«حزب الله» يطوي «الحقبة السورية» باستعراض عتاده الثقيل قبالة إسرائيل
• تظاهرتان متضادتان في صيدا مع ملابس البحر وضدها
اتجهت أنظار اللبنانيين أمس جنوباً، وتوزعت بين مشهدين، الأول مناورة «حزب الله» بأسلحته الثقيلة على الحدود قبالة إسرائيل، والآخر الاشتباك الاجتماعي والثقافي الذي شهدته عاصمة الجنوب صيدا، بعد أن تفاعلت حادثة الاعتداء على فتاتين لارتدائهما ملابس البحر على شاطئ عام.
واستفزت صور راجمات صواريخ «حزب الله» الكثير من اللبنانيين الذين يعتبرون أنهم غير معنيين بمشروع الحزب، ويرون أنه من الصعوبة الكبرى الوصول إلى قواسم مشتركة معه حول بناء الدولة، إلا أن مشاهد التظاهرتين المضادتين التي شهدتهما صيدا مع الحرية وضدها في ارتداء ملابس البحر، قد تكون أخطر وأعمق من الصراعات السياسية، إذ من شأنها أن تكرّس شرخاً اجتماعياً وثقافياً يمكن أن يتسع على إيقاع شعارات التقسيم والانفصال.
ولم تكن دعوة «حزب الله» لوسائل الإعلام المحلية والأجنبية لتغطية مناورته العسكرية التي أقامها في منطقة عرمتى الجنوبية أمراً تفصيلياً أو بسيطاً، فهناك إشارات ورسائل كثيرة أراد الحزب إيصالها للداخل والخارج.
فاستعراض القوة هذا يأتي غداة انتهاء فعاليات القمة العربية في جدّة، في ظل التقارب بين السعودية من جهة وإيران وسورية من جهة أخرى، وبعد أيام على معارك وقعت بين الإسرائيليين وحركة الجهاد الإسلامي في غزة.
وأراد الحزب من خلال المناورة، تأكيد تمسكه بسلاحه وقوته العسكرية، والقول إن هذا السلاح غير مشمول بالاتفاقات التي شهدتها المنطقة، وكان لافتاً استعراض آليات عسكرية وراجمات للصواريخ، في مشهد بدا وكأن الحزب يتقصد الإعلان أن لديه عتاداً يرقى إلى تصنيفات الجيوش النظامية، وهو ما يتناقض مع ما كان يقدّمه عن نفسه بأنه مقاومة لا تتوافر فيها مقومات الجيش النظامي، وهذا ما يمنحه نقاط قوة أكبر.
وهنا قد تكون رسالة الحزب موجهة إلى الداخل لإظهار تفوقه وتكريس مبدأ الغلبة والاستقواء على الآخرين، لا سيما أن المناورات جرت خارج نطاق عمل القرار الدولي 1701 أي خارج منطقة جنوب الليطاني.
جانب من الرسائل التي يمكن التقاطها أيضاً، هي أن الحزب يريد الإيحاء بأنه طوى «الحقبة السورية» بسحب قواته الكبيرة وآلياته الثقيلة من سورية، وهذا ربما يكون أحد نتائج الاتفاق السعودي- الإيراني، والتقارب السعودي- السوري. كذلك تتلاءم هذه المناورة مع الاستراتيجية الإيرانية الجديدة التي تقوم على التركيز على الجبهة مع إسرائيل، وتحويل الموارد الإيرانية التي كانت تُستغَل سابقاً في دول مثل سورية وغيرها باتجاه تل أبيب.
وفي كلمة خلال المناورة، هدد رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» هاشم صفي الدين، إسرائيل «بإمطارها بالصواريخ الدقيقة»، مضيفاً أنَّ «الأجواء الإيجابية في المنطقة فرصة ثمينة لا يجوز تضييعها، وليس هناك أفضل من أن يكون العدو الواحد لجميع العرب هو الكيان الصهيوني».
وتأتي المناورة، التي حاكت تسلل مقاتلي الحزب إلى مستوطنات إسرائيلية للسيطرة عليها، كمحاولة للتعويض ما بعد معركة غزة الأخيرة، التي كان «حزب الله» فيها منكفئاً، وهو أراد التأكيد أنه لا يزال موجوداً في معياره العسكري وجاهز لأي حرب أو معركة قد يخوضها، خصوصاً أنه سابقاً كان قد طرح مبدأ وحدة الساحات.