علمت «الجريدة»، من مصدر دبلوماسي غربي كبير، أن روسيا علّقت العمل بما يسمى «الخط الأحمر» مع إسرائيل، وهو خط اتصال أمني خاص بالتنسيق العسكري بينهما حول سورية، ويربط قاعدة حميميم العسكرية الروسية شمال غرب سورية، مع قيادة الأركان الإسرائيلية.
وكشف المصدر أن قيادة الجيش الإسرائيلي فشلت أخيراً في الاتصال بالخط الأحمر، الذي اتفق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على فتحه قبل عدة سنوات بهدف تفادي وقوع أي حوادث بين الطرفين وتجنب إصابة أي قوات أو معدات روسية خلال القصف الإسرائيلي في سورية.
وقال إنه بعد عدة محاولات فاشلة، طلبت إسرائيل توضيحاً من السفير الروسي لديها أناتولي فيكتوروف، الذي أبلغها أن الخط معطل لأسباب تقنية، مشيراً إلى أنه رغم تطمينات السفير الروسي الضمنية، بأنه لا قرار سياسياً أو أمنيا وراء إغلاق الخط، فإن الاتصال بين الجانبين مقطوع منذ أكثر من ثلاثة أسابيع.
وأضاف أن إسرائيل اضطرت لشن ضربتين داخل الأراضي السورية دون الرجوع لموسكو لإبلاغها كما كان يجري في السنوات الماضية، حيث كانت تل أبيب تبلغ الجيش الروسي بمواقع ضرباتها في سورية قبل عدة دقائق بما يسمح لموسكو بالتحرك ولا يؤثر على فعالية الهجمات.
وأكد المصدر أن الجهات الإسرائيلية بدأت تأخذ بالحسبان إمكانية أن يكون هناك رد روسي على هجماتها في سورية، أو حتى تعرض الطائرات الإسرائيلية المقاتلة لاستهداف روسي وهي في الأجواء، وبالفعل قام الجيش الإسرائيلي بتغيير بروتوكول الهجمات، وأصبح يتجنب القصف المباشر فوق الأراضي السورية ويقوم بالقصف من جهة البحر أو من الجولان، كما بدأ الطياريون الإسرائيليون اعتماد أساليب مراوغة، عبر إطلاق صواريخ وهمية لاستثارة المضادات الجوية السورية ومن ثم تنفيذ الهجوم.
وكانت تقارير غربية أشارت إلى أن روسيا سمحت لإيران بنشر منظومات مضادة للطائرات والصواريخ في سورية. وكشفت «الجريدة» قبل مدة عن خلاف روسي ـ إيراني حول ربط المنظومة الدفاعية الجوية الإيرانية داخل سورية بنظيرتها الروسية، وهو ما كانت موسكو لا تزال تعارضه قبل أسابيع، غير أن تطور العلاقات الأمنية والعسكرية بين البلدين يمضي بشكل متسارع، خصوصاً بعد التقارير عن قرب تسلم طهران مقاتلات «سو 35» الروسية الحديثة، وهو ما قد يدفع موسكو إلى التخلي عن حذرها.
وبينما أشار المصدر إلى أن الدافع وراء وقف التنسيق الأمني الروسي المحتمل مع تل أبيب قد يكون استياء موسكو من زيادة إسرائيل دعمها العسكري لأوكرانيا خصوصاً تزويدها بمعدات مضادة للمسيرات الانتحارية يمكنها تدمير الطائرات من دون طيار بالجو أو إسقاطها إلكترونياً، أو استجابة موسكو لمطالب إيران المزمنة بضرورة وقف التنسيق مع إسرائيل، تساءل مراقبون حول إمكانية وجود دور عربي وراء الموقف الروسي المستجد، خصوصاً بعد مشاركة الرئيس السوري بشار الأسد في القمة العربية التي عقدت في 19 الجاري بمدينة جدة السعودية، ومبادرة دول عربية وازنة في مقدمتها السعودية إلى تطبيع علاقاتها مع دمشق. وتحتفظ دول عربية عدة بعلاقة جيدة مع موسكو خصوصاً السعودية والإمارات اللتين تجمعهما بروسيا مصالح اقتصادية مهمة.
وكانت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أفادت بأن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أجرى مؤخراً تقييماً مع قادة الجيش الإسرائيلي، للأوضاع في سورية بعد الخطوات العربية، مضيفة أن التقدير الإسرائيلي يشير إلى أن عودة الأسد إلى العرب «تطور سيئ على المديين القصير والمتوسط، لأنها تجعل أي هجوم إسرائيلي عليه أقل شرعية». غير أن التقرير نفسه أكد أن إسرائيل بعثت رسائل واضحة إلى المجتمع الدولي مفادها أن التطبيع العربي مع سورية لن يمنعها من مواصلة القصف.
وقال غالانت، قبل أيام، إن عودة الأسد للحضن العربي «لن تعطي وكلاء إيران أي حصانة»، كاشفاً أنه ضاعف عدد الهجمات على إيران في سورية خلال عدة أشهر من توليه منصبه.
وفي سياق ذي صلة، ذكر موقع «أكسيوس» الأميركي أنه من المتوقع أن يصل وزير الشؤون الاستراتيجية ومستشار الأمن القومي في إسرائيل إلى واشنطن الأسبوع المقبل لإجراء محادثات في البيت الأبيض حول المخاوف الإسرائيلية من إيران ومحاولة تطبيع العلاقات مع السعودية.
إلى ذلك، أعلنت إيران أنها اختبرت، أمس، بنجاح صاروخاً بالستياً يصل مداه إلى ألفي كيلومتر «يصعب استهدافه» بسبب سرعته، في حين سعت إسرائيل إلى التخفيف من إثارة رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي احتمال «تحرك» ضد طهران بسبب برنامجها النووي.
وقال وزير الدفاع الإيراني محمد رضا آشتياني خلال حضوره التجربة إن «رسالتنا إلى أعداء إيران هي أننا سندافع عن البلاد وإنجازاتها. رسالتنا لأصدقائنا هي أننا نريد المساعدة في الاستقرار الإقليمي».
وبث التلفزيون الحكومي ما قال إنها لقطات لنسخة مطورة من الصاروخ البالستي خرمشهر 4 (خيبر)، بمدى يبلغ 2000 كيلومتر ويمكنه حمل رأس حربي وزنه 1500 كيلوغرام.
من جانبه، شدد مساعد وزير خارجية أذربيجان على أن بلاده لا تتدخل في صراعات الدول الأخرى ولا تسمح لإسرائيل بمهاجمة إيران من أراضيها.
وفي المقابل، قال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي إن التهديدات التي أطلقها قادة ومسؤولون عسكريون إسرائيليون ضد إيران و«حزب الله» اللبناني «لا تعني أن الجيش بصدد شن حرب على لبنان أو ضرب المنشآت النووية الإيرانية»، مضيفاً أن تصريحات هاليفي في مؤتمر هرتسليا «جاءت ضمن السياسة الإسرائيلية الأمنية العامة تجاه طهران».
وقالت صحف عبرية إن الشيكل تراجع بنسبة 1.6 في المئة مقابل الدولار عقب تصريحات رئيس هيئة الأركان.
إلى ذلك، وعشية وصول سلطان عمان هيثم بن طارق إلى طهران الأحد، أكد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان أن مفاوضات إحياء الاتفاق النووي مستمرة بصورة غير مباشرة عبر تبادل الرسائل بين الأطراف، مضيفاً أن هناك مساعي يقوم بها وزراء خارجية بعض الدول للتوصل إلى صيغة أولية لنص الاتفاق.
واعتبر عبداللهيان أن «الاتفاق النووي سواء كان جيداً أم سيئًا، يتضمن نقاط ضعف أو قوة، هو اليوم وثيقة دولية أمامنا، وطريقنا لإلغاء العقوبات».