تمكنت الأجهزة الأمنية، ممثلة في قطاع الأمن الجنائي، الإدارة العامة للمباحث الجنائية، إدارتَي البحث الجنائي، والبحث والتحري في محافظة حولي، بالتعاون والتنسيق مع الإدارة العامة للأدلة الجنائية، مساء أمس الأول، من العثور على جثة المفقود مبارك الرشيدي، الذي فُقد في كبد منذ 13 مارس الماضي، وعُثر على جثته داخل حاوية في منطقة بر السالمي، بعدما اعترف شريك المتهم الرئيسي في القضية، وهو وافد مصري، بمكان وجود الحاوية وبداخلها الجثة في منطقة بر السالمي.

وفي التفاصيل التي كشفت لغز الجريمة، قال مصدر أمني لـ «الجريدة» إن القصة بدأت عندما أمر نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية وزير الدفاع بالإنابة، الشيخ طلال الخالد، بتشكيل فريق أمني خاص لقضية اختفاء المواطن الرشيدي من رجال مباحث إدارتَي البحث الجنائي وإدارة مباحث محافظة حولي، والإدارة العامة للأدلة الجنائية في قطاع الأمن الجنائي، وكلف المباحث الجنائية، ووكيل وزارة الداخلية المساعد لشؤون الأمن الجنائي، اللواء حامد الدواس، بترؤس الفريق الذي ضمّ مساعد المدير العام للإدارة العامة للمباحث الجنائية لشؤون المحافظات، العميد وليد الفاضل، ومساعد المدير العام للإدارة العامة للمباحث الجنائية لشؤون الإدارة، العميد عبدالوهاب الوهيب، ومدير إدارة البحث الجنائي العميد عبدالوهاب البدر، ومدير إدارة مباحث محافظة حولي، العقيد جمال الفرج، والبحث في تفاصيل قصة الاختفاء، بعد أن مرّ عليها شهر تقريبا، ولم تتوصل الأجهزة الأمنية في محافظة الجهراء الى أيّ دليل مادي.

Ad

وقال المصدر إن أعضاء فريق البحث بدأوا بالعمل في تفاصيل القضية منذ البداية، وأخضعوا المتهم الرئيسي في القضية، وهو صديق المجني عليه لتحقيق موسع، أنكر فيه مجددا معرفته بمصير المفقود الرشيدي، وأصرّ على أنه لا يعلم أي شيء عن اختفائه، مشيرا الى أن أعضاء الفريق طلبوا من زملائهم بالإدارة العامة للأدلة الجنائية إخضاع الهاتف النقال للمتهم لعملية فحص تقنية عالية المستوى، وإظهار جميع الاتصالات الصادرة والواردة من الجهاز، ومن كل البرامج التي تتيح الاتصال واستقبال المكالمات.

مكالمة سريّة حلّت اللغز

وأضاف المصدر أن خبراء الإدارة العامة للأدلة الجنائية تمكّنوا من تحديد مكالمة لم تتعدّ الـ 20 ثانية بين المتهم الرئيسي ورقم هاتف مجهول أجريت عبر برنامج «واتساب»، ومن بعدها أغلق الهاتف الغريب، فبدأ رجال المباحث في التحري عن الرقم المجهول، حتى تمكّنوا من تحديد هوية مالكه، وهو وافد مصري غادر البلاد بعد اختفاء الرشيدي بـ 48 ساعة، لافتا الى أن أعضاء الفريق الأمني جمعوا كل المعلومات حول الوافد، والتي دلّت على أنه يرتبط بعلاقة وثيقة مع المتهم الرئيسي والمفقود الرشيدي، وكان يجلس معهما في مخيمهم بكبد.

وبعد جمع التحريات، أرسل أعضاء الفريق تلك البيانات الى نظرائهم في مصر، وطلبوا منهم ضبط المتهم، وحددوا لهم محلّ إقامته في إحدى المحافظات، وتمكّنت الأجهزة الأمنية المصرية من ضبطه بعد عدة أيام من وصول الطلب الكويتي، وأخطروا الجهات الأمنية الكويتية بوجود المتهم لديهم، فتوجّه أعضاء الفريق الأمني - على الفور - الى مصر، وأخضعوا الوافد المصري لتحقيق موسع اعترف خلاله بارتكاب الجريمة مع المتهم الرئيسي، وبعلم شقيق المتهم الرئيسي، وأرشد عن مكان وجود الجثة.

التخطيط منذ فبراير

وذكر المصدر أن المتهم المصري أبلغ أعضاء فريق البحث بأن المتهم الرئيسي والمجني عليه كانا في رحلة سياحية بالمغرب، ورجعا الى البلاد في نهاية شهر فبراير، وكان المتهم الرئيسي يُضمر الشر للمجني عليه، وأنه أبلغه بنيّته التخلص من المجني عليه بسبب خلافات وقعت بينهما أثناء وجودهما في المغرب، واعترف المتهم المصري كذلك بأن المتهم الرئيسي طلب منه إعداد خطة للتخلص من المجني عليه، على أن تبدأ الخطة بتعذيبه وتصويره بالفيديو، ومن ثم قتله وإخفاء جثته.

