في خضم السجال بين كييف وطهران حول دور المسيّرات الإيرانية في الحرب الدائرة في أوكرانيا، كشف مصدر رفيع بوزارة الدفاع الإيرانية، عن اكتمال بناء مصنع لإنتاج مسيّرات «شاهد 136» الإيرانية في روسيا، لافتاً إلى أن المصنع بدأ بالفعل إنتاج ما بين 5 و6 آلاف مسيّرة شهرياً.
ومن شأن هذه الخطوة تعزيز المخاوف الغربية والتحذيرات الأميركية المتتالية من أن روسيا وإيران تتجهان إلى تعميق علاقاتهما العسكرية؛ للوصول إلى «شراكة دفاعية كاملة» قد تخلق مزيداً من التحديات غير المتوقعة لواشنطن، التي تركز اهتمامها على المنافسة الاستراتيجية مع الصين، في حين يشهد العالم تغييرات جيوسياسة متسارعة.
وقال المصدر لـ «الجريدة»، إن المصنع، الذي اتفقت طهران وموسكو على إنشائه، لا يمكن اعتباره إيرانياً، لأنه مقام على أراضٍ روسية، وينتج مسيّرات روسية منسوخة عن نظيرتها الإيرانية.
وأوضح أن روسيا منحت وزارة الدفاع الإيرانية، التي كلفت الإشراف على بناء المنشأة، أرضاً بمساحة تزيد على مائتي هكتار في منطقة نائية شمال بحر قزوين قرب الحدود الشمالية الشرقية بين كازاخستان وروسيا، بعيداً عن جبهات القتال وأعين حلف الناتو.
وأكد أنه تم بناء مخازن ضخمة وحظائر ومساكن للعمال، موضحاً أن ما يصل إلى خمسة آلاف عامل إيراني، إضافة إلى عمال من دول آسيا الوسطى والصين يعملون إلى جانب الروس في المنشأة التي لن يقتصر إنتاجها على المسيّرات، بل سيشمل كذلك إنتاج صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، وهو ما يمكنه أن يغطي جزءاً كبيراً من حاجة روسيا المتزايدة إلى المسيّرات والصواريخ القصيرة ومتوسطة المدى، إذا استمرت حرب أوكرانيا التي أفرغت المخازن الروسية، وكذلك الغربية، من الذخائر.
وبحسب المصدر، فإن إحدى الميزات الرئيسية لهذا المصنع هي إمكانية إمداده بالأجهزة الإلكترونية اللازمة عبر سكة الحديد التي تربط الصين وكوريا الشمالية بروسيا، مشيراً إلى أن البدء في إنتاج الصواريخ متوقف على قدرة موسكو وطهران على تأمين بعض القطع والرقائق الإلكترونية، التي يمكن أن توفرها الصين نظراً إلى قدرة البلدين المحدودة على توفيرها.
وفي هذا السياق، لفت المصدر إلى أن خبراء صينيين شاركوا بالفعل في اجتماعات مع نظرائهم الروس والإيرانيين حول هذه النقطة بالتحديد، كاشفاً أن بكين لا تزال تبدي تردداً كبيراً للانخراط في المشروع، بسبب حساباتها الجيوسياسية الدقيقة.
جاء ذلك في حين اتهمت طهران أمس الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بترويج دعاية مناهضة لها، حينما طالبها بالتوقف عن إمداد روسيا بالطائرات المسيرة. وكان زيلينسكي دعا إيران في مقطع مصور الأربعاء الماضي إلى التوقف عن الانزلاق إلى «الجانب المظلم من التاريخ» المترتب على تزويدها موسكو بالمسيّرات.
وأضاف زيلينسكي أن «السؤال البسيط هو: ما مصلحتكم من المشاركة في الإرهاب الروسي؟»، مضيفاً أن «طائراتكم من طراز شاهد، التي ترهب أوكرانيا كل ليلة، لا تعني إلا أن الشعب الإيراني يُقاد إلى أعماق أكبر وأكبر في الجانب المظلم من التاريخ».
ونفت إيران في بادئ الأمر إمداد روسيا بمسيرات من طراز «شاهد»، لكنها قالت لاحقاً، إنها زوّدتها بعدد محدود منها قبل بدء الصراع الأوكراني. وتقول كييف إن المسيّرات تلعب دوراً رئيسياً في هجمات روسيا على المدن والبنية التحتية.
من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، أمس، إن «تكرار الرئيس الأوكراني للمزاعم الواهمة بحق الجمهورية الإسلامية الإيرانية يتماشى مع الدعاية المناهضة لإيران والحرب الإعلامية، بهدف الحصول على أكبر كم ممكن من الأسلحة والمساعدات من الدول الغربية»، مضيفاً أن أوكرانيا ترفض السماح بإجراء تحقيق مستقل في تلك المزاعم.
وعززت روسيا تعاونها العسكري مع إيران منذ بدأت غزوها الشامل لأوكرانيا في فبراير 2022، وأقرت باستخدام طائرات مسيّرة إيرانية الصنع، لكن موسكو تسعى الآن إلى تعزيز إنتاجها من تلك الطائرات.