نقطة: ومازالت الانتخابات مستمرة
قد يكون أحد أسباب برود الانتخابات الحالية هو ملل الناس واعتيادهم على وضع المنافسات والتحديات المستمرة وبلا طائل ملموس أو حتى أمل كاذب، فنحن في السنوات العشر الأخيرة تقريباً في حملة انتخابية دائمة، سواء من المرشحين ومن ثمّ نواب مجلس الأمة، أو من الشيوخ الكرام، فالأعضاء يسعون للحفاظ على أضوائهم ومقاعدهم لأطول فترة ممكنة قدر المستطاع، والشيوخ في سبيل تنافساتهم العائلية والبحث عن مراكز تؤهلهم للترقي للأعلى، فالوكيل منهم يشتهي أن يصبح وزيراً، والوزير يطمح لأن يكون رئيساً للوزراء، ورئيس الوزراء يتمنى أن.... إلخ... إلخ، وهكذا دواليك ما دام باب الطموح مفتوحاً.
المشكلة تكمن في أن من يكون في حملة انتخابية مستمرة لا يملك الوقت للعمل والإنجاز، أو غالباً هو لا يريد أن يعمل، ما يعنيه فقط هو ارتفاع شعبيته بلا توقّف والبحث عن مدح الآخرين، فالنائب الموقر يبحث عن رضا الشارع، لذا تجده يفتعل الخلافات ويختلق المعارك ويصعّدها ويأمل ألا تنتهي، فالوضع الهادئ واجتماعات اللجان الجدية أكبر من إمكاناته غالباً، كما أن أحداً لا يتابعها أو يهتم لها مثل الشتائم والمعايرات العابرة للقارات.
والشيخ من جهة أخرى يريد رضا العضو وشارعه معه، حتى أصبحت بعض قرارات ووعود الوزراء منهم في الآونة الأخيرة شعبوية دون التفات لمعايير أو ضوابط تُشعر الناس بوجود دولة وقوانين سارية، وكلّه في سبيل تحقيق شعبية ومديح ونقاط تفيده في المنافسات الداخلية ذات النتائج الخارجية، فهو ينافس ابن عمه والناس تدفع الفواتير كالعادة، وفي ظل هذه الدائرة من المشيخة بلا شيوخ التي يمارسها النواب، والشعبوية بلا انتخابات التي يمارسها الشيوخ، فلن يتحقق شيء سوى مرور الوقت، وإن تحقق فسيكون بشكل بطيء جداً، إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً.