خليفة شمخاني... رجل الظل الذي أخرجه خامنئي إلى العلن
• سلطان عُمان يزور طهران بعد القاهرة
للمرة الثانية بعد اغتيال قائد «فيلق القدس» اللواء قاسم سليماني، اضطر المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي أن يُخرج الى العلن أحد رجال الظل الذين يعملون معه، وهو اللواء علي أكبر احمديان، الذي تولى منصب الأمين العام للمجلس الاعلى للأمن القومي خلفاً لعلي شمخاني.
وكان خامنئي قد لجأ الى الاسلوب نفسه عندما عيّن اللواء اسماعيل قآني قائداً لـ «فيلق القدس»، بعد أن كان رجل الظل الذي يقوم بالتخطيط، في حين قاسم سليماني هو الرجل التنفيذي الذي يعرفه الجميع.
ومعروف أن خامنئي قام بتحويل بيت المرشد أو مكتب المرشد، من مؤسسة صغيرة يعمل فيها أشخاص لا يزيد عددهم على عدد أصابع اليد خلال فترة حكم مؤسس الجمهورية الإسلامية روح الله الخميني، الى مؤسسة ضخمة يزيد عدد الذين يعملون فيها عن خمسة آلاف موظف ثابت وعشرات الآلاف الذين يعملون لمصلتحها بشكل غير مباشر.
واعتاد خامنئي تشكيل لجان متنوعة لإدارة شؤونه، وهو يقوم باتخاذ قراراته التي تتراوح من الأمور السياسية الى الشؤون الدينية والحياتية وصولا الى الاقتصاد، وفقاً لاستشارة هذه اللجان، ويضم مكتبه لجاناً متعددة بينها لجنة السياسة الخارجية التي يرأسها كمال خرازي وغيرها.
وقبل نحو ثلاثة عقود، استحدث خامنئي مجموعات تخطيط ودراسات استراتيجية تتولى التخطيط للمستقبل لتوسيع نفوذ وقوة البلاد. وهو يجلس على رأس هرم هذه المجموعات، التي بدورها تتشعب الى مجموعات ومؤسسات لا تعد ولا تحصى.
ولربما واحدة من المجموعات الأكثر نشاطا هي المجموعات التي تعمل في مجال التخطيط العسكري والأمني، نظرا للميزانيات الضخمة التي تحصل عليها. وتعتبر اكبر انجازات هذه المجموعات التخطيط لتصنيع الاسلحة والمعدات العسكرية التي تحتاج إليها ايران في مسعاها لإيجاد توزان عسكري استراتيجي في الإقليم.
ويصر خامنئي أن يبقى جميع الرجال الذين يعملون في مجال التخطيط الاستراتيجي معه في الظل لتجنب احتراقهم في اللعبة السياسية الداخلية، وكذلك خطر تعرضهم للاغتيال أسوة بالعالم محسن فخري.
وفي حين كان يعتبر فخري زادة المخطط الاستراتيجي للبرنامج النووي الايراني، السلمي والعسكري، فإن علي أكبر احمديان يعتبر المخطط الاستراتيجي للبرنامج الامني والعسكري الايراني والمخطط للبرنامج السياسي والاقتصادي للحرس الثوري. ونادراً ما يقبل المرشد أن يقوم شخص واحد بالعمل على مجالين مختلفين، واحمديان يعتبر احد الاستثناءات.
وحسبما أكد مصدر مقرب من أحمديان، فإن الأخير تولى مسؤولية توسيع وتطوير الصناعات الدفاعية من صواريخ وطائرات دون طيار وقوارب مسيّرة عن بعد، وقد أثبتت أسلحته نجاحا في اليمن واوكرانيا واسرائيل. كما كان له الفضل في مشروع نقل التكنولوجيا الى انصار ايران في سورية والعراق ولبنان وفلسطين واليمن. وسافر احمديان عشرات المرات الى العراق وسورية ولبنان لكي يشرف شخصيا على نقل التكنولوجيا الى انصار ايران هناك، كذلك زار روسيا والصين وكوريا الشمالية بصفات رسمية وغير رسمية، والتقى بمسؤولين أمنيين وعسكريين وعلماء واكاديميين روس وصينيين.
وأحد المشاريع الناجحة الاخرى لأحمديان، كانت ايجاد مجموعات تجارية واعلامية تابعة للحرس الثوري في أرجاء العالم لا ترتبط بأي شكل من الاشكال فيه لتتولى مهمة الالتفاف على العقوبات الاميركية، وتصدير النفط الايراني ومشتقاته، واستيراد البضائع ونقل الاموال من والى ايران عبر شبكة ضخمة من المصارف والصيارفة المتعاملين مع «الحرس».
وقال المصدر إن أحمديان استطاع مثلا تأسيس مؤسسات اعلامية ناطقة باللغة الفارسية للتغطية على فشل مؤسسة الاذاعة والتلفزيون الايراني في جذب المشاهد الايراني في ارجاء العالم، واستطاع عبر هذه المؤسسات المالية والاقتصادية والاعلامية اختراق معارضة الخارج واثارة الخلافات بين مكوناتها. وهذا الانجاز الاخير رفع رصيد احمديان عند خامنئي بعد الاحتجاجات الاخيرة.
وذكر المصدر أنه على عكس شمخاني الذي كان يعتمد على علاقاته الشخصية مع عدد من المسؤولين الامنيين والعسكريين حول العالم ارتبط معهم عندما كان وزيرا للدفاع، فإن احمديان الذي عمل في الظل عقودا لديه ارتباطات سرية فقط.
وتوقع أن يقوم احمديان بتحويل ملف العلاقات مع الدول الاخرى بالكامل الى وزارة الخارجية، مرجّحا ان تشهد الساحة حلحة في ملف المفاوضات النووية غير المباشرة مع الولايات المتحدة والتي تتولاها عمان.
الى ذلك، يزور سلطان عمان هيثم بن طارق طهران الاحد المقبل، وذلك بعد زيارة للقاهرة قبل ايام، قال مراقبون انها تركز على تحسين العلاقات بين مصر وايران.