ليس أمام الحكومة إلا هجوم الإصلاح
أياً كانت إفرازات الانتخابات، وأياً كانت سلبية نوايا من يدخل البرلمان من المرشحين لا ينبغي للحكومة أن يرفّ لها جفن، لسبب بسيط أن الحكومة حتى الآن لم تتهم بأي شبهة فساد، ناهيكم عن أنها منخرطة في اجتثاث مسببات الفساد واقتلاع ركائزه من المسؤولين بكل مستوياتهم بلا هوادة.
نعم هناك من سيشغب عليها مجرد شغب وهذا لا يضيرها كإحراجها بطرح مطالب شعبوية كإسقاط القروض في المطلق، ومنعها مما يُتوهَّم بأنه يضر بالمواطن، كل ذلك مواجهته وإبطال مفعوله بسيط عن طريق شن الحكومة هجوم الإصلاح، فخير وسيلة للدفاع الهجوم، والمخلصون في مجلس الأمة سيكونون العون والنصير لها في تشريع كل ما يتطلبه الإصلاح سواء بسن قوانين جديدة أو إجراء أي تعديلات على القوانين الموجودة وعموم القوى الحية من تكتلات سياسية ومنظمات مجتمع مدني وتجمعات كلها ستساعد في تقوية وشد عضد الحكومة، وترفدها بالآراء والمقترحات والمشروعات اللازمة، وعند هذا ستندحر أمواج جهود التعويق والشغب، وكل حملات التشكيك، وتتكسر على هذه الصخرة الصلدة وترتد جهود أعداء الإصلاح الى نحورهم.
ما على الحكومة لخلق قوة الردع وقوة الدفاع والهجوم الإيجابي إلا أن تشرع من الآن في رسم برنامج عملها تحقيقاً للمادة (98) من الدستور بالتشارك المثمر مع القوى الحية في المجتمع من الفعالين والنشطاء، إضافة الى استقدام شركات الخبرة ذات السمعة المعروفة عالميا من أصحاب المشاريع والخطط الناجحة لغرس مشاريعهم وتجاربهم في أرض الواقع بعد رسمها في برنامج العمل بكل دقة في المعايير الكمية والزمنية.
وللتنفيذ السريع وتأكيد المصداقية لدى الشعب الكويتي وإثبات الجدية الراسخة للشركات العالمية ولدى الحكومات التي ستنفذ المشاريع الضخمة كالصين واليابان وتركيا وكوريا لا بد من توفير الأموال، وهذا أمر صعب في ظل الخلل الهيكلي في الموازنة، وفي ظل فلسفة الدولة الريعية، وتغول القطاع العام، بل تورمه الفظيع، وفي ظل بقاء القطاع الخاص على وضعه الطفيلي الذي لا يخلق ولا يوفر الوظائف للعمالة الكويتية، وعدم دفع الضرائب، واستفادته من الدعوم وأملاك الدولة بصورة غير عادلة وغير مجدية.
فلو أعيد تسعير أراضي الدولة سواء الصناعية والحرفية والخدمية لربما يصل إيراد الدولة إلى بضعة مليارات كما ذكر ذلك عضو مجلس الأمة السابق عبدالله المضف، ولو تم إنهاء الدعوم التي بلغت 5.9 مليارات وتوزيع مليار ونصف المليار من هذه الدعوم نقداً لكل مواطن والذي سيمنح كل مواطن 83 ديناراً شهرياً، فإن بقية الدعوم وإيرادات أملاك الدولة توفر النفقات على محطات توليد الكهرباء وتحلية الماء والتي تصل إلى مليارين ونصف، وإذا تم بعد الخصخصة التخلص من نفقات وزارة المواصلات والاتصالات والبريد والموانئ وغيرها مما ذكرناه في مقالات سابقة، فإن الدولة سيتوافر لها فائض تستطيع أن تبني به أعظم المشاريع في غضون السنوات الأربع القادمة، وأن ترفع رفاهية المواطنين إلى الذروة سواء في خدمات التعليم أو الصحة أو السكن، بل حتى الرواتب كما فصلنا القول في مقالاتنا.