«الكونتينر» الذي عُثر بداخله على جثة المجني عليه

وأوضح أن المتهم اعترف بأنه وضع الخطة بالاتفاق مع المتهم الرئيسي، وطلب منه شراء «كونتينر» وقسمه الى نصفين، النصف الأول لفرشه وجعله ديوانية لإيهام المجني عليه، والجزء الآخر يتم تجهيزه كموقع للتعذيب، وقد اشترى المتهم الرئيسي بالفعل «الكونتينر» من وافد سوري وقسّمه الى قسمين، وجلب وافد آسيوي وجهز القسم الثاني بمعدات خاصة للتعذيب والتعليق وإعداد «قبر» بالقرب من «الكونتينر» لدفن المجني عليه بعد قتله، ووضع «صبّة كونكريتينة» على القبر، وعُشّ حمام على «الصبّة» لإخفاء معالم القبر، واتفق معه على وضع مخدّر للمجني عليه أثناء وجودهم في منطقة كبد، وعند فقدانه الوعي يتم نقله وتعذيبه داخل «الكونتينر» وتصويره ومن ثمّ قتله.

يوم الجريمة

ولفت المصدر الى أن المتهم المصري اعترف كذلك بأنه يوم الجريمة وأثناء وجوده مع المجني عليه والمتهم الرئيسي في منطقة كبد، وضع مخدّرا للمجني عليه داخل الشاي، وذهب الى دورة المياه، وعند عودته وجد المتهم الرئيسي قد أنهى حياة المجني عليه، بعد أن سدد له ضربة قوية بأداة حديدية على رأسه توفي على أثرها المجني عليه فورا، مشيرا الى أن المتهم الرئيسي طلب منه مساعدته في نقل الجثة الى «الكونتينر» الموجود في منطقة السالمي واتصل بشقيقه، وطلب منه الحضور الى كبد، لأنّه تخلّص من المجني عليه، وطلب منه الاحتفاظ بهاتفه النقال داخل منطقة كبد، حتى يتم تضليل الأجهزة الأمنية في حال اكتشاف الجريمة.

شقيق المتهم

وأضاف أن المتهم المصري اعترف كذلك بأن شقيق المتهم الرئيسي حضر بالفعل وشاهد جثّة المجني عليه، وأخذ هاتف المتهم الرئيسي وتوجّه الى منطقة الدراكيل، بينما توجه هو والمتهم الرئيسي حاملين الجثة الى منطقة بر السالمي، بعد أن أضرموا النار في الخيمة التي قُتل فيها المجني عليه في كبد، ومن ثم وضعوا الجثة داخل «الكونتينر»، وأحكموا إغلاقه، وطلب منه المتهم الرئيسي مغادرة البلاد في اليوم الثاني للجريمة، بعد أن زوده بـ 2000 دينار، وأبلغه بأنه سيرسل له مبالغ أخرى، بعد أن يتم الانتهاء من القضية وعدم اكتشافها.

وأشار إلى أن أعضاء الفريق الأمني، وبعد توثيق اعترافات المتهم، بحضور رجال الأمن المصريين، أخطروا زملاءهم في الكويت بموقع وجود «الكونتينر»، وتم العثور عليه بالفعل وعلى جثة المجني عليه بالداخل، بعد أن تحللت بشكل كبير، وقد تمكّن رجال المباحث من ضبط شقيق المتهم الرئيسي الذي اتُّهم بتضليل العدالة وإخفاء معالم جريمة وإخفاء هاتف شقيقه المتهم الرئيسي، والتجول به في منطقة نائية لتضليل الأجهزة الأمنية.

الخالد: تجار السموم ما راح يطوفون

توعد النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية وزير الدفاع بالوكالة طلال الخالد تجار المخدرات والسموم بأيمان مغلظة «أقسم بالله العظيم ما راح يطوفون»، معقبا: «أنا عود من حزمة وأطلب منكم يا أهل الكويت ان تعينونا».

وقال الخالد، خلال حضوره تشييع جثمان الفقيد مبارك الرشيدي في مقبرة الصليبيخات أمس: «الله يعيننا ويوفقنا لإنهاء آفة المخدرات من البلاد حفاظا على مجتمعنا وعيالنا وشبابنا وبناتنا الذين يعتبرون مستقبلنا، فهذولا عيالنا».

وأضاف: «لدينا رجال أمن يعملون ليلا ونهارا بهدف الحفاظ على امن الوطن المواطنين، وأقول لهم: اليوم كل مواطن خفير، ونسال الله أن يعين أهل الكويت للقضاء على آفة المخدرات وغيرها».

وفي معرض حديثه، أكد أن المرحوم مبارك الرشيدي «لا دخل له بهذا الموضوع الذي نتحدث فيه، ويجب ألا نخلط الأمور، فهذا الموضوع آفة على البلد وبإذن الله نخلص الناس منها»، مخاطبا الشعب: «نحن، بعد الله تعالى من لنا غيركم؟ أرضنا واحدة، وربنا واحد، والهواء الذي نتنفسه واحد، وأقول لأهل الكويت أبشروا بالخير».