تأبين عبدالكريم عبدالقادر في ختام موسم «الملتقى الثقافي»
الرفاعي: الراحل من أهم الشخصيات الغنائية التي مرت بتاريخ الكويت الحديث
في ختام موسمه الحادي عشر، أقام الملتقى الثقافي أمسية خاصة لتأبين الراحل الفنان عبدالكريم عبدالقادر، بمشاركة الملحن أنور عبدالله، والشاعر الغنائي خالد البذال، والفنان القدير جاسم النبهان، والشاعر أحمد الشرقاوي، والوكيل المساعد لشؤون الإذاعة بالتكليف د. يوسف السريع، والباحث الموسيقي فيصل خاجة، والفنانة الأردنية مكادي نحاس، وجمع من الأدباء والمثقفين.
في البداية، رحب مؤسس ومدير الملتقى الثقافي الأديب طالب الرفاعي بالحضور، وقال: «كنا نتمنى أن يكون الفقيد عبدالكريم عبدالقادر معنا، وأذكر في شهر سبتمبر من العام الماضي جرى اتصال بيني وبينه لإقناعه ليكون الشخصية المكرمة في الملتقى، ولكنه اعتذر لظروفه الصحية».
وأشار الرفاعي إلى أن الراحل بين له أنه يقف ضعيفاً جداً أمام التكريم، متابعاً: «الليلة نؤبن إحدى أهم الشخصيات الغنائية التي مرت بتاريخ الكويت الحديث».
زمن نور
من جانبه، قال الفنان القدير جاسم النبهان، إن مواقف شخصية كثيرة جمعته مع الراحل، فقد عرفه منذ بداية الستينيات، وقبل أن يكون مطربا، واللقاء الأخير الذي جمعه معه كان في مكتب الشاعر خالد البذال.
وبين النبهان أن الراحل كان هادئاً، دمث الخلق، وينطوي على شخصية خجولة، لكنه في الغناء كان جريئاً، مضيفاً: «الزمن الذي ظهر فيه عبدالكريم عبدالقادر كان زمن نور، كان الكل يحاول أن يعطي في مجاله، ففترة الستينيات والسبعينيات، كانت من أرقى الفترات».
بدوره، ذكر الشاعر الغنائي خالد البذال، الذي صادق الفنان المرحوم سنوات طويلة قاربت على ربع قرن، أن علاقة أخوية خاصة ربطته بالفنان، موضحاً أن الراحل كان إنساناً حنوناً وطيباً، ويتصف بأخلاق راقية، وطريقة حديثه اليومي مع أولاده في الهاتف كانت لافتة بتحببه وحنانه معهم.
جاسم النبهان: فترة الستينيات والسبعينيات من أرقى الفترات وكانت «زمن نور»
وأشار البذال إلى أن الراحل كان يراجع كلمات أي أغنية ويتدخل ويعاود صياغتها بحضور الشاعر الغنائي والملحن، وأنه عاصر 6 أجيال خلال الستين عاماً الأخيرة، وكل هذه الأجيال تحمل ذكرى طيبة له.
وأكد الشاعر أحمد الشرقاوي أن الغوص في محيط أو مملكة «بوخالد» يعني له الكثير، مستذكراً أحد المواقف في عام 1986، عندما كتب كلمات أغنية «لايق عليك لايق»، ولحنها راشد الخضر، ثم عرضها على عبدالكريم، وعبدالله الرويشد، ونبيل شعيل، ووافق الثلاثة على غنائها دون أن يعرف كل منهم رغبة الآخر في غنائها، الأمر الذي وضع الخضر في ورطة، ولكن الراحل عبدالكريم أنقذ الموقف عندما هاتف الشرقاوي قائلاً: «لا أود أن أدخل في صراع وأزاحم أولادي عبدالله ونبيل»، وشدد الشرقاوي على أن الراحل تعجز الكلمات عن وصفه.
من ناحيته، قال الملحن أنور عبدالله: «أشكر الأديب طالب الرفاعي على هذه البادرة، وهذا إن دل فإنما يدل على أصالة الرفاعي والملتقى الثقافي ووفائه للفنان عبدالكريم عبدالقادر، رحمه الله، بوخالد حبيب الناس كلها، وأقل شيء نقدمه في هذا التأبين هو التكلم عن الراحل الذي عاش بهدوء ومات بهدوء، فكانت حياته بسيطة وهو بسيط، وكان لا يحب الأضواء والشهرة».
وأضاف عبدالله، الذي جمعه مع الفنان عبدالكريم عبدالقادر أكثر من 45 لحناً، أنه قبل كل شيء يود تصحيح العمر الحقيقي لعبدالكريم فهو من مواليد عام 1945، وليس كما تداولته وسائل الإعلام 1941، مبينا أن الراحل بدأ بأغنية دينية من ألحان الموسيقار يوسف المهنا، ثم بدأ مع عبدالرحمن البعيجان، وقاما بتسجيل أغنية «تكون ظالم» في القاهرة، كلمات محمد محروس، التي لحنها عبدالرحمن البعيجان وقام بتسجيلها من حسابه الخاص بمبلغ 75 ديناراً.
