وليد جنبلاط يستقيل من السياسة لـ «الإقامة في الماضي»
• نجله تيمور يتسلم زعامة الدروز بمقاربات سياسية واجتماعية مختلفة
بعد إرث جنبلاطي امتد إلى أكثر من 400 سنة، وفي خطوةٍ استثنائية لبنانياً وخصوصاً درزياً أو جنبلاطياً، اختار وليد جنبلاط أن يترجّل سياسياً، إذ درج التقليد الجنبلاطي وفق التجارب التاريخية أنه لا أحد من زعاماتهم يتنحى عن السياسة سلمياً، بل جميعهم يقضون اغتيالاً أو على صهوات جيادهم، كما اختار تسليم كل هذه الأثقال لنجله تيمور.
وامتد الإرث الجنبلاطي على مدى سنوات طويلة من الصراع للحفاظ على الوجود، وعلى قرار المختارة، فأكثر من 45 عاماً قضاها جنبلاط على رأس الحزب التقدمي الاشتراكي وزعيماً للدروز، خاض فيها معارك عسكرية وسياسية كثيرة، وتنقل فيها بين محطات مفصلية منذ قيادته للحركة الوطنية، إلى مواجهة الاجتياح الإسرائيلي، والعلاقة القوية مع سورية، وتوترها لاحقاً وصولاً إلى القطيعة والخصومة وحدّ العداء.
واختار جنبلاط تسليم الراية، في أكثر المحطات المفصلية بتاريخ لبنان، الذي يعيش أزمة سياسية ومالية واقتصادية لا مثيل لها. في حين هو على قناعة بأن الوضع في البلاد يحتاج إلى تغيير حقيقي وجدّي، في الشخصيات السياسية وأداء القيادات والزعامات، وتحت هذا العنوان يلجأ جنبلاط إلى التنحي تاركاً السياسة، مقيماً في الماضي والتاريخ كما يقول، ومسلّما الراية لنجله تيمور الذي «له المستقبل والقرار» كما يؤكد.
وكان هذا أحد تعابيره عن موقفه من الانتخابات الرئاسية، إذ اعتبر أن القرار في يد رئيس اللقاء الديموقراطي تيمور جنبلاط، لأن المستقبل للشباب.
سياسياً، كان جنبلاط قد مهّد الطريق لقراره من خلال وقوفه على الحياد في الانتخابات الرئاسية، مُصرّاً على انتخاب رئيس توافقي، أما في حال المواجهة فهو يفضّل الذهاب إلى الورقة البيضاء، وهذا القرار وضعه بتصرّف نجله الذي يريد اعتماد نهج مغاير في المقاربات السياسية والاجتماعية.
ويعرف جنبلاط حجم التحدّي وحجم ما سيسلّمه لنجله، في المؤتمر الحزبي العام الشهر المقبل، ويعتبر أن الزمن ليس ابن ساعته، بل ابن مسار طويل من التعقيدات التاريخية التي يمثّلها جبل لبنان الجنوبي، أو جبل الدروز، وهناك رغبات لدى قوى كثيرة للسيطرة عليه وتهجير أهله إلى جبل العرب. تلك هي معركته التي استمرّ في خوضها منتظمة داخل معركة أكبر: الحفاظ على العروبة، وعلى الدول والكيانات، ورفض الدخول في نظريات تحالف الأقليات، والذي لو انخرط فيها ولو لم يكن ذا وجهة عروبية، لكان مصير الدروز كمصير الأكراد أو الأيزيديين.