المسرحيّة عن العالم الواقعي.
وقد ارتبطت السينوغرافيا بالمؤثرات الصوتية لخلق العالم العائم الذي تعيش فيه الشخصيات منعزلة، وتأتي الخشبة المحاطة بالظلام لتزيد من عزلتها. وبدأت المسرحيّة بمثلث قوي بين الشخصيات، ما لبث أن اهتزّ وتلاشى فاضحا سيطرة القوي والتابع له على الضعيف.
وذكرت مي أن «الكوميديا السوداء» واللامنطق يكمنان في المسرحية من خلال المواقف التي قامت بفرض نفسها بطريقة عبثية، أما في حديثها عن مسرح العبث فقالت مي «في نهاية الحرب العالمية الثانية المدمرة، شهد المسرح ظهور تيارات جديدة، كالمسرح العبثي، والسياسي الملتزم، تيارات تعكس الحالة الإنسانية، و«عدم جدوى» الحرب، و«عدم جدوى» العالم. ويدخل المسرح العبثي بقطيعة مع أعراف التقاليد المسرحية والهياكل المنطقية رافضا مذهبي الواقعية والطبيعية»، وهذه المسرحية العبثية تعكس رؤيا عدم «الجدوى».
مفهوم العدالة
وقالت الممثلة باسكال حرفوش، التي قدّمت شخصيّة الضعيف في المسرحيّة، إنها تمثل الضحية التي تقبل مجبرة كما بإرادتها بمصيرها، شخصية تبرز اهتزاز مفهوم العدالة، لافتة إلى أن التدريب على العمل كان بشكل يومي مدة خمسة أسابيع.
أما الممثلة يوديت ديردا فقد جسدت شخصية التابع، وهي شخصية انتهازية سهلة الانقياد، بينما وصف حسن حاجيّة الذي يقدّم شخصيّة القوي، شخصيته بـ «النصاب والمتلاعب»، لافتا إلى أن شخصيته نموذج لأخرى موجودة في كل مكان وزمان، تخدع الناس بلا ورع ولا سبب.
بدوره، قال عبدالوهاب القاروني، الذي أدى دوري ساعي البريد، وكبير الخدم، إنه استمتع في العمل بهذه المسرحية.
فريق العمل
«الجريدة» بعد العرض التقت فريق العمل الذي تكوّن من باسكال حرفوش شديد – ممثلة ومنتجة، وهي مدرسة محترفة للفنون المسرحية وكتابة السيناريو مع خبرة في مجال التعليم العالي، متخرجة من جامعة مونريال، وحسن حاجيه – ممثل، وهو خريج الجامعة الأميركية بالكويت، حيث درس الأدب الإنكليزي، ولديه خبرات عديدة في الإنتاج والتمثيل المسرحي، ويوديت ديردا – ممثلة: لديها خبرة في التمثيل والعمل في الإنتاج المسرحي، وهي مدرسة لغة انكليزية، وعبدالوهاب القاروني – ممثل: خريج الجامعة الأميركية بالكويت حيث درس الأدب الإنكليزي، ومي توما خلف – مخرجة: ممثلة ومخرجة ومدرسة مسرح لديها خبرة طويلة في الإنتاج التلفزيوني والكتابة المسرحية، حائزة على ماجستير في الفنون المسرحية.