هل انخفضت شعبية وهيبة الحكومة، ولماذا أصبح الهجوم على الحكومة وسيلة لإظهار البطولة، ولماذا تعجز الحكومة عن تمرير مشاريعها في المجلس، ولماذا تعجز عن إيقاف اقتراحات النواب التي تخالف برنامجها وخطة الدولة الصادرة بقانون؟

هذه تساؤلات تدور على ألسنة كثير من الناس، وفي كثير من الدواوين، ويستدلون بها على انخفاض قوة الحكومة وشعبيتها، ولا شك أن هذا الكلام المتداول لم يصل إلى هذا الانتشار إلا بناء على أسباب ومقدمات أهمها اكتشاف حالات خطيرة من الفساد بأسماء حكومية كبيرة، وظهور أخطاء فادحة في بعض مشاريعها مثل اهتراء الشوارع وتطاير الحصى، ولكن هناك من المراقبين من يتكلم أيضاً عن أسباب أخرى تتعلق بأسلوب عمل الحكومات الأخيرة منذ عقد من الزمن وحتى اليوم وعلاقتها بمجلس الأمة والمواطنين بشكل عام، ومن هذه الأسباب التي تتردد بين الناس وكثير من المراقبين والمتابعين:

Ad

• ظهور خلافات بعض أبناء الأسرة وشيوعها على الملأ، خصوصاً مع تبنيها من قبل بعض النواب واستخدامها في وسائل التواصل المسيئة التي تحارب الطرف الآخر، لا سيما إذا كان طرفاً مؤثراً وهذا التنازع لا شك أنه أضعف مواقف الحكومة.

• فشل الحكومة في الترويج لعملها والرد على إشاعات وانتقادات وسائل التواصل، وقناعة كثير من المراقبين أن الحكومة تجزع منها بل تنفذ مطالبات هذه الوسائل، كما لم تتخذ الحكومة أي إجراء تجاه الحسابات الوهمية المسيئة.

• عدم رد الحكومة على التطاول والإهانات التي تعرض لها الوزراء، خصوصاً من أبناء الأسرة من قبل بعض النواب في الجلسات وبعض وسائل الإعلام وخضوعها للصوت العالي.

• القبول بالتجاوزات الدستورية مثل الاستجوابات غير الدستورية وكذلك المخالفات للائحة وإحداث الفوضى في المجلس دون أن يكون للحكومة أي دور.

• موقف الحكومة من بعض رجال القضاء وانتشاره بين الناس لأول مرة في تاريخ الكويت بالرغم من أن هيبة القضاء من هيبة الحكم، وكان على الحكومة سلوك الطريق الدستوري والقانوني تجاه أي تهمة أو وشاية.

• سعت الحكومة الأخيرة إلى تشريع مكاسب لوزرائها بصرف معاشات تقاعدية استثنائية فلكية مدى الحياة (6 آلاف دينار) مما أدى إلى نقمة شعبية عارمة.

• لا تتمتع الحكومات الأخيرة بأي خبرات سابقة ولا لقدرات الإقناع للمجلس والشعب في القضايا المطروحة مما أدى إلى ضعف موقفها في المجلس، وهناك قناعة لدى الكثيرين أن الحكومة لا تأخذ برأي مستشاريها.

• التقاعد الإجباري الجماعي لمعظم قياديي الدولة ومنهم حديثو السن وحديثو العهد بالمنصب دون سبب معلن أو مدروس، ومنهم من عليه التزامات مادية مما أدى إلى امتعاض كثير من أسرهم.

• انحياز الحكومة لبعض أطراف الصراع في المجلس وإعراضها عن الذين وقفوا معها في الأزمات والاستجوابات، مما أدى إلى إضعاف هيبتها وإرسال رسالة لهؤلاء بعدم الوقوف مع الحكومة مستقبلاً، والأجدر هو الهجوم عليها مثل الآخرين لتحقيق المكاسب.

• لم يتقبل بعض الناس العفو الكريم الذي تم عن بعض المحكومين دون اعتذار أو تنفيذ، واعتبروه خضوعاً من الحكومة، وهناك من يسعى إلى الحصول على مناصب قيادية في الدولة رغم تطاوله السابق على الحكم وقوانين الدولة.

• موافقة الحكومة على قوانين وإجراءات مالية تناقض تصريحاتها عن الحالة المالية والوضع الاقتصادي للدولة بناء على ضغوط مجلسية وشعبوية مما انعكس على مصداقيتها وقوتها.

هذه معظم الانتقادات لأداء الحكومة التي سمعتها ونقلتها بأمانة، وأرى أن على الحكومة القادمة أن تأخذها على محمل الجد، فتضع لنفسها رؤية مستقبلية مدروسة، خصوصاً في الجوانب الاقتصادية والمالية، وأن تكون حكومة محايدة مستقلة عن أطراف الصراع أو التنافس، وألا تقبل بأي تجاوز للدستور واللائحة وسائر القوانين خصوصاً قوانين المال العام، وأن تبادر إلى قيادة البلاد وفقاً للمادة 123 من الدستور، وألا تتأثر بوسائل التواصل مهما علا صوتها وانتشارها إذا كانت تخالف خطة البلاد ومصلحتها، وأن تتخذ موقفا قانونياً حازماً منها، وأن تعمل على استقلال القضاء ومنع أي مساس به أو برجاله إلا وفقاً للقانون، وأن تستعين بالمخضرمين من الاقتصاديين والدستوريين الثقات لكي لا تقع في أخطاء جديدة، والله الموفق.