وأشار إلى أن الأغنية كانت بداية النجاح، وبعد ذلك تعاون مع الملحن أحمد باقر في أغنية شعبية «سرى الليل يا قمرنا»، ثم عاد مع البعيجان وقدما مجموعة كبيرة من الألحان، مضيفاً أن عدد الألحان التي لحنها له البعجيان حوالي عشرين لحنا، منها «ما نسيناه» وغيرها.
فيصل خاجة: رسخ نظرة الاحترام للفن عبر رصانة أعماله وأخلاقه الرفيعة
وأضاف عبدالله أن «بوخالد» تعاون مع الكثير من الملحنين، مثل سعود الراشد، ومصطفى العوضي، وغنام الديكان، وخالد الزايد، وتعاون بكثافة مع البعيجان، ومن ثم مع د. عبد الرب إدريس في الأغاني «عاشق وظل صبري يطول»، «غريب»، «اعترف لك»، موضحا أنه قدم مع د. إدريس مجموعة من الأغاني يصل عددها إلى 42 لحناً.
وبين أن الشاعر عبداللطيف البناي عرف راشد الخضر على «بوخالد»، وعملوا في أول لحن «حبيبي يزعل»، ومن ثم «للصبر آخر»، و«جاوبني في الحال»، متابعاً: «بوخالد كان ينتقل بين الملحنين، ينتقي أي ملحن جديد يسمع منه، فقدم مع راشد الخضر كذلك عشرين لحناً».
وأفاد بأنه لحن أغنية «محال» للشاعر البناي ونجحت، وبعدها كتب البناي «الصوت الجريح»، «آخر كلام»، «يا ذا المسافر حبيبي»، ونجحوا معا واستمرت العلاقة والمحبة والعمل، لافتاً إلى أنه لحن لـ «بوخالد» 45 لحناً عاطفياً، غير الأغاني الاجتماعية، والرياضية، ومجموعة كبيرة من الأغاني.
800 أغنية
ووصف الوكيل المساعد لقطاع التلفزيون بالتكليف د. يوسف السريع الراحل بأنه رمز من رموز الأغنية الكويتية ومرجع لكثير من ألوان الغناء العربي، مضيفا أن أرشيف الراحل يضم ما يقارب 800 أغنية، منها العاطفي، والوطني، والرياضي.
وقال نجم الغريب إنه يعرف «بوخالد» منذ عام 1988، وكان يستمع إلى أغانيه منذ أن كان عمره 6 سنوات، وكان الراحل يعتبره أحد أبنائه، مضيفاً أنه ألف كتابين عنه، يتضمنان مسيرته، وصوراً نادرة، حيث اعترض الفنان الراحل في بداية الكتاب الأول، لكنه وضعه أمام الأمر الواقع عندما جمعت المادة وصارت جاهزة للإصدار.
نموذج للفنانين
بدوره، قال فيصل خاجة إنه سيتناول الموضوع من زاوية مختلفة، فالجوانب الإنسانية مهمة جداً، لكن ماذا قدم عبدالكريم للفن، وماذا قدم للفنانين؟ هذا شيء مهم، فمع مرور الوقت سيكون أثر بوخالد أكثر نضوجاً وسيتفرع إلى أماكن مختلفة.
وأضاف خاجة: «من ناحية ماذا قدم للفنانين فقد قدم شيئاً في غاية الأهمية، فالموسيقى والغناء مرت بتقلبات سواء داخل الكويت أو خارجها، وعانت من نظرة المجتمع، أما بوخالد فقد كان أحد الأشخاص الذين رسخوا نظرة الاحترام للفن عبر رصانة أعماله وأخلاقه الرفيعة، حيث أصبح بمنزلة قدوة ونموذج للفنانين وخصوصاً الجدد».
واستطرد: «قدم بوخالد الكثير والجديد للفن الكويتي، حتى أن الفن الكويتي أثر على الفن الخليجي، فالأغنية الكويتية قبل بوخالد كانت شيئاً وبعده أصبحت شيئاً ثانياً». وقالت المطربة الأردنية مكادي نحاس، إنهم في الأردن يحبون «الصوت الجريح»، ويعتبرونه أحد رموز الأغنية العربية.
ضرورة تكريمه بما يستحق
وأشارت الكاتبة إقبال أحمد بحرقة إلى ضرورة تكريم الفنان الراحل على المستوى الإعلامي والفني بالمستوى الذي يستحقه ويليق به، مؤكدة أنه بعد وفاة بوخالد، القامة الفنية الشامخة، فمن المناسب جدا الإعلان عن أمسية تسمى بـ«ليلة عبدالكريم عبدالقادر».
وأضافت الإعلامية أمل عبدالله أنها تعرف بوخالد منذ منتصف القرن الماضي، وتربطهما صلة الجيرة، أما الكاتب علاء الجابر فذكر أن الراحل شارك في مسرح الطفل عبر مسرحية «رحلة الأرنب»، وهي من تأليف الجابر نفسه.
وعلى هامش الأمسية قام الفنان إبراهيم العطية بالمشاركة بثلاث لوحات بورتريه للمرحوم، كانت حاضرة في أنحاء صالة الملتقى، لافتاً إلى أن واحدة منها رسمت خصوصاً بمناسبة التأبين، تقديراً للفنان الراحل عبدالكريم وعطائه الكبير في الفن، «وكان علينا أن نستذكره بشيء بسيط من ناحية تشكيلية».